جبر الخواطر ... بقلم الكاتبة تقي شهير ـ مجلة نجوم الأدب والشعر

تلك النظرة الحائرة في عينيها العسليتين..تقف على الرصيف و تمسك طرف فستانها القديم أو الجديد لا يهم فكلاهما كالآخر في عالمها..تعض على شفتيها متلفتة حولها تشاهد هذا اليوم بما فيه..تنظر لكل روح تسير أمامها..تتفحصها ماذا تلبس و كيف تتكلم و من تصاحب..تلك الفتاة من عمرها تقف مع أصدقائها..ما أشقى أيام دراستها و ما أروع الحديث عنها..م ما هذا الذي تلفظه! يبدو أنه كلغة الأكابر..أو..أوك..أوكاي..هكذا أنهت حديثها..آه..تلك المتألقة هناك..خواتم في نصف أصبعها! و شعرها مرفوع لفوق..نظارة سوداء للشمس و هذا الوسيم حامل الكتب بين يديه يغازلها..و هي تضحك و تنير الشمس في نظارتها..
تقضم الفتاة أظافرها ببراءة و يزداد تركيزها..هناك أخرى في سيارة..هي من تقود في ذاك الشارع الواسع و تنعطف عندما ينعطف ما أبرعها!..تتفرج الفتاة و عينيها متسعتين و تجلس على الرصيف و تفرد فستانها و تضع رجلاً على الأخرى و تهز قدمها_ التي أنتعلت فيها حذاء لا تعلم من أين أتوا به لها أو من كان يخص فتخلى عنه لردائته_متناسية تلك الضوضاء حولها و أخذت تردد أوكي أوكي..فيأتي رجل من ورائها و يدفعها و يعلو صوته..*قومي من مجلسك..من تظنين نفسك..هيا أذهبي من هنا.. تقوم الفتاة مسرعة # حسناً لا تدفعني.. ثم تخرج له لسانها و تسير بعيداً و تجلس على رصيف لشارع آخر حيث لا زحام و تهز قدميها كأنها لا تبالي..ترى قطة بجانبها فتمسح على رأسها و تحدثها.. # أين أصدقائك؟ لم لا تلعبين كباقي القطط؟ أأخرجوكِ من اللعب لأن ذيلكِ لا يشبه ذيلهم أم طردوكِ لأنهم وجدوا الطعام قبلكِ فخشوا أن تأخذي من نصيبهم؟ ألهذا تبحثين عن الطعام في القمامة؟ كي لا تسألي قطة أخرى فتبغضكِ لأنكِ جائعة؟ لم أنتِ حزينة؟ لأن الجميع يظنك ستسرقينهم حين تقتربي منهم..لم تظنيهم يظنون ذلك.. ثم تنظر لفستانها.. # أهناك علامة بي كتب عليها سارقة! أم فقط لأني لا أرتدي مثلهم؟ لا تحزني.. ستجبر الدنيا بخاطرك لأنكِ تجبرين بخاطرها..نعم نعم..فهي عندما تقع في مشكلة أنتِ تواسيها..أتذكرين عندما أمطرت البارحة خرجتي تضحكي تحت الأمطار و تبللتي فقط لتثبتي للأشجار التي أرتعشت أن الأمطار ليست مخيفة و ستزول..حسناً غداً سيكون أفضل لا تهتمي لهم الآن فلتريني ماذا في قمامتكي لنتشاطره سوياً و لنجبر بخاطرها و ننتقي منها ما نشتهي كي تشعر بقيمتها..فهي من المؤكد مثلنا حزينة لأن الناس تبغضها!!