أمي والذكرى
***
أغالب الدمع حين تجود المآقي
أعتِّقُ الحزن في نحيب النّايات
أحارب الموت في سيول السواقي
أشعل الجمر في صقيع الحياة
***
أُسأئل الرحيل عن سيف النوى
تبوح الفصول بسرِّ الخريف
أمسح الدَّمع الهَمومَ إذا جرى
أدفن الوجد في قلبيَ الرَّهيفْ
***
أمي
لم يعد قلمي يُسعفُني
كل القصائد الحُبلى
هجرت أوراق فرحي
لم يعد صوتي يطربني
كل الأغاني الفُضلى
لبست أسمال تَرَحي
لم يعد الشفق يبهرني
ولا اللون في جمال الورود
لم يعد النغم يسعدني
ولا الوتر على صدر العود
***
بعدك يستوطن الكدر وجدان الورى
يجف المطر في حلق الغيوم
يستبيح الأرق أجفان الكرى
يكبو الفرحُ في نار الهُموم
بعدك تعوي الريح في غياب المدى
ينكمش النور في رحم النجوم
تخبو النفس في انكسار الخطى
يتجه الخاطر للواحد الرَّحوم
***
أمي
مدّيني صبراً
لقد تورَّمت الجفون
كلما صلّيت فجرا
بالدّمع تذكرك العيون
***
أحنُّ لقبلة وقار على نبل جبينك
كحنين الجفاف لغليل الأمطارْ
أحنُّ للمسة حنان من نعيم كفيك
كحنين الصباح لبشير الأنوارْ
أحنُّ للقمة خبز من مِلح يديك
كحنين الطيور لبذور الأزهارْ
***
أحاجج الوجود في سمو المراقي
أزرع الحروف بين عيون المَناة
أعاضد النفوس في بَوْر التلاقي
أنسج القصيد من رماد الرُّفاتْ
***
أمي
أبعد العمر تشرق الشمس كما عهدتها
حاملةً حلميَ التائهَ عني؟
أم تسبح هائمة في فلكها
لتخاتل خيوط فجري؟
أبعد العمر تبقى الأقمار على عروشها
حافظة طقوس التمني؟
أم تنزوي خلف ظلها
لتنام على عتبة قبري؟
أمي.....أمي