ﻫﺠﺮﺓ ‏( 3 )... بقلم الكاتبة الفلسطينية نادية فهمي - مجلة نجوم الأدب والشعر

ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﻫﺠﺮﺓ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭﺓ
ﺳﻔﺮ ‏( ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ‏)
ﺍﻟﺮﺍﺣﻠﺘﺎﻥ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺎﺭ ﺗﻨﺘﻈﺮﺍﻥ ﺧﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺑﻪ ﻟﻴﻜﻤﻼﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ ﺍﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺃﺭﺍﺩ ﻟﻬﻤﺎ ﺍﻟﻠﻪ
، ﻳﻤﺴﻚ ﺑﻬﻤﺎ ﻭﺍﺣﺪٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔّﺎﺭ، ﻳﺤﺮﺳﻬﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﻦ ﻣﻐﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻭﺻﺎﺣﺒﻪ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ،
ﻫﺎ ﻫﻤﺎ ﻳﺨﺮﺟﺎﻥ ﺑﻌﺪ ﻣﻜﻮﺙٍ ﻃﺎﻝ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳّﺎﻡ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻭ ﺃﻗﻞّ ، ﻳﻤﺸﻲ ﺍﻟﺮﻛﺐ
ﺑﺄﻣﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﻋﺎﻳﺘﻪ ، ﻛﻞّ ﻋﻠﻰ ﺭﺍﺣﻠﺘﻪ ، ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﻃﻮﻳﻠﺔ ، ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﺤﻤّﻞ
ﻣﺸﺎﻕ ﺍﻟﺴﻔﺮ ، ﺗﺮﺍﻫﻢ ﺃﻳﻘﺪﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﻮﺍﺭ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ، ﺃﻡ ﺳﻴﻌﺎﻭﺩﻭﻥ ﺃﺩﺭﺍﺟﻬﻢ ،
ﻃﺒﻌﺎً ﻻ ﻓﻤﻬﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻦ ﺗﻌﺐ ﻭﻫﻼﻙ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺬّﺑﻪ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻓﻲ
ﻣﺴﻘﻂ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺃﻗﺮﺑﺎﺋﻪ ، ﻭﻃﺎﻟﻤﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺬﻟﻚ ، ﻓﻠﻴﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ
ﻳﺸﺎﺀ ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻳﺸﻌﺮ ﺍﻟﻨﺒﻲّ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﺑﺎﻟﺠﻮﻉ ﻗﺪ ﺃﺧﺬ ﻣﻨﻪ ، ﻭﻣﺎ
ﻫﻲ ﺍﻻ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﻭﻳﻤﺮﻭﻥ ﺑﺎﻣﺮﺃﺓ ﺗﺤﻤﻲ ﻏﻨﻤﻬﺎ ، ﻳﺮﻯ ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻴﻘﻮﻝ
ﻟﻠﻌﺠﻮﺯ : ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺎﺓ ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻬﺎ؟ ﺗﺠﻴﺐ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﺤﻠﻮﺏ ، ﻓﻴﻤﺴﻜﻬﺎ ﻭﻳﻄﺒﻄﺐ
ﻋﻠﻰ ﺛﺪﻳﻴﻬﺎ ﻭﻳﺬﻛﺮ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻳﺤﻠﺒﻬﺎ ﻭﻳﺸﺮﺏ ﻫﻮ ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻪ ﻭﻳﻘﺪّﻡ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻟﻠﻌﺠﻮﺯ ،
ﻳﺎ ﻟﻠﻬﻮﻝ ! ﺻﻌﻘﻬﺎ ﻣﺎ ﺭﺃﺕ ، ﻭﻏﺎﺩﺭﻫﺎ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻭﺻﺤﺒﻪ ، ﻭﻋﺎﺩ ﺯﻭﺟﻬﺎ
ﻓﺄﺧﺒﺮﺗﻪ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻌﻬﺎ ، ﻗﺎﻝ ﻟﻬﺎ : ﺻﻔﻴﻪ ﻟﻲ ، ﻓﻠﻤﺎ ﻭﺻﻔﺘﻪ ﺗﺄﻛّﺪ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲّ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺬﻛﺮﻭﻧﻪ ﻓﻲ ﺭﺣﺎﺏ ﻣﻜّﺔ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﻮﺍ ﻳﻄﺎﺭﺩﻭﻧﻪ ﺍﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ ، ﻫﻜﺬﺍ ﻗﺎﻝ
ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ .
ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻳﻤﺸﻲ ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻭﺍﻟﺮﻛﺐ ﺳﺎﺋﺮٌ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ
ﺗﻌﺮّﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻴﺒﻌﺪ ﻣﻦ ﻳﻼﺣﻘﻮﻧﻪ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﺷﺎﺭﻑ ﺍﻟﺮﻛﺐ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ، ﺑﺸﺎﺋﺮ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻫﻠّﻠﺖ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ، ﺃﻫﻞ ﻣﻜّﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮﻩ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺸﻮﺍﺭ ، ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻧﺼﺎﺭ ، ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻗﺪ ﺍﺷﺘﺎﻕ ﻟﻠﺤﺒﻴﺐ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ،
ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻳﺤﻦّ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻨﺒﻲّ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﺮ ، ﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻀّﻴﺎﺀ ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ، ﺑﺸﺮﺍﻙ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺐ
ﺍﻟﻠﻪ ﻫﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻚ ﻧﻨﺘﻈﺮ ، ﺑﺸﺎﺋﺮ ﺍﻷﻧﺎﺷﻴﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻟﺤﻈﺔ
ﻇﻬﺮﺕ ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ ﻗﺪﻭﻡ ﺍﻷﺣﺒﺎﺏ
ﻃﻠﻊ ﺍﻟﺒﺪﺭ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺛﻨﻴّﺎﺕ ﺍﻟﻮﺩﺍﻉ
ﻭﺟﺐ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﺩﻋﺎ ﻟﻠﻪ ﺩﺍﻉ
ﺃﻳّﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﻌﻮﺙ ﻓﻴﻨﺎ ﺟﺌﺖ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺍﻟﻤﻄﺎﻉ
ﺟﺌﺖ ﺷﺮّﻓﺖ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﺮﺣﺒﺎً ﻳﺎ ﺧﻴﺮ ﺩﺍﻉ
ﺑﺮﻙ ﺍﻟﺮﺣﻞ ﺣﻴﻦ ﻭﺻﻮﻟﻬﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﻭﺟﻠﺴﻮﺍ ﻷﺧﺬ ﻗﺴﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ، ﻭﺗﻌﺎﻟﺖ
ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﺣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻪ ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ
ﺑﺪﺃﺕ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻮّﺭﺓ