حطّمتْ قلبَه ، مثل كأس قد هوى من طاولة فتشظّى ، احترقتْ باقي تفاصيل حياته، على الحائط علّق مجده العلمي ، طال للعمل انتظاره ، حلم أنّ - مثل باقي الناس - في الدنيا له شيئًا يشغله و يعمله. في المقهى ، اقترب منه مَنْ تدثّر بلباس العلم وذقن الأتقياء، مسح على جرحه بنعومة الكلمات ، فتح له في السماء بابَ الفرجِ، منه يلجُ ليصير مع اللأتقياء، الأنقياء. لا السبيل سوى الجهاد ، قَتْلُ كفّار البلاد ؛ لم يحكموا بما أنزل الله ، حرّفوا الشرع المبين ... أي بنيّ ، هيّا أسرع للجنان ، لأنهار الخمر، وأحضان الحور الحسان...
حمّلوه قنبلة ، تحت جسر في انتظار حافلة الجندِ ،وحرّاس الحدود . رأى زهرةً عشقتِ النورَ، فمدّت له الجذورَ، وأعناق الغصون ، جاءتْ نحلة مصّتْ منها رحيقًا، جاء عصفورٌ استظلّ تحت ظلّ أوراقها ، جاء صرصور يبحث من حولها علّه يجد غذاءً.. كلّما حرّكت النسمة لها غصنا ، ملأت الجوّ عطرا ينعش الروح.
قام.. رمى القنبلة في النهر القريب، قال في نفسه : هذه الزهرة أحقّ بالجنة مني.