مدفأة الأمس
،،،،،،،،هالة من نور تسحبني من حضوري ، تخرجني قصرا ، من بوابات مشاغل تتٱكل فيها الثّواني تباعا ، تحمل ضحكاتنا وهمساتنا وشقاوة كلّ طفولتنا ،
تدير قفاها لغروب صامت ، تكشف لنا عن قطب جامد هناك على أطراف المدى ، قد تحلو تسميته بالنسيان ،المتفشّي في ذاكرتنا الجوفاء ، وهي تتّدعي خزنها للملامح والتّفاصيل ،في حين أنّها ذات عين واحة ،ومتطرّفة الحفظ ، لا تترك في تلافيف خلاياها إلا ّ لمحة من أحداث ،كانت الاكثر حميميّة لنا ، أو تلك التّي نزف دمع إثر حدوثها ،وما بقي فهي بارعة في كنسه ووضعه في سلّة مهملات الزّمن .
ولكنّي سبحت عكس تيّارها ، ورشقتها بحجارة الخلود ، كلسها المتصلّب ،أحرفا ،قطرات ندى فجر ترشح بها ،كان حبرا ، همست إليه : أو كيف المعادلة ستكون بين ذاكرة ثقبها أسود ورغبتي الكاسرة في استبقاء كلّ أحداثي حيّة ؟!
كجناح ملوّن من بلاد الهند ، طاوعني قلمي ، كعتمة ليل هادئ في براري الأقاصي المجهولة ، رفع الحرف ستاره أمام ناظري ، كصورة من جزر ألهة الاغريق ، مدّ القلم بساطه لي ، وأستانست روحي بنوره في العتمة ،وسكن ضجيج كلّ حياتي المتشابكة مع قارعة الٱخرين ، وهواجس العشق المنشود ،و بوح حائرة تبحث عن انعتاق وبعض الحلول،هذه المساحة التي تسمعني بشغف ،تعدّلني كأوتار عود فنّان قبل تقديم المواويل ، كمجداف لقارب تحرّكني حسب الإتّجاه ، ولبست الورق كعقد ، ظلاله تحملها حقائبي, وتفوح عطورها من مكتبتي ،وكلّما عبث الأرق ، أ لقي بهامة القلق بين هجائيّة تسحقه من عيني ،تحيله قصّة ، أجدني فيها كصلصال ، قابل للتشكيل ، او قصيد أسكنه وجعا أو فرحا ، وما بقي من حبر
أغزله خيوطا وأرسمه فراشات على زجاج ، ويد تعزف على كمنجة ، تحيط خاصرة
الذّكرى ، تراقصها ، وتنثرني وهجا في صقيع الوحشة ،كلّما أوقدت مدفأة الأمس ، فيرتفع القلم هالة من نور.
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::