مجلة نجوم الأدب و الشعر
مجلة نجوم الأدب و الشعر
مجلة نجوم الأدب و الشعر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجلة نجوم الأدب و الشعر

أدبي ثقافي فني إخباري
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الموت الأخضر...بقلم الكاتبة مني الصراف _ مجلة نجوم الأدب والشعر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سوزان عبدالقادر




عدد المساهمات : 11030
تاريخ التسجيل : 12/09/2015

الموت الأخضر...بقلم الكاتبة مني الصراف _ مجلة نجوم الأدب والشعر Empty
مُساهمةموضوع: الموت الأخضر...بقلم الكاتبة مني الصراف _ مجلة نجوم الأدب والشعر   الموت الأخضر...بقلم الكاتبة مني الصراف _ مجلة نجوم الأدب والشعر I_icon_minitimeالجمعة يونيو 17, 2016 10:02 am



الموت الاخضر

صراع بين الوجود وعدمه وبين المرئي واللامرئي واناس اخرين يلتزمون الصمت بفوضى ازدحمت بها المدينة والكثير ممن فضل ركوب الموج ليتسكع بطرقها الضحلة ، لقتل كل اخضرار فيه الحرية نواتها .
بالرغم من الاختلاف الفكري بينهما كان الغريب هو هذا الوئام الذي يجمعهما والاغرب من هذا ان الاثنين كانا مطلوبين من السلطة الحاكمة في بلدهما ، وطريق طويل سارا به معا للوصول الى حدوده الغربية للنجاة بحياتهما .. كان شابا في الخامسة والعشرين من عمره ، وسيما ، انيقا ، مثقفا كانه كتاب يدور في الفضاء اسمه احمد .. والاخر في السابعة والثلاثون من عمره طويل القامة اسمر البشرة ولحية بذقن لم تفارق وجهه منذ سبع سنين كان يدعى عليا ، فكره مكتبة متنقلة بين الشرق والغرب والشمال والجنوب كلما غار في داخله يجد الاخرين دائما حاضرين وان غار بهم وجد نفسه .. قليل ماكان يغادر الدار او يطل حتى من نافذة منزله دائم القراءة محب للكتب استطاع ان ينفد الى السماء وعرف في النهاية ان الله ضوء ساطع ينتشر على الكون لكنه الى الان لم يستطع ان يعرف وليد من هذا السطوع ! .
كانت رحلة طويلة في الليل والنهار وحديث وارهاصات فكرية تجمعهما كلما ارادا الاستراحة قليلا وغذاء من التمر وبعض رقائق الخبز اليابس . قال علي لصديقة احمد :
- هل تعلم اننا نسير وحياتنا مقدرة
ابتسم احمد له واشرق وجه لحوار قد يقتل هذا الوقت والخوف الذي كان مصاحبا لهما طوال هذه الرحلة ورد عليه
- ان قدر الله افعالي عليه اذن عدم محاسبتي !
كان معتادا على فلسفته في الوجود وانغماسه فيها . اجابه
- ان الحرية تعبير حقيقي عن الوجود الذي يضحي الانسان من اجلها
- اذن الوجودية هي فلسفة الحرية التامة في التفكير دون قيود رد عليه بحروف خرجت من بين صرير اسنانه
- الى الان انت تعتقد اننا نقتات من الاوهام !
- لا .. لكني مازلت ابحث ، ان الوجود الذي اراه لا يراه غيري
مد علي يده على مكان المخ في رأس احمد
- الحقيقة الثابتة هي وجود الله صديقي لاتنسَ ان الحلم هو الغطاء الوحيد .. عن الوجود والعدم .. وبين النفي والاثبات .
اجابه بكل ثقة
- انا ادافع عن الحياة قبل الدخول في متاهات القيامة ونفيها فهي لا تعنيني ولا اريد اثباتها
- لكن الحكماء استطاعوا الغور والوصول الى الاثبات
ابتسم له وهو يردد : نعم لكن احكم الحكماء لم يستطيعوا الغور في غربتهم واكتشافها
- لا ابدا انك مخطىء ان الحكيم عالم ويرتدي رداءً من قماش خشن يخفي ماهو الثمين داخله
وقف على قدميه وطالب صديقة السير من جديد والاخر لا يريد السكوت دون تكملة هذا الجدال
- لو نتخلص من الحكمة والحكماء والفطنة سيصبح الناس في احسن حال ! وترك الجدال مع اؤلئك الذين يجادلون بدون حكمة ..
لم يشعر الا بصفعة على قفى رقبته شقت هدوء المكان
- اذن اصمت وسر ايها المتحذلق من ذاك الذي يجادل بدون حكمة !؟
ضحك احمد منه وقال له
- هل تعلم انك كمن يحمل الانجيل بيد والفكر اليساري بيد وقلبك ذهب الى الاسلام ! وكان هذا سبب كافي لكي يشي جارك المتأسلم حديثا الى رئيس تنطيمه الحزبي وتهدد بالقتل ..
رد عليه بغضب
- لا تبا لهم ان استطاعوا الغور في ذاتي ومعرفة ماهيته ، لكنه انت هو السبب ايها الملحد وتلك الصداقة التي تربطني بك !!
ضحك الاثنان من تلك السخرية التي جمعتهما معا ..
دخلا حقل لسنابل حنطة كان الوقت ليلا وصمت المكان لا يشقة سوى صوت خطى اقدامهما على اغصان السنابل ولم يتبقَ سوى بضعة عشرات الامتار للوصول الى ضفة الامان . وفي لحظة سرقت من زمنهما قفز ارنب امامهما كان يهرب من شيء ما ، قفزا الاثنان من شدة الخوف من مكانهما وكاد نبض قلبيهما يتوقف .. اراد احمد التخفيف على صديقة الكبير وادخاله بجدال اخر ينسيه الذي حدث
- لاتخف علي فلا شيء يتحرك بدون سبب كما هو هذا الارنب لاشيء يتحرك من تلقاء نفسه دائما هناك اسباب ..
- وهل تعلم انني مت قبل الان قالها علي بأسى كبير وصوت به شجون .. صدقني يا احمد انا مت ولم يكن حلما والان انا امضي الى ما لا اعرفه !
- هه .. وان مت ؟ ستكون كما هي هذه البذور التي تموت لتخضر من جديد .. ففي موتك ولادة
- نعم حقا ان كل شيء يعود الى اصله الذي صدر عنه وهذا هو النمط الابدي .. العودة الى الهدوء والسكينة .. وأن اختفى الجسد في خضم محيط الوجود سيكون بعيدا عن كل أذى .
ما ان اكمل جملته الاخيرة حتى اخترق جمجمته طلق ناري لقناص في برج كان يراقب حدودا لم يخرج منها احد يسير على قدميه ، رصاصة كانت قريبة جدا من اذن احمد شعر بحرارتها عند المرور حركت خصلات شعره وطنين في الاذن اصابها بالخرم ولحظات سكون وهدوء وسكينة . سقط على الارض امتزجت دماؤه باغصان السنابل وحنطتها الخضراء . اصابت احمد الصدمة والذهول تسمرت قدماه .. عرف ان القناص لم يشاهده هو بل شاهد صديقه طويل القامة .. حاول ان يهرب من المكان بسرعة ودموع تتساقط اسرع من تلك الرصاصة التي اخترقت رأس صديقه .. عبر الحد الفاصل بين البلدين شعر بالامان ادرك لاول مرة في حياته .. ان كل شيء قابل للتغير ، الفكر ، العقائد ، القناعات ، القدوة ، الرموز .. وكلها لاتستحق ان يضحي الانسان بحياته من اجلها .. فحياة ذلك الصديق كانت عنده أغلى بكثير من كل هذا الهراء ..

منى الصراف / بغداد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموت الأخضر...بقلم الكاتبة مني الصراف _ مجلة نجوم الأدب والشعر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مجلة نجوم الأدب و الشعر :: ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻱ سوزان عبدالقادر-
انتقل الى: