المركز الثامن قصة الثقة العمياء 48.75 درجة كريمة الطيب / الجزائر

الثّــقـــة الــعـــمــيــاء
*****************

أسكرها حبّه، تمايلت برفقته عكس عقارب الزّمن ، بعدما سقاها جرعات مختلفة من عقاقيره، أدمنته ،لتقف ضدّ الأعراف والتّقاليد ووالد ترجّاها كثيرا لتعدل عن قرارها. أبرمت و بعنادها صفقة العمر، أخذت تلوّن حياتها بأزهار واهمة لربيع تأخّر مجيئه
لتستقّر في جوفها أحلام سوداء أخذت منها الأخضر بدرجاته،بعد هبوب عاصفة هوجاء اقتلعت صورا مدرّجة بأنين الإنتظار كانت عالقة في ذاكرتها.
صالت وجالت بين الوهم والحقيقة لتسأل نفسها والحيرة تخنقها: "هل حقّا كنت السّبب في وفاة والدي؟ ليحرمني القدر إلقاء نظرة أخيرة على محيّاه ؛و أطبع على جبينه قبلة الشّوق والنّدم".. مرّ عام على رحيله و هيّ لا تزال تذكر و بدقّة آخر كلمات قالها:
"صادق ليس الرّجل المناسب لك يا ابنتي....فكّري جيّدا ولا تستعجلي فالعمر ليس لعبة بين أيدينا ". تتنهّد سمراء وهيّ جالسة قرب والدتها..."أمّي هل حقّا أبي سامحني قبل وفاته"..تردّ الوالدة: "نعم يا صغيرتي...لكن عليك تنفيذ وصيّته الأخيرة" .متلهفّة تسألها:"أكيد سأفعل وأنا راضية"..تنظر الوالدة بحزن إلى ابنتها قائلة: "أن تقبلي خطيبك الأوّل والذي رفضته حينها بسبب صادق
عاد وطلب يدك من أبيك قبل وفاته بأيّام فقط،ووالدك وافق عليه".
ِانهار العالم من حولها.......تقاذفتها أمواج الذكريات ورمتها فوق شاطئ شمسه حارقة رغم الغروب الجميل الذي كان يزيّن أبعادا مترامية فوق بساط أزرق متلألئ ، أين كانت تستمتع برفقة صديقتها المقرّبة.يومها أخبرتها رفيقة العمر بأنها مغرمة بشاب وسيتزوجان قريبا.
سألتها:"من يكون سعيد الحظّ هذا؟"
أجابتها بابتسامة مصطنعة:"سأتركه مفاجأة لك." تصرخ منتفضة كطير ذبيح: "كم كنت ساذجة وأنا أحضّر لزواجي، وأنتظر بشغف أن يضمّني حبيبي إليه لأنام والى الأبد،فرفقته كانت تعتبر نهاية البداية بالنسبة لي.....تصمت قليلا ثم تسترسل وغصّة تمتزج بحشرجة تمنع عنها دخول الهواء.."فأطعن في قلبي بخنجر الغدر والخيانة، من حبيب كان حياتي وصديقة ائتمنتها على كلّ أسراي.
وتنفجر باكية مرتمية في حضن والدتها:"آه يا أمّي لو لم أر بأمّ عينيّ ما كنت لأصدّق، مُزّقتُ إلى أشلاء و أنا أشاهده يمسك يدها ويركبان سيّارة مزيّنة بالورود والزّغاريد تملأ المكان.كانت ترتدي نفس فستان الفرح الذي اخترته لزفافي..صُدمتُ أجل لكنّي مصدومة أكثر الآن..أتزوّج أحمد ؟؟. نهضت وأسرعت مهرولة إلى قبر أبيها لتدفن بقربه حزنها و ألمها وإلى الأبد. ململة شظايا قلبها المنكسر و خيوط الندم تلفّها و بإحكام لتستقبل حاضر عليّها الرضوخ له.ومستقبل لا يعلمه إلاّ الله.