ﺷﻴﺮﺍﺯ
ﻗﺼﺔ ﻗﺼﻴﺮﺓ
ﺷﻔﻴﻖ ﺍﻟﺘﻠﻮﻟﻲ
ﻭﻗﻔﺖُ ﻣﻄﻮﻻ ﻋﻨﺪ ﺑﻮﺍﺑﺔ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﻓﺤﻴﻦ، ﻟﻌﻠﻲ ﺃﻛﺤﻞ ﻋﻴﻨﻲّ ﺑﺂﺧﺮ ﻧﻈﺮﺓ ﻟﺸﻴﺮﺍﺯ
ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ، ﺍﺗﺠﻬﺖ ﺷﻤﺎﻻً ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺘﻲ؛ ﻗﺮﻳﺔ ﺍﻟﺤﻠﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻣﺮﺓ، ﺣﻴﺚ ﺣﺎﺟﺰ ﺑﻴﺖ
ﺣﺎﻧﻮﻥ، ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺻﻞ ﺣﺘﻰ ﻗﺮﻳﺔ ﺩﻣﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺜﻢ ﺣﺎﺟﺰﻫﻢ ﺣﺎﺟﺰ ﺍﻳﺮﺯ ﻓﻮﻕ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ، ﻋﺪﺕ
ﺑﺨﻄﻰ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻟﺸﻴﺮﺍﺯ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﻬﺒﻨﻲ ﺍﺗﺼﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻠﻴﻞ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﻃﻠﺒﻬﺎ ﻣﻨﻲ ﻭﺃﻣﻬﺎ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ
ﺗﺮﺍﻧﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﻮﺍﺟﺰ ﻭﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﻗﺪ ﺧﻴﺒﺖ ﺍﻷﻣﻞ ﻭﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﻭﺣﺎﻟﺖ ﺩﻭﻧﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ، ﻟﻢ
ﺃﻛﻦ ﻷﺗﻮﻗﻊ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺭﻓﺢ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻭﺍﻟﺼﺒﺎ، ﻭﺃﻧﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﺮﺍﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﻫﻨﺎﻙ، ﺇﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺩﻕ
ﺟﺮﺱ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻊ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﺰﻳﻊ ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﻓﺴﻘﻂ ﻗﻠﺒﻲ ﻣﻊ ﺳﻘﻮﻁ ﺳﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ﻣﻦ ﻳﺪ
ﺯﻭﺟﺘﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﺮﺧﺖ ﺻﺮﺧﺔ ﺍﺧﺘﺮﻗﺖ ﺳﻤﺎﺀ ﺭﻓﺢ ﻣﺮﺩﺩﺓ : " ﻣﺎﺗﺖ ﺷﻴﺮﺍﺯ " ﺻﺮﺧﺔ ﺃﺭﺟﻔﺖ ﻛﺜﺒﺎﻥ ﺗﻞ
ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺮﻣﻠﻴﺔ ﺍﻫﺘﺰﺕ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻷﺳﻼﻙ ﺍﻟﺸﺎﺋﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﺼﻞ ﺣﺪﻭﺩﻧﺎ ﻋﻦ ﺣﺪﻭﺩﻫﻢ، ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺎﻫﻰ
ﺻﺪﺍﻫﺎ ﻟﻤﺴﺎﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻨﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﻠﻲ " ﺍﻟﻘُﻠﺒﺔ *" ﻓﺮﺍﺡ ﻳﻄﻠﻖ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻟﻴﻐﺘﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻮﺕ
ﺍﻟﺼﺎﺭﺥ، ﻣﻤﻨﻮﻉ ﺃﻥ ﺗﺘﺴﻠﻞ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﺜﺒﺎﻥ، ﻣﻤﻨﻮﻉ ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻄﻂ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ
ﺃﻥ ﺗﺮﻛﺾ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻼﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻜﺊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﻓﺤﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﻧﺰﻫﺎﺗﻬﻢ ﻭﺗﺠﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻓﻜﻴﻒ
ﻳﺴﻤﻊ ﺟﻨﺪﻱ ﺃﺷﻜﻨﺎﺯﻱ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﻔﺎﺭﺩﻱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﺮﺧﺔ ﺍﻟﻤﺪﻭﻳﺔ؟ !
ﺁﻟﻤﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟﻤﻔﺠﻊ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﻣﺮﺓ ﻟﺮﺣﻴﻠﻬﺎ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺊ، ﻭﻣﺮﺓ ﻷﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺳﻼﻙ ﺍﻟﺸﺎﺋﻜﺔ ﻗﺪ ﻣﺰﻗﺘﻨﻲ
ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺃﻯ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ، ﺁﻟﻤﺘﻨﻲ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﺷﻴﺮﺍﺯ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺧﺒﺄﺕ ﻋﻨﺎ ﻣﺮﺿﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻧﻀﺞ
ﻭﻻ ﻧﺜﻮﺭ، ﺭﺑﻤﺎ ﺧﺒﺄﺗﻪ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻔﻆ ﺧﺮﻳﻄﺔ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺗﻀﺎﺭﻳﺴﻪ ﻭﺃﺳﻼﻛﻪ ﺍﻟﺸﺎﺋﻜﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﻭﺳﺔ ﻓﻲ
ﺧﺎﺻﺮﺗﻪ، ﻭﺗﻌﺮﻑ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻧﻪ ﻣﻨﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻧﻘﺴﺎﻡ ﻣﺰﻕ ﺍﻟﻀﻠﻮﻉ ﻭﻃﺎﻝ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺨﻨﺠﺮﻩ
ﺍﻟﻤﺴﻤﻮﻡ ﻭﺗﻮﺯﻋﺖ ﺩﻣﺎﺅﻩ ﺑﻴﻦ ﺃﻣﺮﺍﺀ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻭﺣﻤﺎﺓ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻣﺴﻜﻴﻨﺔٌ ﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻓﻘﺪ ﺁﺛﺮﺕ ﺃﻥ
ﺗﺒﺘﻠﻌﻲ ﺍﻟﺴﻜﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﻦ ﻟﻮﺣﺪﻙ؛ ﺣﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺍﻟﻠﻌﻴﻦ ﻭﺣﺪ ﺍﻟﺒﻌﺎﺩ ﻋﻦ ﺃﻫﻠﻚ ﻭﺫﻭﻳﻚ .
ﺃﺷﺮﻗﺖ ﻳﺎ ﺷﻴﺮﺍﺯ ﻛﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺘﺸﺮﺩ ﻭﺍﻟﻬﺠﻴﺮ ﻭﻏﺒﺖ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ
ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻭﺍﻟﻨﻔﻴﺮ، ﺭﺣﻠﺖ ﻳﺎ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻨﻴﺮﻭﺯ ﻭﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﺤﺘﺴﻲ ﻣﻌﺎ ﻗﻬﻮﺓ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻋﻠﻰ
ﺷُﺮﻑ ﻓﻴﺮﻭﺯ .