ﻫﺠﺮﺓ (2‏) ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺭ... بقلم الكاتبة الفلسطينية نادية فهمي - مجلة نجوم الأدب والشعر

ﻫﺠﺮﺓ 2‏)
ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺭ
ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻴﺘﻪ ، ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮﻩ ﻳﻄﻠﺐ ﻗﺴﻄﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ، ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ ؟ ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ
ﻋﺎﺋﺸﺔ ، ﻳﺮﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻭﻳﺠﻠﺴﻪ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻭﻳﻘﻮﻝ : ﻣﺎ ﻳﺄﺕِ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻻ ﻷﻣﺮٍ ﺣﺪﺙ !
ﻗﺪ ﺃﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﺤﺒﻴﺒﻪ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﻣﻜّﺔ ﻭﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ، ﻭﻫﺎ ﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮٍ
ﺳﺘﺮﺍﻓﻘﻪ ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺘﻪ ﺍﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺸﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ .
ﻳﺒﺪﺁﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ ﻛﻞّ ﻋﻠﻰ ﺭﺍﺣﻠﺘﻪ ، ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﻋﺮٌ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ، ﻭﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺗﺤﻤّﻞ
ﻣﺸﺎﻕّ ﺍﻟﺴﻔﺮ ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﻤﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎً ، ﻟﻢ ﻳﻨﺴﻬﻤﺎ ، ﺣﻴﺚ ﺃﻟﻬﻢ ﺍﺣﺪﻯ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﺍﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺃﻥ
ﺗﺘﻌﻘّﺐ ﺧﻄﻮﺍﺗﻬﻤﺎ ﻟﺘﺮﺳﻞ ﺍﻟﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ، ﻟﻢ ﺗﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﻤﺎ ﻣﻌﻬﺎ
ﺩﻭﻥ ﺍﻥ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺃﺣﺪ ﻓﻘﺴﻤﺖ ﻧﻄﺎﻗﻬﺎ ﻗﺴﻤﻴﻦ ﻭﺿﻌﺖ ﻓﻲ ﻭﺍﺣﺪﻫﻤﺎ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺳﺎﺭﺕ
ﺍﻟﻴﻬﻤﺎ ﻟﺘﻘﺪﻣﻪ ﻟﻬﻤﺎ ﻭﻳﺴﺪّﺍ ﺑﻪ ﺟﻮﻋﻬﻤﺎ ..
ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻪ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﻛﻪ ، ﺑﻴﺘﻪ ، ﻭﻃﻨﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﻧﻰ ﻓﻴﻪ ﺃﺷﺪّ
ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻪ ، ﻫﺎ ﻫﻢ ﻳﻄﺮﻗﻮﻥ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺑﻜﻞ ﻭﺣﺸﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻛﺎﺩﻭﺍ ﻳﺨﻠﻌﻮﻧﻪ ، ﻳﺎ ﻟﻬﺎ
ﻣﻦ ﻣﻔﺎﺟﺄﺓ ! ﻣﻦ ﻧﺮﻯ ﻫﻨﺎ ؟ ﻧﺤﻦ ﻣﺘﺄﻛﺪﻭﻥ ﺃﻧﻪ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺀ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎ ، ﻛﻴﻒ ﺍﺣﺘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻨﺎ
ﻭﻏﺎﺩﺭ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻪ ،ﺃﺧﺬﻭﺍ ﻳﺘﻤﺘﻤﻮﻥ ﻛﻞّ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻪ ﻭﻳﺘﻼﻭﻣﻮﻥ ﻷﻧﻬﻢ
ﺍﻧﺘﻈﺮﻭﺍ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻲ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﺀ .
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺃﺭﺳﻠﻮﺍ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﻣﻦ ﻳﺘﺘﺒﻌﻪ ، ﻻ ﺷﻚّ ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻗﺮﻳﺒﺎً ، ﻻ ﺗﺪﻋﻮﻩ
ﻳﻬﺮﺏ ﻣﻨﻜﻢ ، ﻫﻜﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪﻫﻢ ، ﻣﻦ ﺳﻴﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺠﺎﺋﺰﺓ ﺣﻴﻦ ﻳﻌﺜﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳﻌﻴﺪﻩ ﺍﻟﻰ
ﺃﺷﺮﺍﻑ ﺍﻟﻘﻮﻡ ؟ ﻫﺎ ﻫﻮ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﺍﻥ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﻪ ﺣﻴّﺎً ،
ﺭﺟﻞ ﻳﺪﻋﻰ ﺳﺮﺍﻗﺔ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ، ﻟﺘﺒﺪﺃ ﺭﺣﻠﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ
ﻳﺮﻛﺐ ﻓﺮﺳﻪ ﻭﻳﻠﻮﺫ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﺒﺮﻕ ﻟﻴﻠﺤﻖ ﺍﻟﺮﺣﻞ ﻗﺒﻞ ﻓﻮﺍﺕ ﺍﻷﻭﺍﻥ .
ﻳﻤﺸﻲ ﻭﻳﻤﺸﻲ ، ﻳﺘﺘﺒﻊ ﺍﻟﺨﻄﻰ ، ﻫﺎ ﻫﻲ ﺑﻀﻊ ﺑﺼﻤﺎﺕ ، ﻫﻮ ﻟﻴﺲ ﻭﺣﺪﻩ ، ﻻ ﺑﺪّ
ﻭﺻﺎﺣﺒﻪ ﻗﺪ ﻏﺎﺩﺭ ﻣﻌﻪ
ﻳﺘﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﻟﻠﻴﻞ ﻭﻻ ﻳﺠﺪ ﻟﻠﺒﺼﻤﺔ ﻣﻜﺎﻧﺎً ، ﺃﺷﺎﻫﺪ ﻣﻐﺎﺭﺓ ﻣﺨﻴﻔﺔ ، ﻻ ﺑﺪّ ﻭﺃﻧﻬﻤﺎ
ﻳﺴﺘﺮﻳﺤﺎﻥ ﻫﻨﺎ ، ﻫﻜﺬﺍ ﺃﻛّﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﻌﻘﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﺬﻩ ﺧﻴﻮﻁ
ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ ﻣﺘﻰ ﺑﻨﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ، ﻭﻟﻢَ ﺗﺘﻮﺍﺟﺪ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﺤﻤﺎﻣﺘﻴﻦ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺨﻴﻴﻮﻁ ﻭﻟﻢ
ﺗﺘﻤﺰّﻕ ، ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻜﻮﻙ ﻟﻢ ﺗﻐﺎﺩﺭ ﻛﻴﺎﻧﻪ ، ﻳﺸﻌﺮﺍﻥ ﺑﻪ ، ﻳﺘﻤﻠﻚ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﺨﻮﻑ ،
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻣﺤﻤﺪ ‏( ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ‏) ﻳﻄﻤﺌﻨﻪ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﻭﻟﻦ
ﻳﻤﺴﻬﻤﺎ ﺃﻱّ ﺃﺫﻯً ﻣﻦ ﺃﻱ ﺃﺣﺪ ﻫﻨﺎ ﻳﺘﺮﺍﺟﻊ ﺳﺮﺍﻗﺔ ﻟﻴﻌﻮﺩ ﺃﺩﺭﺍﺟﻪ ، ﻓﻘﺪ ﺧﺎﺏ ﻭﺃﻣﻨﻴﺘﻪ
ﻓﻲ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺠﺎﻩ ﺑﻌﻮﺩﺗﻪ ﻣﻌﻪ ، ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻭﺻﺎﺣﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺭ ﺍﻟﻰ ﺃﻥ
ﻳﺄﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﺸﺎﺀ