ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺷﻌﺮﻩ ‏( ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ‏)..بقلم الكاتب العراقي عبدالله خزعل_ مجلة نجوم الأدب والشعر

ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺷﻌﺮﻩ ‏( ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ‏)
ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻱ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻌﺮٌ ﻳﻜﺸﻒُ ﻋﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﺼﻮﺭﺓٍ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﺗﻜﺎﺩُ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ
ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻌﺪّﺓ ﺃﻣﻮﺭ ﻣﻨﻬﺎ :
-1 ﺇﻥّ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸّﻌﺮﺍﺀ ﻳﻜﺘﺒﻮﻥ ﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺒﻼﻏﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ
ﺗﻜﺸﻒُ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﺼﻮﺭﺓٍ ﺟﻠﻴﺔ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﺭﺑّﻤﺎ ﺍﻟﺘﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﺜﻔﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ
ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﻛﺸﻒ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﻬﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻝ ﻟﻐﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ .
-2 ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﻢ ﺍﻟﺨُﻠﻘﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻳﻤﻴﻠﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻭﺍﻹﺑﻬﺎﻡ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ
ﻛﺸﻒ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻮﺟﻪٍ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺇﺫ ﺭﺑّﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣُﺮﺍﺩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻌﺪّﺓ ﻭﺟﻮﻩ .
ﻭﻛﻼﻣﻲ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺳﻤﺎﺗﻪ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔٍ ﻻ
ﺗﺒﺘﻐﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺇﻻّ ﻫﺪﻓﺎً ﻭﺍﺿﺤﺎً ﻭﻣﺤﺪﺩﺍً ﻭﻗﻮﻟﻲ ﺻﺎﺩﻗﺎً ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥّ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﻠﻤﺖ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﺻﺎﺩﻗﺎً ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻴﺰﺍﺕ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺻﺎﺩﻗﺎً
ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﻴﺄﺕ ﻟﻪ ﻭﻫﻲ ﻇﺮﻭﻑ ﺧﺎﺻّﺔ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻛﺎﺷﻔﺎً ﻋﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻻ
ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺎﺭﺡ ﺇﻟﻰ ﺃﻱّ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻟﻤُﺮﺍﺩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ . ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺎﺭﺡ
ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺃﻣﻮﺭٍ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﻐﻔﻞ ﻋﻦ ﺃﺻﻐﺮﻫﺎ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺍﻩ ﻏﻴﺮ ﻣﻔﻴﺪ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻋﻲ ﻓﻲ ﻧﻬﺠﻪ
ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻣﻨﻬﺎ :
1 ‏) ﺃﻻ ﻳﺘﺴﺮﻉ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﻉ ﻋﻨﻪ ﺑﻞ
ﻳﺘﺄﻧﻰ ﻗﻠﻴﻼً ﻭﻳﺪﺭﺱ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮّ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ .
ﻓﻤﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺗﺴﺮﻉ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻓﻲ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺣﻜﻢ .... ﺗﺴﺮﻉ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﻨﺎﺻﺢ ﻋﺒﺎﺱ
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ ‏( ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ‏) ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻋﺮ ﻳُﻌﺪّ ﻋﻨﺪ ﻃﺎﺋﻔﺔٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺷﺎﻋﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ
‏(ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ ‏) ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺈﺟﻼﻝ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ... ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻫﻮ ﺩﻋﺒﻞ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺨﺰﺍﻋﻲ .... ﻓﻤﻦ
ﺟﻤﻠﺔ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ ﻓﻴﻪ )) ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﻃﺒﻴﻌﺔٍ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻄﺒﺎﺋﻊ ﺍﻟﻨﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺮﺝ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺗﺜﻮﺭ ﺑﻪ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻓﻲ ﺣﺮﺏٍ ﻣﻌﻪ ﻻ ﻣﺴﺎﻟﻤﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﻣﻬﺎﺩﻧﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺭﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﻲ
ﺛﺮﺍﻩ ﻭﻛﺎﻥ ﻏﺎﺿﺒﺎً ﺃﺑﺪﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻨﻜﺮُ ﻋﺮﻓﻬﻢ ﻭﻳﺸﺬّ ﻋﻠﻰ ﺇﺟﻤﺎﻋﻬﻢ ﻭﻳﻬﺠﻮ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﻢ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﻬﻢ
ﻭﻫﻮ ﺇﻧّﻤﺎ ﻳﻬﺠﻮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻓﻲ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻓﻤﺎ ﺍﺗﻔﻖ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻋﻠﻰ ﺇﻣﺎﻡٍ ﺇﻻّ ﻫﺠﺎﻩ ﻭﺃﻟﺢّ
ﻓﻲ ﻫﺠﺎﺋﻪ ﻭﺇﻥ ﺃﺣﺴﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺃﺟﺰﻝَ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﻻ ﺗﺮﻙ ﺃﻣﻴﺮﺍً ﻭﻻ ﻭﺯﻳﺮﺍً ﻭﻻ ﻭﺍﻟﻴﺎً ﺇﻻّ ﻧﺎﻟﻪُ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ
ﻋَﺮَﺿﺎً ﺃﻭ ﻗﺼﺪﺍً ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻗﺒﻴﻠﺘﻪ ﻭﻣﻦ ﺧﺎﺻّﺔ ﺍﻟﻤّﻔﻀﻠﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ (( ‏(1 ‏)
ﻭﻛﻼﻡ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺤﻴﺤﺎً ﻟﻌﺪّﺓ ﺃﻣﻮﺭ ﻣﻨﻬﺎ :
ﺍـ ﺇﻥّ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ ﻗﺪ ﺣﺼﺮ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻌﺎﻣّﺔ
ﻭﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻭﻛﻠﻨﺎ ﻧﻌﺮﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺬ ﺯﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻳّﻌﻤَﻞُ ﺑﻬﺎ
ﺑﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛﺔ ﺍﻟﻌﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻠﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ ﺑﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﺣﻮﻝ ﻟﻬﻢ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻢ .. ﻓﺘﺄﻣﻞ ﺫﻟﻚ