على سبيل .. إعفني من التفاصيل
لا يعنيني في هذه الزاوية السفر ، لأن مشكلتي عامة لا ترتبط بزمان ، بين ضجيج السيارات وزحام الناس ، استغرب وجودهم مختبئين في أحد صناديق القمامة ، ولمّا كان من الشهامة يهمسُ في فكري ، أنت الدواء لألمي ، أنت في صلاتي ، أشتاقُ لبيتك !!
أرى الدموع تتلألأ في كلّ مكان ، وأشمُ رائحة الدم ، دم أحمر كغروب الشمس ، ينتقل خلسة وتحت جنح الظلام من صدرِ المُرضعة
تجتاحني الغربة ، لأهرول في صمتِ القبور ، وحذاء الأمّي والجاهل يعدو خلف السراب ، والجوع يمخر عباب بطون أطفالنا الجائعين ، يهلّلون من بعيد إذا أقبلت المنايا على مناشر الغسيل
لا جدوى فالمفاوضات لا تشمل مستقبل القفزة الأولى المليئة بالإرهاصات والمخاضات ، والأعمال البطولية والمبادرات الانتحارية
أنا لستُ رجعياً متزمتاً ، ولا دكتاتورياً متطرفاً ، أعيش في زمن العبيد كما يخال إلى ذهنكم ، أعشقُ كلّ جديد ، وأواكب الحركات السياسية والثقافية والأدبية ، أحزن على غسان كنفاني ، وأشاطر الأديبة الهندية كمالا ثريا في الحقيقة لن تموت ، لقد حزنت أشد الحزن على حنظلة ، وتألمت أشد الألم لِما أصاب فيروز ، ومن قبلها الأخوين رحباني
وحق السماء أخالني مختبئ بين أرجل الطاولات !!
لستُ سوداوياً أو مترفعاً أو درويشاً أو مريض نفسي ، أبحثُ عن علاج ، عن مباهج وكنوز الدنيا ومسرّاتها ، فما زلتُ أحنُّ إلى خبز أمّي ، أحنُّ إلى الدفء المنزلي ، وأعشقُ المرح
هذه اللحظات بلا ثمن وقد نفقدهم في دروب جراحات قلبي الحزين
أشتاق إلى السوق والقفز فوق السور ، أن أشتري جرساً صغيراً في كلّ عيد ، وألبس ثياباً جديدة ، وألعق الأيس كريم ، وأقترفُ ذنباً جديداً في كلّ مرحلة
ولكن من أين ليّ ذلك ؟ !
من أموالِ بنكٍ في سويسرا أم من ميزانية أوبيك ؟ .