المركز العاشر قصة البحث عن الرزق 33 درجة للكاتب محمد عبد القادر / مصر
البحث عن الرزق...
..(قصة قصيرة) فى أحد أيام شهر يوليو منذ عامين ، توجه سامى إبن الثمانية عشر ربيعا إلى مدرسته لإستطلاع نتيجة دبلوم التجارة ، والذى يعتبره سامى والكثيرين من أبناء بلدته الصغيرة ، بل وإقليم الصعيد كله " الشهادة الكبيرة" ، كما تسميها والدته. فما ان يحصل أحدهم على هذه الشهادة حتى يشعر بأنه قد ملك الدنيا بأسرها ، وقد امسك السماء بيديه ، نظرا للظروف المعيشية الصعبة التى يعيشونها من فقر مدقع ، وقلة للموارد المالية ، والتى حكمت عليه وإخوته الأربعة فضلا عن والده ووالدته بالعيش فى غرفة واحدة ، وحمام مشترك مع خمس عائلات أخرى . ما أن علم سامى بنجاحه حتى إنطلق عدوا من المدرسة وحتى بيته على مسافة خمسة كيلومترات دون توقف.فالشهادة تعنى له ولأهله الكثير. وهناك أبلغ والده عامل اليومية البسيط ، والذى بلغ من العمر أرذله ، فحمد الرجل ربه شاكرا، فها هو أحد أبنائه قد تخرج وسيتحمل العبء عنه، وها قد جاء وقته ليستريح. بعد مضى عامين من البحث عن عمل ، تبين لسامى الحقيقة المرة أنه لاعمل على الإطلاق ، وأنه بهذه الشهادة قد إنتقل من طابور طلبة المدارس إلى طابور العاطلين. فى إحدى زيارات جاره عبد الفتاح ، والذى يعمل لدى أسرة فى دولة بترولية مجاورة ، عرض عليه إيجاد عمل مشابه هناك . وطلب منه إستخراج جواز سفروتجهيز بعض المستندات ومبلغ ثلاثة آلاف جنيها هم قيمة تذكرة الطائرة وبعض المصروفات الأخرى. ولما لم يكن لدى سامى وأسرته ثلث هذا المبلغ فقد إستدان والده من كل جيرانه حتى تمكن من تدبير المبلغ المطلوب إعتمادا على إمكانية السداد فورعمل إبنه ، لاسيما وان المقابل المادى كما قال له جاره لابأس به ، وأنه فى خلال عام سيكون قد سدد ديونه وبنى بيتا صغيرا يؤوى فيه أهله . فى يوم السفر زوده والده بالنصائح اللازمة ، مشددا على ألا يسرف فى الإنفاق على نفسه ، وان يدخر كل قرش ممكن ، كما أعدت له والدته بعضا من المخبوزات الجافة التى من شأنها أن تعينه على العيش لمدة طويلة دون الحاجة إلى شراء طعام إمعانا فى توفير النفقات . إستقل سامى الطائرة المتجهة إلى بنغازى فى ليبيا ، حيث ينتظره جاره هناك ليأخذه إلى مدينة سرت حيث يعمل. هناك ....وعلى شطئ البحر....ذبح سامى وعشرين من زملائه ذبح الشاة ، دونما ذنب جنوه ، اللهم إلا إذا كان البحث عن الرزق الشريف يعد ذنبا يستوجب القتل. لم يذبح سامى ورفاقه فقط ، وإنما ذبحت معه آمال أسرته المكونة من سبعة أفراد ، بعد أن سقط والده ميتا بعد سماع النبأ.[تمت