ﺗﻌِﺒﺖْ ﻧﺴﺎﺀُﺣﺎﺭﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﻣﻮﺍﺳﺎﺓ ﺃﻣﻲ .. ﺳﺘﺔُ ﺃﺑﻄُﻦٍ ﻗﺒﻠﻰ؛ ﻣﺎﺗﻮﺍﺟﻤﻴﻌًﺎ ﺻِﻐﺎﺭًﺍ، ﺛﻢ
ﻛﻨﺖ ﺃﻧﺎ ﻋﺎﻗﺒﻬﻢ .. ﻣَﺮِﺿﺖُ ﻛﻤﺎ ﻣَﺮِﺿﻮﺍ ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﻟﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ..
ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺃُﻣِّﻲ ﺗُﺴَﻴِّﺠُﻨﻲ ﺑﺤﺮﺻِﻬﺎ ﻭﺧﻮﻓِﻬﺎ ﻋﻠﻰَّ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ ـ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ـ ..
ﻻﺗﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﺑﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ..
ﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﻋﻤﺮﻱ ﺍﻷﻭﻟﻰ؛ ﻟﻢ ﺃﺗﺠﺎﻭﺯ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺤﺎﺭﺓ؛ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺢ ﺃﻗﺮﺍﻧﻲ ﻣﻦ ﺃﻃﻔﺎﻟﻬﺎ ﻫُﻢْ ﻛﻞ
ﺭِﻓﺎﻕ ﻟﻬﻮﻱ، ﻭﻋﻴﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ، ﻭﻣﺼﺪﺭ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﻣﻦ
ﺣﻮﻟﻨﺎ ..
ﺛﻢ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ.. ﻭﻳﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻳﻮﻡ .. ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻣﺤﻔﻮﺭًﺃ ﺑﺬﺍﻛﺮﺗﻲ؛ ﺣﻴﻦ ﻋﺎﺩﺕ ﺑﻲ ﺃﻣﻲ
ﺗﺠُﺮُّﻧﻲ ﻣﻦ ﻳﺪﻱ، ﻭﺑﻴﺪﻫﺎ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﻮﺩ ﺣﻄﺐ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺑﻜﻲ ﺃﻟﻤًﺎ ﻣﻦ ﻟﻤﺴﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻮﺩ ﻋﻠﻰ
ﺳﺎﻗَﻲَّ ﻭﻣﺆﺧﺮﺗﻲ .. ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻤﺴﺎﺕ ﻋﻘﺎﺑًﺎ ﻣﺆﻟﻤًﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺃﻋﺘﺪﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .. ﻭﺑﻘﺪﺭ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌِﻘﺎﺏ ﺃﺭﺗﻔﻊ ﺑﻜﺎﺋﻲ ..
ﻛﻌﺎﺩﺗﻬﻦ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺗﺘﺤﻠﻖ ﺍﻟﻨﺴﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺤﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺟﻠﺴﺔ ﻧﻤﻴﻤﺘﻬﻢ ﻳﺘﺠﺎﺫﺑﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ
ﺃﺩﻕ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺕ ﺑﻴﻮﺗﻬﻦ .. ﻫﺎﻟﻬﻦ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮ؛ ﺭُﺣْﻦَ ﻳﺘﺴﺎﺀﻟﻦ ﻣﺴﺘﻨﻜﺮﺍﺕ:
ــ ﺧﻴﺮﻳﺎﺃﻡ ﺃﺣﻤﺪ .. ﻣﺎﻟﻪ .. ﺣﺮﺍﻡ ﻋﻠﻴﻜﻲ
ﻻﺃﻧﺴﻰ ﺍﻣﺘﻘﺎﻉ ﻭﺟﻬﻬﺎ، ﻭﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻬﻴﺎﺝ ﺍﻟﻌﺼﺒﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﺛﻢ .. ﺛﻢ ﺩﻣﻮﻋﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﺭﺓ
ﺗﻨﺴﺎﺏ ﺳﻴﻼً ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ؛ ﻭﻫﻲ ﺗﺤﺘﻀﻨﻨﻲ ﺑﺸﺪﺓ ﻛﺄﻧﻤﺎ ﺗﻌﺘﺬﺭ ﻟﻲ ﻭﺗﻌﺎﺗﺒﻨﻲ ـ ﻓﻲ ﺁﻥ ـ
ﻭﺗﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﻦ :
ــ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ .. ﻋﻨﺪ " ﺍﻟﻤَﺴْﻘَﻰ"
ﻭﻟﻤﻦ ﻻﻳﻌﻠﻢ .. " ﺍﻟﻤﺴﻘﻰ" ﻫﺬﺍ ﻣﺠﺮﻯ ﻣﺎﺋﻰ ﺃﻗﻞ ﻋﺮﺿًﺎ ﻭﻋُﻤﻘًﺎ ﻣﻦ "ﺍﻟﺘﺮﻋﺔ " ..
ﺃﻏﻮﺍﻧﻲ ﺃﻗﺮﺍﻧﻲ؛ ﻓﺬﻫﺒﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﻧﺘﺎﺑﻊ ـ ﺑﺸﻐﻒ ـ ﻫﺆﻻﺀ ـ ﺍﻷﻭﻻﺩﺍﻷﻛﺒﺮﻣﻦﺍ ﺳِﻨًّﺎ
ﻭﻫﻢ ﻳﺼﻴﺪﻭﻥ ﺍﻟﻌﺼﺎﻓﻴﺮ ﺑﺎﻟﻨﺒﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺘﻴﻬﺎ ..
ــ ﻳﺎﺧﺒﺮ !!.. ﺷﻬِﻘﺖْ ﺍﻟﻨﺴﻮﺓ ﻭﻫﻦ ﻳﻀﺮﺑﻦ ﺻﺪﻭﺭﻫﻦ ﺑﺄﻛُﻔِّﻬﻦ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ " ﺍﻟﻤﺴﻘﻰ" ﻫﺬﺍ
ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻮﻡ ﺍﻟﺤَﻰّ ـ ﺑﻌﻴﺪًﺍ ـ ﻳﻔﺼﻞ ﺍﻟﻌُﻤْﺮﺍﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺤُﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﻤﺘﺪﺓ ﺧﻠﻔﻪ ﺑﻼ ﻧﻬﺎﻳﺔ ..
ﺃﻳﻘﻈﻨﻲ ﻣﻦ ﺷُﺮﻭﺩﻱ ﺻﻴﺎﺡ ﺍﻟﺼِﻐﺎﺭ ﻭﻫﻢ ﻳﺘﻘﺎﻓﺰﻭﻥ .. ﻳﻜِﺮُّﻭﻥ ﻭﻳﻔِﺮُّﻭﻥ .. ﺗﺪﻭﺭ ﻋﻴﻨﺎﻯ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺑﻨﻈﺮﺍﺕ ﺍﻷﺳﻰ .. "ﻣﺴﻘﻰ " ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ؛ ﺗﻢ ﺭﺩﻣﻪ، ﻭﺍﺟﺘﺜﺖ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ .. ﺻﺎﺭ
ﺷﺎﺭﻋًﺎ ﻋﺮﻳﻀًﺎ، ﻭﺍﻟﺤﻘﻮﻝ ﺯُﺭِﻋﺖ ﺑﻴﻮﺗًﺎ ﻭﻋﻤﺎﺋﺮًﺍ ﻭﺑﺸﺮﺍ !!..
ﺻﺎﺡ ﺣﻔﻴﺪﻱ ﻭﻫﻮ ﻳﻠﻬﻮ ﺑﺪﺭﺍﺟﺘﻪ ﺑﻌﻴﺪًﺍ :
ــ ﻋُﺪْ ﺃﻧﺖ ﻳﺎﺟَﺪﻱ ﻭﺳﺄﻟﺤﻘﻚ .. ﺳﺒﺎﻗﻨﺎ ﺳﻴﺒﺪﺃ ﺍﻵﻥ