عندما غاب القطار
الليل يوغل فى المسير، تُسرع خطواتها كلما تطلعت لعقارب الساعة، أضاعت وقتا ثمينا فى انتظار القطار الاخير، تصاعد دخان الحسرة من أنفها و المذيع الداخلى للمحطة يعلن أن عطلا مفاجئا سيمنع – القطار- من القيام .. مضت تضغط على روحها انقباض عضلة القلب، يبتلعها وحش الضيق ، القلق على أطفال ينتظرون عودتها ، تعبت من مد يدها لنهر الطريق، لا أحد استجاب لإشارتها، تناقصت أعداد المارة فى الشارع ، ارتفع مؤشر خوفها، هلعها .
توقف أمامها، سحنته كممثل فى فيلم رعب، دست فى يده ورقة فئة مائة جنيه ، تغريه لتوصيلها كأنما مسته الكهرباء، طار بسيارة الأجرة فى الشوارع غادر أضواء المدينة .. امتدت يده بحركة غادرة ،تحسس جسدها المكتنز باللحم، ردت كفه – بلطف - ملتمسه له العذر "لعله لا يقصد" .. عاودت أنامله التسلل، تعرض وجهها لصهد فرن الحرج، تقطعت أنفاسها من الخوف ، وقعت فريسة فى مخالب وطواط ليل ، صرخت فيه ليكف، اهتزت السيارة، تموجت على الطريق، أنحرفت تتعثر على مدق ترابى،أوقف محركها، سحب مفتاح حديدى يستخدمه لإرهاب من لا ينصاع، يدفع ما يطلبه .
- خذ ما تريد واتركنى .
لمعت عينيه كنمر أحاط بذراعية غزال برئ.
- تريدنى .. أطلبني .. الليلة من أخوتى.
علت تجاعيد وجهه ابتسامة الظفر، الثقة بتحقق المراد .
- لن أسلمك جسدى، اقتلني .
جذبها من شعرها إلى خارج السيارة، ضرب رأسها فى شجرة سنط، هم بها أتاها صوت هند بنت عتبة :
أو تزنى الحرة !
دفعت ركبتها لبطنه، هاج كثور فى حلبة مصارعة ، ركلها بمقص خلفى، طرحها ، سقطت النخلة، لم ُتسلم مواقعها الحصينة رغم عنف غاراته ، بصقت فى وجهه لحظة سالت إفرازاته ، استنفرته، تحدت فحولته:
- ظننتك رجلا تروى الظمأ .
حاول احتوائها بكل عزيمته، صمدت، أخذت تصد و لا ترد ، اعتصرته كليمونه ، أراق فى الوحل فتوته ، لم يبق فى الإناء مزيد، انتفضت كمهرة أصيلة تشق الأرض بحافر شهوة الانتقام من سائس أهان كرامتها،
رقد – المجرم- على بطنه فى إجهاد ، يسرى بجسده شعور بالخمول اللذيذ ،قفزت على ظهره بقدميها ، صرخ ،اعادت الكرة، اطرب أذنيها قرقعة تهشم عموده الفقرى، واصلت هجومها المضاد بسعادة طفلة تلعب الحجلة ،
صفقت البوم بأجنحتها، انحبست آناته المستغيثة ، المسترحمة ، وضعت صوان أذنها على صدره، سمعت نبضا خافتا لقلبه، سترت جسده، جذبته إلى السيارة ، وضعته –باحتقار- فيها، ثبتت قدمه على البنزين ، أدارت المحرك، وجهت عجلة القيادة من الخارج ، دفعت السيارة من الخلف إلى مصيرها .. نظرت إليها
- بضمير مستريح – يقضمها الرياح بين أمواجه .
شاهدت على صفحة السماء الصافية وجوه أبنائها يبتسمون فرحا بها .