الوداع الصعب

تحت عريشةِ الوجع
يصبحُ الوداعُ حوذياً
يطاردُ الريح
والجياد تُسرعُ تحت ضرباتِ السياط
تسابقُ الضوء
لتسكنَ قلباً نازفاً جريح
تجعلُ من وجهِ الكون لوحةً رمادية
رُسمتْ بأناملِ رسامٍ قبيح
ويتحولُ الطفلُ فجأة
الى عجوزٍ يدفنُ أحلامَه
في تذكرةِ سفرٍ بلا عودة
تفوحُ منها رائحةُ الموتِ
هي حياةٌ بلا روح
أو هي روحٌ بلا حياة
تحت عريشةِ الوجع
يصبح الوداعُ غولاً
يفترسُ عقاربَ الساعة
ليصبح الزمنُ بلا معنى
يدخلُ الى أعماقنا
يتجولُ في قلوبنا وعقولنا
ويغتصبُ كلَّ أحلامِنا بلقاءٍ جديد
بعد طولِ فراق
تحت عريشةِ الوجع
يصبح الوداعُ جبالاً عالية
وودياناً سحيقة
وبحاراً عاتية
ونيراناً تشتعلُ في كلِ الغاباتِ الجميلة
تجعلُ من الطيورِ المهاجرة
ومن الحمائمِ التي ذهبت تبحثُ عن طعامٍ لأبنائها
تجعلها كالقمرِ المنيرِ في السماء
غابَ مع بزوغِ الفجر
وعجز عن الظهور في مساء اليوم التالي
وبقيت سماؤنا سوداءَ مظلمة
تنتظر .. وتنتظر
ويطول الإنتظار
تشيخُ السماء
وتعجز النجومُ على الضياء
وتتعثر الغيومُ وترتجف
تأكلها الحيرةُ بين الهطولِ مطراً
أو متابعةِ المسير
هو الوداعُ الصعب
تحت عريشة الوجع
حيث جاء الربيع
ورودُهُ سوداء
وأفكارُهُ حمقاء
عيونُهُ كالأعورِ الدجال
وفمُهُ كفمِ تمساح
ومعه يطولُ الليلُ وتعلوالجبال ..
والبحر يصرخُ هائجاً وغاضباً
لا أريدُ المزيد
لا أريدُ المزيد
أضناني موتُ الأطفالِ في أعماقي
وأنهكني عويلُ النساءِ في داخلي
وغرقتُ في دموعِ الرجال المالحة
الحيتانُ والتماسيحُ وأسماكُ القرش
تغلي وتثور وتسألني
يالظلمِ الإنسان لأخيهِ الإنسان
يصطادُنا ليأكلنا هي شريعةُ الحياة
ولكن أن يأكلَ لحم أخيه ميتاً
هو عملٌ جبان
مازال الزمنُ الضائعُ بلا عقاربٍ يسير
ومازالت عريشة الوجعِ تنمو وتزهر
ومازال الوداعُ شبحاً مخيفاً
لايشبه كلَّ الوداعات