المركز التاسع قصيدة تراتيل البقاء 48 درجة للشاعرة صالحة بورخيص / تونس
تراتيل البقاء
-----------
قالت لي أمّي ذات مساء:
يا بنيّتي
عندما جاءني المخاضُ كنت وحيدة
وكان ابوكِ ينتظر قدوم الفارس الهلالي وكنت أنا مع كل وجع ارتجف
أنهمرُ بالبكاء...
فعندما لا يكون المولود ذكرا
تغْضَب القبِيلة وتكشّرُ عن أنيابِها تأتي على الأخضر واليابِس
تقطّع الشّرايين
ترمي وراءها بكلّ الطقوس الدينيّة.... "اذا بُشِّر أحدُهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودًّا وهو كظيم" تدركون...
كيف يُسدلُ الظلامُ خيوطَه؟
كيف يفرِش الحزن أجنحته؟
كيف يخيِّم الصمت داخل البيت الأُنثوي؟ "واذا الموؤودة سئلت"
بأيّ ذنب قُتلتْ؟
بأيّ ذنب قُهرت؟
بأيّ ذنب عُذّبت؟
حين ولدَتْني أمّي توَّجتْني بمُعلّقاتِ الشّرف رغم أنفِ القبيلة
وطلبَتْ منّي أن أثور
في وجه الجاهليّة الرّذيلة
فليذهبوا جميعا الى الهاوية
وليقذف بهم الموج على السّاحل كما فعل بفِرْعون وجنوده الا بُعْدا لقوم جاهلين..
علّمتْني الملكة دروسا في الصّبر علّمتْني بأن أصمد
في وجه التّيار
أن أقهر الظلام
فمهما اشتدّ سواد اللّيل
فإنّ للنّور قناديل..
وكما للشّمس خيوطُ
فلِطُقوسِ الفرح تراتيل