كان العدوُ الصهيوني يجتاحُ ربوعَ الوطنِ ، الكثيرُ منَ المُقَاتلين المدافعين عنْ البلادِ، نَجُوا بأنفسِهم و ذهبوا ، ثلةٌ منَ الفدائيين ابوا الفرارَ و غطوا انسحابَ الباقين ، كيفَ ترضى انفسهم بالهروبِ ، هي بالنسبةِ لهُم لحظةُ المواجهة ، و آوان القتال، اينَ مبادئُه و ايمانُه الحزبي و ثورتُه ،إن أدبرَ اليومَ و مشى ...
يسمعُ رصاصاتُ رفاقِه الاقلى الذينَ يجابهون مثلُه ، انه دورُه ، يطلقُ مدْفَعَه ، تتوقفُ مشاةُ العدوِ عن التقدمِ مرتبكةً، و تتراجعُ جحافلُ جيوشِهِ المدججَة بدباباتِها ، و قدْ ايقنَتْ أنَ المنطقَةَ فيها الكثيرُ من المواجهين ، و يبدأ الطيرانُ غاراتُه الجوية ليؤمنَ الدخولَ البري ، لأنَهُ قد فقدَ الكثيرُ من الافرادِ اما قتيلاً او جريحا في هذا الاجتياح ، و هذا ما صعب العملية و تطَلب التغطية منَ الفضاءِ ...
كان الصامدونَ من الجنودِ ،بعددِهُم القليلُ، يتناقصونَ بعد سقوطِهم في نقاطِ مقاومَتِهُمْ ، و رغم ذلك لا زالوا يعيقون المعتدي عنْ التغلغلِ...
هو وحدُه يرابطٌ في هذا البيتِ المهجورِ ، و يؤنسُه كلبُه "فوكس" ، يقاتلُ مَعَهُ على طريقَتِه ، يجلبُ الذخيرة ، عيناهُ تتوقدان، إن سمعَ القذائفَ المعادية، يقفزُ بشراسةٍ ليساعده ،و قد توجسَ شراً.
و هكذا و كفصيلٌ مؤلفٌ من الافٍ ، عطلتْ هذه الفرقةُ القليلةُ الافرادِ اسرائيل بقوتِها و عتادها ، سبعةَ ايامٍ عن المشيِ قدماً في لبنان ....
و ضلَّ نبيل و كلبُه الحارسُ ،في ذاك المنزلِ، يحاربونَ ببسالةٍ حتى بعد احتلالِ تلكَ البلدة ، كانت رصاصتُهم المواجهةُ تعلنُ عن أن المعركةَ لم تنتهي ، كان فوكس يمشي في الفضاء عاوياً إن اقترب اي كان من ذاك العرزال المعزول، و جرحَ صاحبُه فبقي حامياً وفياً و مسانداً.. و توهمَ الغازي بمجموعٍ كبيرٍ في هذا المكان ، و هذا كلفَ الخصومُ الكثيرُ و جعلَهُم يرسمونَ كماً من الخططِ التي فشلت ، و اضطرَ الطيرانُ للتدخلِ و الاغارة على هذا النزلِ، لهدمِه و معاقبتِه هو و سكانِه على المواجهة ، ليصبحَ خربةٌ مهدمةٌ يعصفُ بها الغبارُ و الدخانُ ....
هدأَ فوكس على اثرِ استكانةِ صديقه و عدم تحدثه معه و صارَ يصدرُ صوتاً يشبهُ الأنينَ الموجعِ ، اوَّ كأنه يبكي صاحبه أو يناديه ؟؟؟ ، لربما احسَ بدنوِ آجلَه ..
فورَ ولوج المدينة ، اخذتْ جموعُ العساكرُ و التي تسيرُ مترافقةً و بخطوطٍ حاملةً شبه شريط ، بتطهيرِ الأرض ، و اقتربَت الألوفُ المؤلفة من اسوارِ حديقة هذا الدار ، يملأ قلوبُهم الرعبَ من مَن قد يكونَ بداخلِه ، و كانوا خلالَ مسيرتهم يطلقون العيارات النارية من كلِ الاحجامِ ، عند كل خطوة اقتراب من المقرِ ، و تهدمَت كلُ اجزاءُ البنيانِ ليبقى فقط غرفةٌ صغيرةٌ حوَتْ الشابَ المحاربَ و كلبَه ، و سكتَ الحيوانُ و كأنه قد فارقَه الرمقُ...
وصلَ العسكرُ الى تلك الحجرةِ ، و وثبَ الحيوانُ مزمجراً مضهراً انيابَه موقعاً عشرة من المقتحمين ارضاً حتى أن البعضُ ادميَّ من اضافرِه، و افاقَ البعضُ من المداهمين ليقذفَ الطلقاتِ من رشاشتهم و هكذا اردوا الكلبَ ذبيحاً يأن بصوتٍ خافتٍ حزين، و قد ثأر قبل الرحيل له و لصاحبِه ، و نامَ سعيداً مُعَمِداً الأرض بدمائِهِ و قد اختلطَتْ بدماءِ رفيقُه الذي عاشَ معَه ُسنين و اقتسمَ و إياه الطعامَ و العملَ ...
كتبت بتاريخ 1\5\2016
وفاء احمد بزي