مستمع
كان منزوياً في مقعدٍ بعيدٍ عن تجمُّعِ الحضور، يهزُّ رأسه إعجاباً وابتسامتُهُُ لا تفارقُ وجهه، كان ينتشي ويترنّحُ مع وقع كلماتي، فيصبِغُُني بأكاليلَ من الثقة والفخر ويزيدُني حرفنَةً وإبداعاً في إلقاء قصصي خلف مُكبّرٍ للصوت ولأوّل مرّةٍ.
كنتُ أوزٍّعُ التفاتاتي بين الحضور وأنا أتنقّلُ من قصة إلى أخرى سعيداً به..
لم تكن تلامسُهُ التفاتتي جيداً؛حتى أراه يترنّحُ ويهزُّ رأسَهُ طرباً، وهو يبتسمُ ..فيسري انسجامُهُ في داخلي كماءٍ باردٍ..فأنتشي بدوري وألوّنُ صوتي كما أريدُ،أرفعه، أخفضه، أجعله في مستوى واحد، وبثقةٍ فاجأتِ الجميعَ..فيتعالى التصفيقُ والصّخبُ في القاعةَ الكبيرةَ..
لا أخفيكم سراً بأنّهُ كان جزءاً من نجاحي في تلك الأصبوحة القصصيّة..
ما إن أنهيتُ دوري، حتى هرعتُ إليه لأشكرهُ..
قلتُ: أشكر متابَعَتَكَ سيدي..أومأَ برأسِهِ إيجاباً والبسمةُ ما تزالُ مرتسمةً على محيّاه،تابعتُ كلامي:
-أيّ قصة أعجبتكَ وأطربتك أكثر؟
فقال بصوتٍ أجشٍّ حزينٍ:
اعذرني أخي، لم أسمعْ ما تقولُ، فقد تعطّلتْ سماعتا الأذن عندي منذ يومين... تركتُه مستمراً في حديثه، بينما انشغلتُ بتصفيقٍ كان يدوي في القاعة على إثر قفلة قصّةٍ لم أسمعْها