مجلة نجوم الأدب و الشعر
مجلة نجوم الأدب و الشعر
مجلة نجوم الأدب و الشعر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجلة نجوم الأدب و الشعر

أدبي ثقافي فني إخباري
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المركز التاسع مكرر احلام كنسي ... تونس عن قصتها يوميات ميت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر




المركز التاسع مكرر احلام كنسي ... تونس عن قصتها يوميات ميت  Empty
مُساهمةموضوع: المركز التاسع مكرر احلام كنسي ... تونس عن قصتها يوميات ميت    المركز التاسع مكرر احلام كنسي ... تونس عن قصتها يوميات ميت  I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2015 1:53 pm

المركز التاسع مكرر احلام كنسي ... تونس عن قصتها يوميات ميت
يوميات ميت
آه كم أكرهُ الليل..تكثر به ثرثرتي ...سكونه يُؤرقني وسواده يخيفني..حين أتمدد على فراشي وبجانبي زوجتي أشعر بأن ذاك الظل لا يخصنِي وتلك المرأة الباهتة ليست لي...نعم ليست لي .. لم أدقق للآن بملامحها ولا بلون عينيها حتّى...كنت آمل حياة أخرى وزوجة أخرى جميلة ،أنيقة ،مثقفة ورومانسية...تكتب الشعر وتقرأ جنون الفلاسفة ..تسمع موسيقى هادئة وتدعوني لحضور "أوبرا"..حلمت ببيتٍ فخمٍ وقناديلَ مضاءة وزرابي مفروشة تغطي كل الأرضية و حمام رخامي...نعم أستحق هذا.. لكن الظروف قتلتني وجردتني من كل شيء..أنا ضحية الزمن الخطأ ومعضلة الحاجة ..أتيت للعالم ونُسبتُ لعائلة كل مطمحها الحصول على لقيمات تسكتُ بطون أولادهم الجياع...رغم ذلك كسرت حدود توقعاتهم وتكبدت عناء الطريق الوعرة ..وتجرعت من زملائي نظرات الشفقة دهاقًا وتعلمت وحصلت على شهادة ...هي معلقة الآن على جدار بيتي المهترئ ...كي تذكرني بمكانتي في هذا الوطن...آه من الوطن لن أتحدث عنه لأني لا أشعر بانتمائي له ...لولا توسلات أبي الذي يعمل كمنظف باحدى الفروع البنكية لمدير البنك لمَ أدخلني كعامل بسيطٍ هناك؟...كنت أراه يحمل الأكياس الى منزلِ المُدير ، وكنتُ أتبعُهُ لأتدرَّبَ على وظيفتي الجديدة، وكنتُ أشاهدُ أطفالَ المدير المشاغبين يدُورون حولَهُ، ويعبثون بأعبائِهِ، فيتداعى جسمُه النحيلُ للسُّقوط تحتَ وطأة أحماله.. أظلُّ صامتًا، أزمجرُ عُمقًا، ولا أنبسُ ببنتِ شَفةٍ... كمْ أنا جبان.. كنت أعلم أن والدي يرتضي الذلَّ لأجلي، ولكني أتضورُ قهرًا، وأتضرَّع إلى الله أن يُوفقَ في مسعاه.... رائعات هن الحريفات وبعض العاملات بالبنك...تمنيت لو حُظيتُ باحداهنَّ ..لكنَّ أنَّى لي بذلك، ومرتبي الأول لا يكادُ يفي باقتناء قنينة عطر من تلك العطور التي تزكمُ أنفي كلما مرَّتْ إحداهن أمامي ؟.. رحمك الله يا أبي، هذا ما أورثتنِي اياه ؟؟...ما كنتُ لأرضى بنصيب كهذا لولا الحاجة ووعدي لك بمواصلة دربك. حتى أمي المسكينة، فهي لا تزالُ تردِّد نفس الإسطوانة طول الوقت: "تزوجوا فقراءَ يُغنكمُ اللهُ"، بالرغم أنها تعلمُ أن الظروف تغيَّرتْ وأنها اشترطتْ على زوج أختي ما ينوءُ بحِمْلهِ أغنى أغنياء البلدة..وهي تعلمُ أيضا أنها المعدمة التي تزوَّجتْ أبي المُعدمَ، وعاشا حتى مات وهما على ذاتِ الضَّنكِ.. اختارت لي ابنة أختها، وظلت تمدح خصالها صباحَ مساءٍ ... لا مفرَّ لي وقد وعدتُ المرحوم أيضا ألا أغضبها.. رضخت للأمر وتزوجت بنت الخالة... لا أحبُّها ولستُ راضٍ عنها، غير أن بصيصًا من الأمل كان يحدوني أن أشكلها كما أريد... غبي أنا، لأني ظننت بأني سأنحت منها أيقونة ... اصطبرت على بلائي وبنيت أحلاما... وانتظرت !!!... أخجل أحيانا من نفسي لأني لم أسعدْها... أعاتبُني مرارًا، ثم ألعنُ شيطاني وأركن ... متى تسعفني الحياة بفرصة أخرى؟؟؟... هو الليل سبب تعاستي... يُميطُ الأستارَ على احباطاتي ومضاميرَ عجزي... يفتح أمامي أبوابَ الأمل ما إن أعيدُ تفكيك مُخططي الناجز لاقتراف ما أزمعُهُ: - ترى، ماذا يُضرُّ لو سرقت بعض المال من البنك وشاركت به في البورصة ؟؟.. قدراتي الذهنية وذكائي يسمحون لي بربح أكيدٍ سيتضاعف رأسُ المال، ثم سأعيدُ المبلغ دون علم أحد.. كنت أعلمُ أن عملية الجرْدِ والتدقيق تتمُّ كل آخر أسبوع.. يااااه .. أخيرا سأتخلص من فقري ومن تلك المرأة التي اضطرتني الظروفُ وبرُّ الوالدين إلى تناول الطعام معها ومقاسمتها فراشي وأنفاسي... سأغيرها بلبُوس يناسبُ الأنا المُترَفِ، الأنيق،المثقف، وصاحب الملايين ... حقنتُ ضميري بمنوم ونفَّذتُ... نار تحرقني وكوابيسٌ تطاردني.. صراخ زوجتي يُوبخُني.. لم أشعر بالراحة ولا بالطمأنينة... لم أتصور أنْ تتراجع أسْهُمًا كنتُ اقتنيتها عن دراية بوضعية الشركة الصناعية ماليًا وتجاريًا، نزل الخبرُ عليَّ كالصاعقة.. رأيتُ السَّجان وهو يدفعُني الى غيهب السجن، ثم يُغلقُ ورائي أبوابَ مُزنجَرَة ... ساورني الجُبْنُ قبل افتضاح أمري في البنك وعلى الملإ.. ما عادت لي القدرة على رفع رأسي والنظر في وجوه الناس... تذكرتُ أبي وصبره على هموم الدنيا.. وارتسمت بمخيلتي صورة أمي وهي تدفعُ ببراءتي من كل الذنوب بالقول أنها لم تنجب إلا أسوياء الأخلاق .. اضطرني الموقف المخزي أن أظل مخبوءًا في المنزل... ولأول مرة أدققُ النظر في عيون زوجتي... كانت سوداءَ ذات رموش طويلة.. لمحتُ خوفها عليَّ، وحبَّها لي ... لم أدرك هذا الفيض من الحبِّ الا بعد فوات الأوان. كاد الباب الخارجي أن ينخلعَ تحت وابل من الضرب عليه.. انتهيت... أتى من سيجهزُ على بقايا الحلم.. سيقبضون علي... دقات قلبي تضاعفت مع كل طرق على الباب... أشعر بالاختناق.. أنفاسي تتقطع ... أتعرق بقوة، فيبتلُّ جسدي المتداعي .. فرائصي ترتعد ... دخلوا فلم يجدوا سوى جثة هامدة... تفوقتُ على الظروف هذه المرة، وسبقتهم فتحرَّرَتْ روحي من قفصي... ما آلمَني فقط هيَ زوجتي.. فهي من كانت تعاني من نرجسيتي العمياء، وتكبُّري الأحمق.. ورُغمَ ذلك، لم تجف دموعها بسبب فراقي.. حافظت على ذكرانا، ورعتْ أولادي من بعدي، ثم واظبت على زيارتي في كل يوم جمعة، تعطي المال "للمُقْرئ" كي يتلوَ القرآن على قبْري.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المركز التاسع مكرر احلام كنسي ... تونس عن قصتها يوميات ميت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مجلة نجوم الأدب و الشعر :: إرشيف آسمهان الفالح-
انتقل الى: