متصابي
دلال تقف أمام المرآة بالساعات تتزين وتتعطر بأفخم العطور الفرنسية ، ترتدي أحلى ما عندها من الثياب، تهبط السلمَ في قفزاتٍ نشطة وهي تدندن الحياة حلوة بس نفهمها،وقع نظرها على متسولةٍ تفترشُ الرصيفَ أخرجت من حقيبتها ورقة مالية فئة الخمسين جنيها وضعتها في يدها الممدودة فكافأتها بسيل من الدعاء ، وصلت دلال إلى البنك دخلت بخطوات واثقة تتابع الحركة داخل الصالة بتركيز ودقة، نظراتها تجول كل الأركان راعها شدة الزحام،وقع نظرها على رجل وسيم مهتما بأناقته رغم كبر سنه لا تبدو عليه علامات العجز يسير متفاخرا معتزا بنفسه ، يقف بجوار نافذة صرف الأموال،يضع رزم النقود في حقيبة سوداء صغيرة ،يتأهب للخروج من البنك اقتربت منه دلال بخيلاء كأنها تخرق الأرض ثم استدارت فاستدار برأسه يتفحصها وعيناه تلتهمها التهاما،يستنشق عطرها الفواح الذي تسلل إلى أنفه فجعل رأسه يدور كمن به مسٍ،خرجت مسرعة، تتبعها بلهفةٍ رآها تقف تشير إلى تاكسي وراء تاكسي لم يقف لها أحد،اقترب منها باسما وقال وقت الظهيرة هو وقت الزحام الخانق أيمكنني أن أساعد ابنتي بشيء،قالت جدتي بمفردها تركتها نائمة، جئت أصرف حوالة يرسلها أبي بمبلغ كبير مصاريفي أنا وجدتي،رد وعلى وجهه علامات السرور تسمحي لي أن أوصلك إلى البيت فلم يعد الأمان متوفر هذه الأيام ، فتح باب السيارة ودعاها للركوب جلست بجواره وهي تثني على كرمه،انطلق فرحا منتشيا كشابٍ في العشرين أخذ يتحدث عن نفسه متفاخرا أمسكت رأسها تشتكي صداعا حادا اعتذر قائلا ثرثرتي السبب قالت لا ..لاعليك فأنا لم أحتسي فنجان قهوتي الصباحي، استأذنها أن يتناولا قهوتهما في الكافيه الذي اقترب وافقت على شرط أن لا يؤخرها من أجل جدتها ، في الكافيه تركت حقيبة يدها ونظارتها الشمسية ذو الماركة العالمية والهاتف النقال أحدث وأغلى موديل على الطاولة واستأذنته في دخول الحمام ، عادت بعد دقائق استأذنها هو الآخر لينقل سيارته كما طلب منه أحد رواد الكافيه ،ترك حقيبته هو الآخر على الطاولة فقد وثقت به من قبل فكيف لا يبادلها ثقة بثقة ، نادت على النادل وطلبت منه أن يخبر السيد عند عودته بأنها اضطرت للانصراف لأمر هام ، أخذت الحقيبة وهرولت مسرعة من الباب الخلفي للكافيه ..!!
موضوع: متصابي..بقلم الكاتبة وفاء ماضي - مجلة نجوم الأدب والشعر 
الجمعة يناير 22, 2016 12:19 am
