أحتاجك
إنّي أحتاجك الآن يا زنبقة روحي ، أحتاجك كلمة حلوة تسكن لساني فتكون تأشيرة عبور لي إلى قلوب الآخرين ، أحتاجك اضطرابا عنيفا يهزّني لأثور على مكان أحسّه يضيق بي ليقبرني، أحتاجك سكونا رهيبا يلبسني فأسدل بيني وبين نقيق هذه الأيّام ستارا سميكا،فأضاجع أحلامي الورديّة هنيئا سعيدا، أحتاجك نسمة هادئة بريئة عذراء عذريّة أمّ المسيح تميل عليّ فتوقظ فيّ إحساسا حرمته منذ أمس أمس أبكيه ساعة فيبكيني ساعة وساعة وساعة ، أحتاجك بحرا عميقا يغرقني بين موجاته الغاضبة أتمرّغ فيه طويلا فأحسّ أنّه يدغدغني ويداعبني فأحتضنه وأقبل زبده ،أشعر أنّ تلك الموجات دوحٌ يهدهدني فأنسى خوفا كان يغازلني وجرحا كان يعصرني وقدرا كان يُلاحقني وزمنا كان يهدّدني وماضيا كان يكفّنني وحاضرا كان يتوعّدني ومستقبلا أراه يحتقرني...، أحتاجك ألما يدبّ في جسدي دبيب النّمل يُململني ،يَخزني يشعرني بضعفي ، يعجزني فأذكر الله كثيرا وأستغفره طويلا ،فاسكنيني ألما لا أريد أن أشفى منه، إنّي أحتاجك طائرا تزدان به سمائي يرتشف شذا أزهاري فيطير عاليا إلى الكواكب الأخرى لأرى نفسي هناك في كلّ مكان ، إنّي أحتاجك مطرا خفيفا ينقر على نوافذ قلبي نقرا خفيفا موقّعا فيتناغم معه كلّ التّناغم فأرى الزّمن يتصاغر أمامي ،أحتاجك جناحين عظيمين يحلّقان بي في سماء النّفس الصّافية لا أرى فيها إلا المروءة فألبسها ولا أرى إلاّ الحبّ فأوشّح به قلبي ثمّ أعود لأمسح دمعة الثّكلى والفقير ومن ضلّ في هذه الدّنيا الطّريق:سأعلّم اليتامى أنّ الدّنيا لازالت بخير ،سأغنّي للمقهورين أغنية النّصر ،سأنتفض أمام المغتصبين سأكون مرآة تعكس لهم قلوبهم الصّدئة، إنّي أحتاجك شمعة مضيئة تسير أمامي وتأخذ بيدي فتشقّ بي دروبا كنت أخافها ، كنت أتخيّلها أفاعيَ ملتوية تريد أن تلتهمني ، فكن لي تلك الشّمعة التّي تنير لي كهوف نفسي المدلهمّة ،فأنا بعدك أجهل مملكتي قد أضعت بعد غيابك عنّي خريطتها ،إنّها غربة بعدك تلفّني لا أعرف لها وجهة ، إنّي أحتاجك إنسانا قد فاحت إنسانيته ، يراني فيرحمني ويشفق عليّ ، يغوص داخلي ويتقلّب فيّ كأنّه الموج الثّائر فأولد من جديد وقد طرحت عنّي ثوبي القديم بتاريخه القديم ،فأنا أريد أن أنفض كلّ شيء يذكّرني بالماضي إلاّ حبّك أنت فأريده أن يحفر فيّ عميقا عميقا فهيّا حبيبي تعال وارحمني وأعدك أن أكون هذه المرّة تلميذا لك ذكيّا.