ناموس الحياة،حياةٌ وموتٌ.وهذه مسألة حتمية لا تجوز بتاتاً فيها النسبية.
فالتّاريخ علَّمنا أنَّ حضاراتٍ شعَّ بريقها ثم أَفِلَتْ أفول البدر في وضح النهار.
وها هي الحضارة اليونانية اليوم لم يبق منها إلا الأطلال وما تركه الفلاسفة من نظريات.أما حقيقة اليونان اليوم فمحرجة وعلى شفا الإنهيار.
الناس اليوم ينظرون إلى أمريكا كأنها القوة التي لا تقهر.والعجيب في كل الحروب أن أي بلدٍ لا ينهزم بالقوة المُستعمرة،وإنما يُهزم بالخونة من داخله والذين هم ينتمون إليه.وهذا ما سيحدث لأمريكا يوما ما.فهي لن تُهزم من طرف قوة أخرى،ولكنها ستنهار من الداخل،كما فعلت الدابة بعصا سليمان.فأمريكا مجرد ولايات،وخليط هجين من الأمم المتباينة الديانات والعقائد والطقوس؛وهي مجرد لوبيات متوحشة وضارية تفترس الدول الضعيفة وتتسلط عليها بسياساتها الماكرة.
لكن،في يوم ما سيدِبُّ الإنشقاق والتباعد والإنشطار بين تلك الولايات كما حدث في روسيا،فأصبح كل حزبٍ بما لديهم فرحون.وهذا ما حدث كذلك للدولة الإسلامية في عهد المماليك.
إذن،فناموس الطبيعة لا يعْتاد الرتابة، بل هو دائما في تجدد وانتعاش وتغيير.وهذا الناموس لا يختص فقط بالإنسان والحيوان والنبات،ولكنما يتجاوزه إلى الكون برمته.ولعل انفجار الكون وانقراض الحياة عليه قبل ملايين السنين وخصوعه لموجة من الجليد دامت قرونا،لدلالة واضحة على أن الكون كذلك يخضع لناموس الطبيعة؛وهذا يدفعنا إلى الإعتقاد بأن نهاية العالم ستجدث في يوم ما،وسينهار الكون وتنقرض كل المخلوقات.
فأي مجتمع إلا والتغيير يسري في عروقه دون أن يدركه أحد بالعين المجردة.فهو مجموعة من الجزيئات يتداخل بعضها في البعض الآخر؛فتتكون لبنات وتُهدم أخرى بطريقة لا مرئية ولا هي في الحسبان.ومن ثم تزداد وتيرة تجمع تلك الجزئات كما يحدث للجسم حين يصاب بفيروس.فذلك الفيروس، يوما بعد يوم،تتولد عنها قوة إضافية في إيلام الجسم؛وإن لم يُعالج بمضادات حيوية،فالفيروس ينتشر انتشارا مهولا وتقع السكتة القلبية أو الجلطة الدماغية.
كذلك المجتمعات.فهي خاضعة لهذا التسلسل المنطقي للإنتقال من حالة إلى حالة أخرى سواء للأفضل أو للأسوأ.لكن المجتمع مترامي الأطراف ومتداخل اللبنات ولا يمكن بأي حال أن نحدد المرض الذي قد ينتشر فيه.لأن المجتمع لا يعرف نمطا واحدا من الفيروسات،وإنما هي أشكال متعددة تظهر هنا وهناك،وتفتك هنا وهناك،وفي النهاية يحدث الإنشطار وتُقلبُ الآية وتتغير الموازين.
والحكمة الدالة باليقين القاطع على ذلك هي أن كل شيء كيفما كان نوعه أو أصله إلا ويحمل تركيبا ثُنائيا في جوهره.فالإنسان مثلا جوهره ينقسم إلى قسمين هما الخير والشر،وهذا التركيبين هما دائما في حرب مستمرة.فحينا يتغلب هذا وحينا يتغلب الآخر،إلا أنه لا يستمر الغالب حتى موت الإنسان وإنما هناك تعاقب.
وهذا هو سر الحياة.فشباب وكهولة،وقوة وضعف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب مصطفى بلقائد.