مجلة نجوم الأدب و الشعر
مجلة نجوم الأدب و الشعر
مجلة نجوم الأدب و الشعر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجلة نجوم الأدب و الشعر

أدبي ثقافي فني إخباري
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المزكز الأول قصة قصيرة قصة المتشرد 48 درجة للكاتب عبد اللطيف ديدوش / المغرب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سوزان عبدالقادر




عدد المساهمات : 11030
تاريخ التسجيل : 12/09/2015

المزكز الأول  قصة قصيرة قصة المتشرد 48 درجة  للكاتب عبد اللطيف ديدوش / المغرب Empty
مُساهمةموضوع: المزكز الأول قصة قصيرة قصة المتشرد 48 درجة للكاتب عبد اللطيف ديدوش / المغرب   المزكز الأول  قصة قصيرة قصة المتشرد 48 درجة  للكاتب عبد اللطيف ديدوش / المغرب I_icon_minitimeالجمعة يوليو 22, 2016 6:43 am

لا أحد في هذه المدينة الصغيرة التي يعولها المحيط الأزرق و تعبث بها الرياح ، كان يعرف له أصلا أو اسما أو عنوانا أو مأوى ...كأنه خرج من باطن الأرض أو انشق عنه السديم في المكان والزمان ، البعض يخاف من هيأته و البعض يشمئز من صورته ...والكثيرون يعتقدون أنه كائن ممسوس وصاحب كرامات ...رجل أشعت أغبر عاصب الجبين يرتدي الأسمال و نعلا من المطاط ، تفوح منه رائحة الميناء كقارب صيد ، على ظهره سلة صغيرة من تلك السلال التي يعبئ بها الصيادون سمك السردين من عنابر السفن ... يسير بين الأزقة و الحواري غير مبال بأحد ، غير مستجد و لا مستكين ، يخطو في مساره بخطى حثيثة كأنه على موعد غرامي أو كمن نذر نذرا، يصادف أحيانا أن يعطف عليه مترف أو عابر سبيل ببعض الدريهمات ؛ فتأبى يداه أن تكون السفلى ، حتى إذا دسوها في سلته خلسة ؛ قام بنثرها على الفور فوق الاسفلت وداسها بنعليه باحتقار و أنفة ثم بصق عليها متمتما بما يشبه السباب...حين يشتد به الجوع يعرج على باعة الخبز في حي الخبازين ليأخذ من أحدهم خبزا بتلقائية و مشاعية؛ فيسعد بذلك البائع مستبشرا طيلة اليوم ببركته وكرامته وكله يقين أن بضاعته ستنفذ و تباع قبل الغسق ، تاركا الباعة الآخرين في حالة غبطة منه وحسد...حتى الأطفال الذين عادة ما يستفزون المشردين والمجانين و ينغصون عليهم طقوس الوحدة والدروشة بالرجم و الصياح فيهم ، كانوا يتحاشونه و يرهبونه لما يظهر عليه من بأس و زهد في ملذات و مغريات حياة المدينة...نظراته السوداء القاسية الجاحظة و يداه التي تخمش من يلامسها ، كانت تعطي الانطباع على أنه رجل صلب مثير للدهشة والغرابة ولا تجرئ عليه أحدا...يمشي في سبيله دون أن ينبس بكلمة ودون أن يفاجئ المارة بحركة غير محسوبة أو متهورة ، عاقل أكثر من أصحاب الثياب الأنيقة والروائح الزكية، لايبدوا عليه التعب و لا الجوع و لا يقرسه البرد شتاء و لا يلفحه الحر صيفا ، لا تكاد ترى له ابتسامة إلا حين يرقب أجنحة السماء أو يقف بخشوع راهب بودي أمام البحر ، لذلك تراه يسرع كل يوم بشكل موقوت إلى رصيف الميناء ، ما أن يقترب من إحدى سفن الصيد حتى يملأ صياد ما سلته بأسماك السردين الطازج حديث الخروج من الماء الأجاج...كم يكون سعيدا بذلك فيعود أدراجه إلى ساحة من ساحات المدينة ، يتوسط باحتها ، و يبدأ في مراسيم طقسه الصوفي و الوجودي ، يزعق زعيقا كأنه النداء ، فيلفت فضول الأهالي والأجانب العابرة والجالسة في المقاهي والحواشي... ينتظر الكل و يراقب هذا الساحر الطارئ على الزمان والمكان ، الذي يصوت بأصوات أشبه بصوت السُّنَار ...ما هي إلا لحظات حتى ترى السماء حوله مغطاة بأجنحة النوارس تلبي دعوته وتأتيه من كل جانب ، تتراقص فوق رأسه و تقاسمه نشوته ؛ فيرحب بها أيما ترحيب و يمد يديه إلى سلته ليرمي إليها بأسماك السردين في كل اتجاه كفلاح ينثر البذور؛ هكذا يبدأ مهرجان وليمة النوارس ، بكرم حاتمي ...منظر سريالي تلتقطه بنهم صور السياح والقلوب والأعين ودهشة الأطفال ، لحظة لا ينساها من رآها أو من صادفها في طريقه وتجواله ...حين يفرغ سلته و يرى عياله قد ابتلعت و شبعت ...يصدر نفس الزعيق مرات عديدة إلى نوارسه الفضية والرمادية بأن تعود إلى فضائها وساحلها ...و بطاعة عمياء تغادر بعد أن تبزق على الجميع و تستثني من إغارتها " أبو النوارس" الذي يبدو وسط الساحة كمايسترو يسير جوقة من الأجنحة الرفافة ، منهيا سمفونيته بزعقة أخيرة تنقشع عنها سماء صافية لا يشوبها جناح أو سحاب ...تلك كانت عادته اليومية وذلك كان نذره الخاص في هذه الحياة ، لا يخلف ميعاده ولا يعجزه جو ماطر أو عاصف ...وحتى عندما يشح و يبخل البحر يدعوها و يطعمها الخبز المبلل بالماء ...استمرطقس المتشرد النبيل و نوارسه لبضع سنين ، طبع فيها ذاكرة الأهالي والزوار بإثاره ، وذاع صيت شطحه حتى صارحديث القاصي والداني... ذات عشية ترقب الناس كما العادة ظهوره فلم يظهر ...حامت النوارس حول المكان ،وقفت على السطوح ترهف السمع لزعقة من زعقاته فلم تسمع صوتا ولا نبرا ... مرت أيام و أسابيع ، انقطع خبره و ضاع أثره ، نسيه الناس كأنما لم يكن يوما ، لا أحد اهتم بغياب رجل نكرة فضلة ، لا أحد تكلف العناء في السؤال عنه إن كان حيا أو ميتا ، انصرف الجميع إلى مآربهم و عوضوا بشطحات طابور آخر من الدراويش و المشردين ، بتوالي الأيام سلم الجميع برحيله نحو وجهة ما تباعا لمزاجه وجموحه...
غير بعيد عن المدينة الوديعة الهادئة، ساق أحد الرعاة قطعانه إلى أطراف الغابة المتاخمة للبحر لينتعش برطوبة الساحل هربا من القيظ ... بينما كان يمشي و يحث الماشية على التقدم إلى الأمام، اشتم كلبه رائحة كريهة على تلة ؛ فتبعه مهرولا دون أن يغفل عن رعيته ، كلما اقترب أزكمت النتانة أنفه ، ظنها في البداية لجيفة من جيف الغابة أو مطرح أزبال ...لكن الكلب استرسل في نباحه مزعجا المكان مثيرا الانتباه...شق الراعي بفضول سبيلا بين الأحراش حيث مصدر النباح ، ليصدم بوجود جثة مسجاة فوق أسمال وقطع من الكارطون تظللها غصون عشوائية لشجيرات نمت على الكثبان الرملية...انتهى الخبر إلى الناس و التقطه أمن المدينة من الأفواه و الهمس ، أسرعت إلى عين المكان كل العيون والأيدي والنياشين، نقلوه إلى الطب الشرعي في المشفى ثم أودعوه  الثلاجة بعد أن تبين أن الموت طبيعي وليست هناك من علامة في الجثمان تثير الريبة أو تدعو للتحقيق ...لم يفتقده عمدة ولا فضلة ، لا قريب ولا حبيب ...بعد مدة شيعت جنازة الراحل الغامض قبيل الغروب في آلة حدباء دونما موكب و دونما عويل ، و بسرعة بالغة حفروا له حفرة في المقبرة ، رموه فيها و هالوا عليها التراب ورصوا الحجارة كمن يتخلص من عبء ثقيل ... نامت المدينة  وأغلقت الأبواب و النوافذ على لغو كثير وقيل وقال ...وحدها النوارس من تركت الميناء والشاطئ تلك الليلة واجتاحت ظلام المقبرة لتقيم عليه سرادق العزاء في الهواء بالرفيف و الزعيق... نحيب هي حتى مطلع الفجر…
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المزكز الأول قصة قصيرة قصة المتشرد 48 درجة للكاتب عبد اللطيف ديدوش / المغرب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المركز الثاني قصة ومضة بمسابقة مجلة نجوم الأدب والشعر لشهر فبراير 2016...ومضة رهان 37.5 درجة للكاتب عبد اللطيف ديدوش / المغرب
» المركز الأول القصة القصيرة جدا قصة منسوب 46.5 درجة للكاتب محمد خالدي/ المغرب
» المركز الخامس مكرر قصة قصيرة جدا قصة زنيم 35 درجة للكاتب المصطفي الصغوسي / المغرب
» المركز الأول القصة الومضة ومضة عمود 45.5 للكاتب تيمومس /المغرب
» المركز الأول قصة انفعال 52 درجة للكاتب محمد زوبيعة/ الجزائر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مجلة نجوم الأدب و الشعر :: ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻱ سوزان عبدالقادر :: المسابقات-
انتقل الى: