ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻵﺧﺮ
ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻗﻖ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ، ﺟﺒﺎﻫﻬﻢ ﺗﻘﻄﺮﻋﺮﻗﺎ ﻓﺘﻨﺰﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻄﺮﺍﺕ
ﻟﺘﺪﺧﻞ ﺃﻓﻮﺍﻫﻬﻢ ﺍﻟﺼﺎﺭﺧﺔ ، ﻳﺪﻓﻌﻪ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺑﻜﺘﻔﻪ ﺍﻟﻌﺮﻳﺾ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﺴﻘﻄﻪ ﺃﺭﺿﺎً
ﻟﻴﻮﻗﻈﻪ ﻣﻦ ﻏﻔﻠﺘﻪ ... ﻳﺪﻧﻲ ﻓﺎﻩ ﻣﻦ ﺃﺫﻧﻪ ﻭﻳﺼﺮﺥ " ﻧﻤﻮﺕ ﻧﻤﻮﺕ ﻭﻳﺤﻴﺎ ﺍﻟﻮﻃﻦ ... "
ﻳﻜﺎﺩ ﻳﺜﻘﺐ ﻟﻪ ﻃﺒﻠﺔ ﺃﺫﻧﻪ .. ﻳﻤﺪ ﻟﻪ ﻻﻓﺘﺔ ﻛﻲ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺄﺑﻰ ﺃﺧﺬﻫﺎ ... ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ
ﻳﻬﺘﻒ ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺗﺨﺘﻨﻖ ﻭﺗﻤﻮﺕ ﺩﺍﺧﻠﻪ ... ﺗﺤﺎﺻﺮﻫﻢ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻭﺗﻨﻬﺎﻝ
ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻬﺮﺍﻭﺍﺕ .. ﻳﺘﺪﺍﻓﻌﻮﻥ ﻭﻳﺤﺎﻭﻟﻮﻥ ﺍﻟﻬﺮﺏ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻻﺗﺠﺎﻫﺎﺕ .. ﺗﺸﻞ ﺣﻤﺎﺳﺘﻬﻢ
ﻭﻳﻘﺬﻓﻮﻧﻬﻢ ﺑﻐﺎﺯﺍﺕ ﻣﺴﻴﻠﺔ ﻟﻠﺪﻣﻮﻉ ..
ﺗﺄﺧﺬ ﺣﺮﻛﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺒﺎﻃﺆ ﻭﺗﻨﺘﺎﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﺧﺘﻨﺎﻕ ﻭﺳﻌﺎﻝ ﺣﺎﺩ ﻓﻴﺼﺒﺢ
ﺍﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻣﺮﺍً ﻣﻴﺴﻮﺭﺍ ... ﻛﺎﻥ ﻛﺎﻟﺨﻔﺎﺵ ﻓﻲ ﻭﺿﺢ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﺑﻤﻦ ﻳﺼﻄﺪﻡ
ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ﻳﺬﻫﺐ .. ﺍﻣﺘﺪﺕ ﻳﺪ ﻗﻮﻳﺔ ﻭﺭﺍﺣﺖ ﺗﺠﺬﺑﻪ ... ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ؟ .. ﻣﻐﻤﺾ
ﺍﻟﻌﻴﻨﻴﻦ ﻳﺮﻛﺾ ﻭﻗﻠﺒﻪ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻨﺨﻠﻊ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻪ ... ﺧﻔﺖ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺬﺑﻪ ، ﻓﺘﺢ
ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺑﺒﻄﺊ ﻟﻴﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺻﺪﻳﻘﻪ ﺑﺰﻗﺎﻕ ﺿﻴﻖ.. ﻳﻠﻬﺜﺎﻥ ﻓﻲ ﺻﻤﺖ ﻭﻳﻠﺘﻔﺘﺎﻥ ﻳﻤﻨﺔ
ﻭﻳﺴﺮﺓ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺮﺍﻫﻢ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ.
ﻇﻼ ﻭﺍﺟﻤﻴﻦ ﻟﺰﻣﻦ ﻛﺼﻨﻤﻴﻦ ﻣﻠﺘﺼﻘﻴﻦ ﺑﺠﺪﺍﺭ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ .. ﺣﻞّ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ﻭﺍﺧﺘﻔﻲ
ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻬﺮﺝ ... ﺧﺮﺟﺎ ﻣﻄﻤﺌﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﺨﺒﺌﻬﻤﺎ ﻟﻴﻌﻮﺩﺍ ﺑﺴﻼﻡ ... ﻭﻫﻤﺎ ﻳﻌﺒﺮﺍﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ...
ﺗﻨﻬﺎﻝ ﻫﺮﺍﻭﺓ ﻏﻠﻴﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻒ ... ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻘﺎﺳﻢ ﻣﻌﺼﻤﻴﻬﻤﺎ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻘﻴﺪ
ﺍﻟﺤﺪﻳﺪﻱ ..
ﺍﻗﺘﺎﺩﻭﻫﻤﺎ ﻣﻊ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻟﻴﺤﺸﺮﻭﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺯﻧﺰﺍﻧﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺿﻤﺖ
ﺃﺟﺴﺎﺩﺍ ﻛﺜﻴﺮﺓ ...
ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺟﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻠﻘﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺗﻮﺭﻣﺖ ﺑﻌﺪ ﺣﻔﻠﺔ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻬﺎ ﺑﻘﺴﻢ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ
ﻭﺑﺪﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺪﻣﺎﺕ .. ﻭﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ ﻳﺠﺮﺩﻭﻥ ﺑﺄﻇﺎﻓﺮﻫﻢ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ
ﺟﻠﻮﺩﻫﻢ ﺍﻟﻤﺘﻌﻔﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﺎﻕ ﻟﻤﺼﺎﻓﺤﺔ ﺑﻌﺾ ﻗﻄﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻃﺎﻟﺖ ﻣﺪﺓ
ﻣﻜﻮﺛﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﺤﺒﺲ ...
ﺟﺎﻻ ﺑﺒﺼﺮﻫﻤﺎ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻳﺒﺤﺜﺎﻥ ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﻳﺴﺘﺮﻳﺤﺎﻥ ﻓﻴﻪ .. ﺟﻠﺴﺎ ﺍﻟﻘﺮﻓﺼﺎﺀ..
ﺭﻣﻖ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺑﻨﻈﺮﺓ ﻋﺘﺎﺏ .. ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﺠﻮﻝ ﺑﺨﺎﻃﺮﻩ ﻓﺒﺎﺩﺭﻩ ﺍﻟﻘﻮﻝ " ﺃﺗﻌﺠﺐ ﻣﻦ
ﻣﻮﻗﻔﻚ ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﺕ ﻋﻠﻴﻚ.. ﺃﻭﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻭﻃﻨﻨﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺤﺒﻪ ﻳﺎ ﺭﺟﻞ !.
ﻇﻞ ﻣﻄﺄﻃﺄً ﺭﺃﺳﻪ ﻭﺍﺟﻤﺎ ﻟﻔﺘﺮﺓ ﺛﻢ ﺃﺟﺎﺑﻪ " ﺍﻛﺘﺸﻔﺖ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻧﻨﺎ ﻣﺨﻄﺌﺎﻥ.. ﻗﻞ ﻟﻲ
ﺑﺮﺑﻚ ﻣﻦ ﻧﺤﺎﺭﺏ ﺍﻵﻥ ، ﻭﻷﺟﻞ ﻣﻦ ﻧﺘﻜﺒﺪ ﻛﻞ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻌﻨﺎﺀ .. !.ﺃﻋﻠﻢ ﺇﺟﺎﺑﺘﻚ ﺳﻠﻔﺎ ،
ﺳﺘﻘﻮﻝ ﻷﺟﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ... ﺃﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻤﻮﺕ ﺑﺤﻖ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻮ ﻭﻳﺮﺗﻔﻊ ... ﻟﻢ
ﻻ ﻳﻤﻮﺕ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺣﺒﺎ ﻓﻴﻨﺎ ... ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﻳﻮﻣﺎ ﻳﺤﺘﻀﻨﻨﺎ ﻭﻳﻐﻤﺮﻧﺎ ﺑﺪﻓﺌﻪ ... ﻣﺎ ﺃﺣﺴﺴﺖ
ﺃﻧﻪ ﺍﺣﺘﻮﺍﻧﺎ ﻳﻮﻣﺎً ، ﻛﻠﻤﺎ ﺩﻧﻮﻧﺎ ﻣﻨﻪ ﺃﺩﺍﺭ ﻟﻨﺎ ﻇﻬﺮﻩ .."
ﻗﺎﻃﻌﻪ ﺑﺤﺪﺓ " ﺑﺪﺃﺕ ﺃﺷﻚ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻤﺎﺋﻚ ﻣﺎﺫﺍ ﺩﻫﺎﻙ!. ﻣﻨﺬ ﻛﻨﺎ ﺑﺎﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺸﺎﺭﻙ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﻛﻨﺎ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻔﻮﻑ ﺍﻷﻭﻟﻰ .. ﻧﺪﻓﻊ ﺩﻣﺎﺀﻧﺎ ﻭﺃﻭﺭﺍﺣﻨﺎ ﻓﺪﺍﺀً ﻟﻪ .."
ﺃﺟﺎﺑﻪ ﺑﺒﺮﻭﺩ "ﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺑﺖ ﺃﺷﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ... ﻣﻠﻠﺖ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﻋﺬﺍﺑﻪ ﻻ
ﺷﻲﺀ ﺗﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﻣﻄﺎﻟﺒﻨﺎ ﻭﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻨﻌﻢ ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ ﺇﻻ ﺍﻟﺴﺎﺳﺔ ﻭﻣﻦ ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺭﻛﺎﺑﻬﻢ ...
ﺃﻭﺩ ﺃﻥ ﺃﻋﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺃﻣﺎﻥ.
ﺣﺪﻕ ﺑﻪ ﻃﻮﻳﻼً ﺛﻢ ﺃﺭﺩﻑ " ﻟﻢ ﺃﻋﻬﺪﻙ ﺟﺒﺎﻧﺎ"
ﺣﻴﻦ ﺃﻃﻠﻖ ﺳﺮﺍﺣﻬﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﺷﻬﺮ.. ﻭﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻗﺎﻃﻌﺘﻬﻤﺎ ﻣﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﺣﺘﻘﻦ ﻭﺟﻪ
ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻭﻟﺤﻖ ﺑﻬﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﺮﺥ ﻭﻳﻨﺎﺩﻱ .. ﺃﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻘﺪ ﺳﻠﻚ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﺁﺧﺮ ﻗﺎﺻﺪﺍً ﺑﻴﺘﻪ
ﻟﻴﺴﺘﺤﻢ ﻭﻳﻨﺎﻡ
موضوع: الطريق الآخر ... بقلم الكاتبة التونسية أحلام كنيسي - مجلة نجوم الأدب والشعر 
السبت أكتوبر 17, 2015 1:44 pm
