2:المركز الثاني قصة العودة 38 درجة للكاتب أحمد طرشان / مصر
العـودة
واخيرًا عدت، عدت فاتحًا أعضائى، عفوًا أقصد أحضانى، قلبي يدق بعنف، ملت على أرض المطار أقبلها.
كنت قد احتفظت بعطشي حتَّى أصل، طلبت ماءً فأحضروازجاجة مياه معدنيَّة ألقيتها بعيدًا وسط دهشة الحاضرين، أسرعت عيشة وبيدها قلة كنت قد طلبتها منها في اّخر مكالمه لي معها، أقبلت عليها حتَّى أنهيتها وهي تقول:
من ماء النَّيل مباشرةً يا أخي والكل ينظر لي ببرودٍ واشمئزاز وكأنى أرتكب منكرًا، وقد عادت بى الذَّاكرة إلى الوراء فأرى نفسي طفلًا يأخذ قلةً مكسورة يصنع منها حبوبًا ألعب بها معها في ساحة الدَّار.
تركوني وانهمكوا في الشُّنط والإجراءات وكأنهم دمى تتحرك، تمنيت لو صليت ركعتين لله أمام يافطة كبيره كتب عليها ادخلوها بسلامٍ اّمنين، لكني فوجئئت بمن يصرخ: دكتور يا عالم، فالرَّجل قد يلقى نحبه، وجدت نفسي وحيدًا مع الرَّجل وهو يتلوى، فقد شاء سوء حظه أن تكون على الطَّائرة إحدى الرَّاقصات المشهورات، وقد عادت بعد رحلة هز وسط عالميَّة، انهمك الكل في استقبالها والتَّصوير معها، تذكرت أني طبيب، رفعت ملابس الرَّجل بمساعدة أختي عيشة لأكشف على قلبه، ياللهول قلب الرَّجل لاينبض، لكنه يتنفس، ألقى ما في جوفه وبدأ ينتعش، أمسكت برسغه أحاول أن أسمع نبضه ولاشئ، أقبل أمين الشُّرطه، قال مندهشًا: علام تكشف يا رجل ؟
قلت: على قلبه !
قال: ليس له قلب.
قلت: هل تعني أن قلبه في يمينه؟
قال وهو يسخر: أأنت من أهل اليمين؟
قلت: كيف؟
فأردف وهو يكشف لي عن صدره: ضع يدك أو سماعتك هنا فوضعتها على مكان القلب وبه أثر لعمليَّة جراحيَّة حديثة، فلم أسمع شيئاً.
أمسك بي الشُّرطي وهو يعلن في جهازه اللاسلكي عن وجود رجل غريب بالمطار يحمل في صدره شيئاً يدق قد يكون قلبًا، أو قنبلة، وهو يقول لي: كل أهل هذه المدينة بلا قلوب، إن كان لديك قلب فاذهب في حراستنا إلى أقرب مستشفى لتنزعه حتَّى تعيش بيننا أو عد من حيث أتيت !!!!!!!