على سبيل الرَّحيلِ قتلاً ..!
يهبط لقعرِ الجهل ..يُطفئ المصباح الّذي كادَ أن ينضبَ زيته فيذوي فتيله، ويسود الظُّلم، وقد كان الظَّلام وشيكاً !
ملائكتي كانت نائمة في محراب الطُّهر عندما أرسلَ شياطينه والمردة لتغزو نفسي الأمَّارة بالسُّوء من حيث كنتُ أحسبها لوَّامة..!
لن أبكيه... إذ خذل نفسه أمامي وسفح ماء وجهه تحت نعليّ فاستحول حذائي ..
خلعتُه ورحتُ أركض حافيةً وراء غيمةٍ شريدةٍ شدَّت رحْلَها إلى بحرٍ لا شطآن له لتترجَّل عن سماء العطاء فقد آنَ لها أن تغتسلَ من غبارٍ لحق بأشجار السَّرو الفارعة عندما سكنتها الغربان ذات نعوة .
لم تستطع موارة سوءتِها لأنَّ مسرح الجريمة كان الأثير !
وهل يعرف الله.... مَنْ قتل نفساً زكيةً بغير نَفْس !؟
وتحت أيّ بندٍ من بنود الشَّريعة أفتى فعلته !
آه ....الدّفاع عن النّفس !
هالني ذلك المنطق الَّذي يفتي بقتل المتَّهم من حيث حسب أنَّ البادئ أظلم ناسياً أنَّ العفو أقرب للتَّقوى !
وأيّة حوريّةٍ تلك الَّتي تمتلك كلَّ طاقة الحبِّ تلك !
وقد جاوز الظَّالمون المدى !
وهل هي جنَّةٌ حقَّاً تلك الَّتي قادتني إليها الزبانيّة ؟؟
ههه ..كم أنا غبيّةٌ حقّاً !
عندما ساقوني إليها في غفلةٍ عن طاعة الله
أيُّ نورٍ ذاك الَّذي شاغبني فغشي عينيّ ما غشيها من الضّلال الشَّغوف !؟
ألم أدرك وقتها أنَّ كلَّ فتنةٍ في النَّار؟
لا شيئ يشبهني إلّا البكاء ولا براعم تُزهر على ضِفاف روحي الَّتي كادت أن تزهقها العتمة في العاشقة والنَّزف !
وقد كان نيسان كاذباً منذ الخليقة الأولى...
يضحك بلا أسنان، ويُزهر بلا أفنان، ويتراقص على أديم البحر بلا شطآن ديدنه قتل الرّبيع في قعر الفنجان !
إنتصاراته في ملعبي الأخضر كانت لهبا،ً وقد أضرم الورد في صدرِه من حيث حسب أنّه توَّجني شوكاً وأطاح بكلّ أشجار السّنديان عندما هبَّتْ زوبعته المجنونة في وجَعِ البطاح
فاحترقَ وذوى وقد احتطبتُ قلبه في موقد الفراغ مذ صرعتُهُ في لحده المردوم بدمعي .
لا تبحث عنّي في مغوليَّات خُططك،َ فهلاكو عندما دكّ حصون بغداد في حصار الموت أُصيبَ بالصَّرع ومات بعد أن ملأَ البلاد عواءً
الموت الزؤام يحصار طيفي و ظلَّه ...ولا خَيار أمامنا ..إمّا أن أرتمي في أحضان الموت أو أستعرَ في جوف زيفه ومؤامراته وهو الَّذي لم تصمد أمامه جنيّة النَّار !
حائرةٌ أنا الآن وقد أُسقِط في يدي مذ سقط قلبه في يدي !..النَّار تزايدني إمَّا أنا وإمّا قلبه .....
حمقاء هي رغم ريعها الثَّمين !
الشَّجر كفّ عن الحفيف مذ وجمتْ الرّيحُ على نافذة القمر والشَّمس تتراقصُ كنَمِرٍ مزَّقه الجوع على ناصية الآيلات الشَّاردة
{والسَّماء رفعها ووضع الميزان} .
ضرب وجههَ بكلتا يديه وأخذ يصرخُ كألسنة اللَّهبِ تماماً ..تارةً تمدُّ يدها لي تُغريني بالدِّفء ومرّات تبترُ الرّيح الغاضبة ذراعها ...
لكن كلَّما أطعمها خفقةً من فؤادي عادت استعرتْ جوعاً !
كنت أهفو لحضن الرَّبيع هروباً من كانون لكنَّ الرَّبيع لا يأتي إلَّا في نيسان يالحماقتي !
حتّى الجلَّنار عندما كان يزهر كان يبكي لأنّه كان يتوكَّأُ على عُكَّاز نيسان !
قرَّرتُ أن أحثو التُّراب فوق رأسها لأعبر فوق الآثام وأمضي قُدُماً نحو النَّهار في ظلِّ الهجير أرفع الأذان في المساجد وأقرع أجراس الكنائس ..
لكن ..... صوتي فتنة !
ويدي مبتورة ..!
وغيض الماء ..!!
سأتيمُم صعيداً طيّبا وأُصلي على قارعة الطّريق دمعتين و زفرة...
رغماً عن أنفك، فمدائنك الّتي دنَّسها وسواسك فاحتْ روائحها النَّتنة، وكهفك المظلم امتدَّ عفنه مع همهمات خبثك ..!
مفضوحٌ أنتَ في عين الشَّمس ولا أفياء في جرداء حقدك ..!
وجنونك يصرخ معتوهاً مذعوراً من تمائمي و صلاتي !
من قال لك أنّي أعشقُ الظَّلام ومتيّمةٌ بالحُفَر والمطبّات أنا..!؟
أنا بنتُ الشَّمس قد أجوز البحر بضيائي وقد أغرقُ في لُجَجه بأمر ربّي لكنّي أعود وأُشرقُ في النّصف الآخر من الكرة الأرضيَّة .....
بينما تبقى أنت حيث بتَّ رماداً بل نسياً منسيا !