ﺭﺑﻴﻊ ﺍﺧﺮ
ﻋﺸﺮﻭﻥ ﻋﺎﻣﺎ ﻣﺮﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻟﺤﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻭﻃﻨﻪ، ﻭﻫﺎﻫﻮ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺻﺒﺎﺡ ﻋﻘﺐ
ﻋﻮﺩﺗﻪ ،ﻳﻮﻟﺞ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ، ﻣﺤﻤﻼ ﺑﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺧﺒﻴﺌﺔ ﻣﻨﺬ ﺃﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻷﻭﻝ .
ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺍﻟﺠﻠﻮﺱ ﻓﻴﻪ , ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺟﻠﺴﺘﻪ ﺭﺍﺣﺖ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﺗﺠﻮﺳﺎﻥ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ، ﻟﻢ
ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ، ﻛﻞ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻇﻠﺖ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ، ﺍﻟﻜﺮﺍﺳﻲ ، ﺍﻟﻄﺎﻭﻻﺕ ، ﺍﻟﻮﺍﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﺰﺟﺎﺟﻴﺔ ،
ﻣﻜﺎﻥ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ، ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺣﺪﻫﻢ ﺗﻐﻴﺮﻭﺍ ،ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺔ ﻟﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ , ﺣﻞ ﺃﻧﺎﺱ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ،
ﻭﻋﻢ ﺻﺎﺑﺮ ﺍﻟﻨﺎﺩﻝ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ، ﻫﻞ ﻏﻴﺒﻪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺠﺰ ؟
ﻧﺎﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺩﻝ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻓﺄﺗﺎﻩ ﻣﺴﺮﻋﺎ ، ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻓﻨﺠﺎﻥ ﻗﻬﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻳﻖ، ﻭﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﻗﻬﻮﺗﻪ
ﺗﺮﻙ ﻟﻌﻴﻨﻴﻪ ﺍﻟﻌﻨﺎﻥ ﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ، ﻋﻠﻰ ﻭﻗﻊ ﺧﻄﻰ ﺣﺬﺍﺀ ﻧﺴﺎﺋﻲ ﺭﻓﻊ ﺭﺃﺳﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ، ﺗﺎﺑﻊ
ﺍﻟﺼﻮﺕ ﺣﺘﻰ ﺭﺃﻯ ﺻﺎﺣﺒﺘﻪ ﺗﻠﻘﻲ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺪ ﺍﻟﻜﺮﺍﺳﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻨﻪ , ﺗﻔﺮﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻠﻴﺎ .
_ ﻳﺎ ﺍﻟﻬﻲ ﺃﻧﻬﺎ ﻫﻲ .
ﺍﺳﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﻛﺮﺳﻴﻪ ﻭﻣﻀﻰ ﻧﺤﻮﻫﺎ ، ﻗﻠﺒﻪ ﻳﺴﺒﻘﻪ .
ﻗﺎﻝ ﻭﻫﻮ ﻳﻤﺪ ﻳﺪﻩ ﺇﻟﻴﻬﺎ :
_ ﺃﻫﻼ ﺃﻣﻞ .
ﺻﻌﺪﺗﻪ ﺑﻨﻈﺮﺓ ﻣﺘﺄﻣﻠﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺻﻮﺗﻬﺎ :
_ ﻣﻦ ؟ﺃﺳﺘﺎﺫ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ !
ﻭﺩﻋﺖ ﻛﺮﺳﻴﻬﺎ , ﻭﺟﻠﺴﺎ ﻣﻌﺎ ﻓﻲ ﺭﻛﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ , ﻭﻛﻨﻬﺮ ﺩﺍﻓﻖ ﺍﻧﺴﺎﺑﺖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ .
ﺳﺄﻟﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ :
_ ﺃﻣﺘﺰﻭﺟﺔ ﺃﻧﺖ ؟
_ ﻣﻄﻠﻘﺔ , ﻭﺃﻧﺖ ؟
_ ﺃﺭﻣﻞ .
ﺣﻴﻦ ﺧﺮﺟﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﻛﺎ ﻥ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﺸﺒﻚ ﻳﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﺃﻳﺪﻱ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻭﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻳﺪﻕ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻴﻬﻤﺎ
ﺃﺑﻮﺍﺑﻪ