لا تذكرى الأمْسَ إنـّى عِشْتُ أخفِيه
إنْ يَغفِر القلبُ. جُرحِى مَنْ يُدَاويهِ
قلبى وعينَاكِ والأيَامُ بَينَهُمَا
دَربٌ طويلٌ تعبْـَا مِنَ مَآسِيهِ
إنْ يَخفِق القَلبُ كَيْفَ العُمْرُ نُرجعُهُ
كُلُّ الَّذى مَاتَ فينَا. كَيْفَ نُحْييهِ
الشَّوقُ دَرْبٌ طويلٌ عشْتُ أسْلُكهُ
ثـُمَّ انتَهَى الدَّربُ وارْتاحَتْ أغَانِيه
جئننا إلَى الدَّرْبِ والأفـرَاحُ تحْمِلـُنَا
واليَوْمَ عُدْنَا بنَهر الدَّمْع نَرْثيه
مَازلتُ أعْرفُ أنَّ الشَّوْقَ مَعْصِيتى
وَالعشْقُ والله ذنبٌ لسـْتُ أخفيه
قـَلـْبى الـَّذِى لـَمْ يَزَلْ طِفـْلا يُعَاتبنى
كيْفَ انـْقـَضَى العِيد. وانـْفـَضَّتْ لـَيَالِيهِ
يَا فرْحة لـَمْ تزَلْ كالطـَّيفِ تـُسْكرنِى
كيـْفَ انتهَى الحُلمُ بالأحْزَان والتـِّيهِ
حَتـَّى إذا ما انقـَضَى كالعِيدِ سَامرُنـَا
عُدْنا إلـَى الحُزْن يُدْمينا. وندْمِيهِ
مَا زَالَ ثـَوْبُ المُنى بـِالضَّوْءِ يَخْدَعُنِـى
قدْ يُصْبحُ الكهْـلُ طِفلا فِى أمَانِيهِ
أشتاقُ فِى الليل عطـْرًا مِنكِ يَبْعَثـُنِى
ولتـَسْألِى العِطـْرَ كيْفَ البُعْد يُشقِيهِ
ولتسْألِى الليْلَ هَلْ نامَتْ جَوانِحُهُ
مَا عَادَ يَغـْفـُو وَدَمْعِى فِى مآقِيهِ
يَا فارسَ العِشْق هَلْ فِى الحُبِّ مَغـْفـِرَة
حَطـَّمتَ صَرْحَ الهَوَى والآنَ تـَبْكِيـهِ
الحُبُّ كالعُمْر يَسْرى فِى جَوانِحِنا
حَتى إذَا مَا مَضَى. لا شَىْءَ يُبْقِيهِ
عاتبْتُ قـَلبى كـَثيرًا كيْفَ تذكرهَا
وعُمْرُكَ الغَضُّ بيْنَ اليَأس تلـْقيهِ
فِى كلِّ يَوْم تعيدُ الأمْسَ فى ملل
قدْ يَبْرأ الجُرْحُ. والتذكارُ يحْييهِ
إنْ ترجعِى العُمْرَ هَذا القـَلبُ أعْرفهُ
مَازلتِ والله نبْضـًا حائرًا فيهِ.
أشْتاقُ ذنـْبى ففِى عَيْنيكِ مَغـْفِرتِى
يَا ذنبَ عُمْرى. ويَا أنـْقـَى ليَاليهِ
مَاذا يُفيدُ الأسَى أدْمَنـْتُ مَعْصِيَتِى
لا الصَّفـْحُ يُجْدِى. وَلا الغـُفـْرَانُ أبْغِيهِ
إنـِّى أرَى العُمْرَ فى عَيْنَيـكِ مَغـْفـِرَة
قـَدْ ضَلَّ قلـْبِى فـَقـُولِى. كـَيْفَ أهْدِيهِ؟