المركز الثامن مكرر قصة أنا والأحلام .. والأخري 34 درجة للكاتب مجيد الزبيدي/ العراق
أنا وأحلام ... والأخرى
في صبيحةِ أحَدِ الأيام تفاجأتُ بحيّةٍ رقطاء ملتفّة حول نفسها عدَّة مرّات ولسانُها المشقوقُ يبرز من فمها ،داخل درج مكتبي . كانت رّدةُ فعلي سريعةً جداً . قفزتُ إلى الخَلفِ، مرتطماً بالجدار ،مع صرخةٍ مكتومةٍ غطّتْ عليها ضحكاتُ زميلتيّ اللتينِ يشاركانني الغرفةَ .في الحال عرفتُ أنه مقلبٌ والحيّةُ بالتأكيد مصنوعةٌ من المطّاط ،وإن بَدَتْ حقيقيةً تماماً.رغم أنتهاءِ فاصل الضحك وتناولِنا أكوابِ الشاي ، ظلَّ داخلي مهتزّاً، أحاولُ جاهداً أن أبدو طبيعيا أمامهنَّ .قدّمتْ زميلتي (أحلام ) إعتذارَها عن مزحتها الثقيلة ، فطمأنتها أن الأمرَ بسيط ٌللغاية ولا يدعو للزّعل ، لكنني في الحقيقة قد أضمرتُ لها في نفسي مقلباً لاتتوقعه منّي أبدا...
بعد مضي أكثر من شهرٍ على المقلبِ الذي صار يتندر به كلُّ زملائي في الدائرة؛ قرّرتُ الإنتقامَ من (أحلام ) .ففي إحدى العطل الرسمية، قصدتُ سوقَ الغزل الذي تُباع فيه أنواعُ الحيوانات والطيور . أبتعتُ حيّةً حقيقيةً منزوعةَ الأنياب ، مرعبةَ المنظر. أمسكَ بها البائع وراح يقلبها بين يديه ويضعها لزيادة طمأنتي حول عنقه، ثم وضعها لي في كيس وكأنه بائع حلوى. تحمّستُ تماماً للمقلب الذي سأّجَرّعُ مرارتَه لزميلتي (أحلام) . كنتً قد أخبرتُ قبل يوم زميلتي الأخرى بنيّتي وضع (حيّة مطاطيّة ) في حقيبة زميلتنا (أحلام) مثلما فعلتْ معي،وأقنعتها هي من تقوم بفتح الحقيبة ووضع (الحيّة المطاطيّة) كما أوهمتها .ولم تشكّ لحظة واحدةً ،أن الحيّة هذه المرّة حقيقية. لم يكن من الصعب فعل ما كنّا نويناه . إذ ما أن غادرتْ زميلتنا الغرفة لتوصيل ما أنجزته إلى السيد رئيس القسم ؛ حتى ناولتها الكيسَ ؛فأسرعتْ بدسِّهِ في حقيبة زميلتها ، ورجعنا مُكبَّينَ على الأوراق التي كانت أمامنا. بعد دقائق عادت ( أحلام) فرحةً مستبشرةً بالمكافأة التي حَصَلتْ عليها من السيد مدير القسم لسرعة إنجازها عمَلها ومثابرتها في تمشية أمور الدائرة. كنّا نتحرّق شوقاً أن تقومَ بفتح حقيبتها. ولمّا لم تفعلْ ذلك، قلتُ لها بخبث : بمناسبة المكافأة زميلتي العزيزة ، يجدر بكِ أن تطلبين لنا ثلاث لفات كباب مع قناني بيبسي ،ألا نستحق منكِ ذلك؟.قالت: بل تستحقّان . نادتْ على الفرّاش (نعيم ) ليأتي لنا بها . أسرعتْ بفتح حقيبتها الكبيرة ، لتعطيه النقودَ ،ونحن ننظر إليها من طرفٍ خفي ، لكي نرى وقعَ المفاجأةِ عليها.نظرتْ إلى الكيس، ضحكتْ بقوّة وهي ترفعه وتنظرُ نحوي قائلة : هه .. هه .. يالخيبتك !!كانت حيّتي أجمل ،كأنها حقيقية، أتظنني خفتُ منها مثلك؟.رمتْ الكيس نحوي؛سقط على الأرض ؛فإذا هي حيّة تسعى على بلاط الغرفة. فدوّتْ من المرأتين صرخاتٌ عاليةٌ ملأتْ سكونَ دائرتنا ، جعلتْ غرفتَنا تمتلئ حالاً بالموظفين رجالا ،ونساء ، وقد عَقَدتْ ألسنتَهم الدهشةُ من الصراخ ، ولمرأى الموظفتين الساقطتين على الأرض ،فاقدتَي الوعي، والحيّة تتحرك تبحث عن مكان آمن لها خلف الدواليب.
أظنني لاأحتاج أن أذكر لكم ما حصل لحظتئذٍ، لكن في نهاية الأمر.بعدأن إطّلعَ الجميعُ على حقيقة ماجرى ،كان العقاب الإداري قد جعلني خارج الوظيفة ، والمبلغان الكبيران اللذان فُرِضَ عليَّ أداؤهما لعشيرتي زمليتيِّ العزيزتين ؛ بعد جولتي الفَصْلَين العشائريين،قد كسرا ظهري ، وجعلاني حائراً كيف أستطيع تأمينَهما ، رغم أنني قد بعتُ مصوغات زوجتي المسكينة وحصتي من دار أبي الموروث عنه رحمه الله