في هذا اليوم الحار من أيام أغسطس والشمس أرسلت أشعتها القاسية على صفحات البحر ، وقفت أمامه بين الظهيرة والرواح .
ﻷتذكر خروجي البارحة الى أطراف القرية في ساعة الفحمة والقمر مرسل أشعته الحانية على صفحات اﻷرض .
وقفت منبهرا الى حد الذهول، فإذا بي أمام ثنائيتين لا تختلفان عن حياة الكون الإنساني .
فذاك بحر بموجه المزمجر تمخض ليلد لﻷرض و للإنسان حياة جديدة .
وتلك أرض تتفتت تحت رحمة أشعة شمس تحترق عزائمها الجبارة لتلد بدورها العطاء.
ذاك أم الحياة ، وتلك أم العطاء.
وقفت مرة أخرى متأمﻷ في المصنوع ﻷصل بسهولة للصانع ، أحسست بقشعريرة في جسدي ، فقد رأيت شيئا رهيبا .
رأيت حياة بشرية عظيمة عظيمة عظمة صانعها،إنها حياة الإنسان على هذه البسيطة .
لأكتشف أن حياة البحر وما حواه ، وحياة اﻷرض وما اشتملت عليه ، إنما هي نفسها حياة ألبشرية .
فذاك بحر يتألم ليرسل لﻷرض الحياة ، وهذا بالمقابل إنسان يتدافع ليجد لنفسه موطأ قدم على الكون .
تلك أرض جرداء تربتها المفتتة قسمات وجه إنسان بئيس تحنو عليها السماء بالحياة اﻵتية من البحر لتمن علينا بالعطاء.
وذاك بالمقابل إنسان كاد يصل لرزقه يعد نصب ، و يصل الى يسره بعد عسر .
هذا بحر يستقبل أشعة شمس حرقها اﻷفول ، وهذا من بني البشر يقاوم حياة متعبة قاسية صارخا في وجهها : أنا طينة ربي كلما احترقت ازددت صلابة.
إنه اللغز المبهم المحير، انها سنة التدافع، انها سنة الإقتحام في معترك الحياة