ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ‏(ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﺔ ‏) للشاعرة اﻠﺪﻛﺘﻮﺭﺓ ﻧﺎﻫﺪﺓ ﺣﻤﺎﺩﻩ/ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺑﻘﻠﻢ الكاتب والناقد /ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﺰﻋﻞ/ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ- مجلة نجوم الأدب والشعر

ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﺔ ﻧﺤﻦ ﺃﻣﺎ ﺳﻴﻞٌ ﻫﺎﺩﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯ
ﺭﺳﻤﺘﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﻓﺮﺷﺎﺓ ﻓﻨﺎﻧﺔ ﻗﺪﻳﺮﺓ ﺑﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﻝ . ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺟﻌﻠﻬﺎ ﺑﻤﻘﺎﻃﻊ
ﻣﺘﻨﺎﺳﻘﺔ ،ﻭﺑﻴﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻃﻊ ﻭﺣﺪﺓ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗﺒﻴّﻦ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﺈﻃﺎﺭٍ ﻭﺍﺣﺪ،ﻭﺿﻤﻦ
ﺩﻻﻻﺕٍ ﺗﺮﻣﻲ ﻟﻠﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ ﻭﻫﻲ ﻣﻨﺎﺟﺎﺓ ﻋﺎﺷﻘﺔ ﻭﺑﻮﺡ ﻳﻤﻸﻩ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻭﻳﻐﻠﻔﻪ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ...
ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﺷﻌﺮﻳﺔ : ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻭﺗﻨﺎﺹ ﺍﻟﺒﺪﻭﺭ، ﻭﻳﻨﺘﻬﻲ
ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﺁﺧﺮ ﺍﻷﻟﻢ ﺣﻮﺍ ﻭﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺸﻈﻰ ﺇﻟﻰ ﻋﺪّﺓ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﺿﻤﻨﻴﺔ ﻣﻨﻄﻮﻳﺔ
ﺗﺤﺖ ﺍﻟـ ‏( ﺃﻧﺎ ‏) ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﻭﺍﻟﻤﺘﺠﺰﺉ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺇﻟﻰ ﻭﺣﺪﺍﺕ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ
ﻳﺠﻤﻌﻬﺎ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻬﻨﺪﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ . ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻛﻮﺣﺪﺓ ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ﺑﻤﻘﺎﻃﻌﻬﺎ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺗﺸﻜﻞ
ﻫﻨﺪﺳﺔ ﻋﻤﺎﺭﻳﺔ ﻣﺘﺼﺎﻋﺪﺓ ﻛﺒﻨﺎﺀ ﻋﻤﻮﺩﻱ ﻳﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺒﻪ ﺃﺳﺎﺱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺛﻢ
ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻛﺎﻥ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩﺍً ﻟﻠﻤﻘﻄﻊ ﺍﻟﻤﺘﺼﺎﻋﺪ ﺇﻟﻰ ﺫﺭﻭﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻬﻨﺪﺳﻲ
ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ .ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺠﻢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺘﺠﻪ ﻟﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺮﺡ ﺍﻟﻤﺘﻤﺎﺳﻚ ﺟﻤﺎﻻً ﻭﺭﻗﺔً،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ
ﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﺍﻟﻤﺘﻤﻜﻨﺔ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ .
ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﻗﺼﻴﺪﺗﻬﺎ ﺑﺠﻤﻠﺔ ﺍﺳﻤﻴﺔ ‏(ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﺔ ‏) ﻭﺍﻻﺳﻢ ﻳﻔﻴﺪ ﺑﺤﺴﺐ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻟﺜﺒﻮﺕ
ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ‏) ﻓﺼﻔﺔ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻫﻲ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻭﻣﺼﻴﺮﻫﺎ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺗﻔﺮﺯﻩ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ
ﻟﻼﺳﻢ . ﻭﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻﻥ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﻗﺒﻠﻪ ﻋﻠﻢ
ﺍﻟﻨﺤﻮ :ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻔﻈﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﺔ ﺧﺒﺮٌ ﻟﻠﻀﻤﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﻔﺼﻞ ﺃﻭ ﺻﻔﺔ ﻟﺨﺒﺮ ﻣﻘﺪّﺭ ﻭﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻱ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻊ
ﻟﻮ ﺃﻥّ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﺟﺎﺀﺕ ﺑﻀﻤﻴﺮ ﺍﻟﻔﺼﻞ ‏(ﻫﻲ ‏) ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺃﻗﻮﻯ ﻭﺍﻧﺒﺴﺎﻃﻬﺎ ‏( ﺃﻋﻨﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ‏)
ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ .
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﺔ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻨﻮﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﺎﺋﺪﺓ
ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻀﺎﻥ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻟﻬﺐ ﺍﻟﻤﻐﻴﺐ
ﻣﻦ ﺍﻛﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﻓﻲ ﺍﺯﺩﺣﺎﻡ ﺍﻟﻐﻴﻢ
ﻭﺗﻨﺎﺹ ﺍﻟﺒﺪﻭﺭ ...
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻤﻌﺠﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻳﺔ ﻓﻲ
ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭ ﺍﻟﻌﻤﻮﺩﻱ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ . ﻓﺒﻌﺪ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﻭﺩﻭﺍﻣﻪ ﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﺸﻖ
،ﻓﻄﺎﻟﻌﺘﻨﺎ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﺳﻤﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮّﺓ : ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻨﻮﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﺎﺋﺪﺓ .. ﻃﻴﺮ ﻳﺤﺐُّ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻣﻦ ﺭﺣﻠﺔٍ
ﻣﻀﻨﻴﺔ ﻓﻬﺎﻫﻲ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﺗﻮﺿﺢ ﻟﻨﺎ ﺑﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﻣﺠﺎﺯﻳﺔ ﻭﻣﻌﺎﻥٍ ﺍﻧﺰﻳﺎﺣﻴﺔ ﺳﻤﺎﺕ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ‏( ﻣﻦ
ﺍﺣﺘﻀﺎﻥ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻟﻬﺐ ﺍﻟﻤﻐﻴﺐ
ﻣﻦ ﺍﻛﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﻓﻲ ﺍﺯﺩﺣﺎﻡ ﺍﻟﻐﻴﻢ
ﻭﺗﻨﺎﺹ ﺍﻟﺒﺪﻭﺭ ... ‏)
ﺛﻼﺙ ﺻﻮﺭ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﺣﺘﻀﺎﻥ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻟﻬﺐ ﺍﻟﻤﻐﻴﺐ،ﺻﻮﺭﺓ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮّ
ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻕ ُ،ﺛﻢَّ ﺻﻮﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻌﺘﻤﺔ ﻭﻟﻌﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺮﻭﺩﺗﻬﺎ ﺗﻌﻜﺲ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ﺃﻭ ﺣﺒﻴﺒﻪ ... ﻭﺗﺄﺗﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﻫﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﺟﻌﻠﺘﻨﻲ
ﺃﺑﺤﺚ ﻓﻲ ﻛﻨﻪ ﺍﻟﺘّﻨﺎﺹ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﻨﻴﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ .ﻓﺎﻟﺘّﻨﺎﺹ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ : ﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭٌ ﻟﻨﺼﻮﺹٍ ﺃﺧﺮﻯ
ﻭﺗﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﻧﺺ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻭﻳﻘﺴﻤﻮﻧﻪ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ :ﺗﻨﺎﺹ ﺧﺎﺭﺟﻲ،ﻭﺗﻨﺎﺹ ﺩﺍﺧﻠﻲ،ﻭﺗﻨﺎﺹ
ﺫﺍﺗﻲ،ﻭﻟﻜﻞٍّ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮ ﺗﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ
ﻭﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻣﻦ ﻧﺺِّ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ .ﻓﺠﻤﻠﺔ ‏(ﺗﻨﺎﺹ ﺍﻟﺒﺪﻭﺭ ‏) ﻟﻌﻞّ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﻟﺬﻱ
ﺃﺳﻔﺮ ﻋﻦ ﻫﺠﺮﻫﺎ ﺇﻳﺎﻩ ﻭﺍﺳﺘﺨﻼﺻﻬﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﺤﺒﻴﺐٍ ﻭﺍﺣﺪ؛ﻷﻧّﻬﺎ ﺗﺮﺍﻩ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﺸﻖ
ﺍﻷﺳﻤﻰ .
ﺛُﻢّ ﻳﺄﺗﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﻟﺔ ﻋﺒﺮ ﻭﺍﻭ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﻟﺠﻤﻞٍ ﺍﺳﻤﻴﺔ
ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﻭﺍﻟﺜﺒﻮﺕ ...
ﻭﺃﻧﺖ ﺃﻧﺖ ...
... ﺁﺧﺮ ﻣﻮﺍﺋﺪﻱ ﺍﻟﺸﻬﻴﺔ
ﻭﺁﺧﺮ ﺻﻴﻒ ﺍﻟﻌﻨﺎﻗﻴﺪ
ﻓﻲ ﻧﺒﻴﺬ ﺍﻟﺨﻮﺍﺑﻲ
ﻭﺁﺧﺮ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻟﻌﺬﺍﺭﻯ
ﺍﻟﺘﺎﺋﻬﺎﺕ ﻓﻲ ﻭﺩﻳﺎﻥ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ
ﻭﺁﺧﺮ ﺍﻷﻟﻢ ﺣﻮﺍﺀ
ﺎﻤﻛِ ﻫﻢ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻻﺳﻢ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﻯ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﻭﻫﻨﺎ ﻗﺪّﻣﺖ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ
ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ﺛﻢّ ﺃﻛﺪﺗﻪ ﻟﻔﻈﻴﺎً ﺑﻀﻤﻴﺮ ﺁﺧﺮ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻃﻠﻘﺘﻪ ﻋﻠﻰ
ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ .ﻭﻟﻔﻈﺔ ﺍﻵﺧﺮ ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﻜﻞّ ﻋﻨﻔﻮﺍﻥ ﺍﻟﺘﻀﺎﺩ ﻭﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ،ﻓﻼ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻵﺧﺮ ﺃﻥّ ﻫﻨﺎﻙ
ﺃﻭﻝ ﻭﺛﺎﻥٍ ... ﻗﺒﻠﻪ ﺑﻞ ﺍﻵﺧﺮ ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺎ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻌﻮﺩ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺗﻤﺨﻀﺖ ﻋﻦ ﺻﺮﺍﻉٍ ﺭﺑﻤﺎ
ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺃﻣﻮﺭ ﻛﺜﻴﺮﺓ .ﻓﻬﻲ ﺗﺼﺮﺡ ﺑﺄﻧﻪ ﺁﺧﺮ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺟﺪﺗﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻷﻟﻢ
ﻭﻳﺒﺪﺃ ﻣﻌﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎً ﺑﺸﻜﻞ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ .
ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺔ، ﻭﺁﺧﺮ ﺻﻴﻒ ﺍﻟﻌﻨﺎﻗﻴﺪ ،ﻭﺁﺧﺮ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻟﻌﺬﺍﺭﻯ، ﻭﺁﺧﺮ ﺍﻷﻟﻢ ....
ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻭﺍﺿﺢ ﻣﻦ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﺫﺧﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﻨﺎ ﻧﺤﻠٌّﻖ ﻓﻲ ﺧﻴﺎﻝٍ ﻧﺎﺿﺞ ﻭﻟﻐﺔٍ ﺷﺎﻋﺮﻳﺔ
ﺗﺤﻤﻞُ ﻛﻞّ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﻭﺍﻟﻄﻬﺮ . ﻭﻟﻔﻈﺔ ﺁﺧﺮ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺄﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻷﻥ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻛﺄﻧّﻪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻤﺤﺒﺐ
ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎﺕ ﻣﻮﺍﺳﻤﻪ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮﻕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺇﻟﻴﻪ .
ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻋﺪّﺓ ﻭﻗﻔﺎﺕ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮﺓ ﺃﻭﻟﻬﺎ :
...ﻣﻌﻚ
ﺃﻧﺎ ﺷﻬﻘﺔ ﺍﻟﺪﻳﺠﻮﺭ ﻳﻐﺘﺎﻟﻪ ﺍﻟﻔﺠﺮ
ﺃﺗﻤﺪﺩ ﺍﻧﺎ
ﺁﻩ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻛﺎﻟﺼﺮﺍﻁ
ﺃﻣﺸﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ،
ﻛﺘﺎﺑﻲ ﺃﺣﻤﻠﻪ ﺑﻴﺪﻱ
ﻳﺤﻮﻱ ﻋﻬﻮﺩﻱ،
ﺃﺣﻼﻣﻲ ﻭﺇﺧﻼﺻﻲ
ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﺔ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻈﺮﻑ ‏(ﻣﻌﻚ ‏) ﻟﺘﺮﺳﻢ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻃﺮﻓﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﺑﻬﺎ ﻓﻜﺎﻧﺖ
ﻫﻲ :
ﺃﻧﺎ ﺷﻬﻘﺔ ﺍﻟﺪﻳﺠﻮﺭ ﻳﻐﺘﺎﻟﻪ ﺍﻟﻔﺠﺮُ
ﻭﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻫﻞ ﻟﻠﻈﻼﻡ ﺷﻬﻘﺔٌ ﻳﻘﺘﻠﻬﺎ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻬﻘﺔ ﻋﺎﺷﻖ ﺑﻴﻦ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﻣﻌﺸﻮﻗﻪ ﻻ ﻳﺘﻤﻨﻰ
ﻟﻈﻼﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻓﻤﺎﺯﺍﻝ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﺗﺼﺎﻝ ﺭﻭﺣﻲِ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﺤﺐ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﺘﺒﻪ ﻟﻠﻔﺠﺮ ﻳﻘﺘﻞُ ﺣﻠﻤﻪُ
ﺑﺎﻓﺘﻀﺎﺡ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﻭﺍﻧﻌﻜﺎﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺪﺍﺭ ﺍﻟﻌﺮﻑ .
ﻭﺗﺮﺳﻢ ﻟﻨﺎ ﺻﻮﺭﺍً ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻧﺒﺴﺎﻁ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻭﺍﻧﺰﻳﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩﺍﺕ :
ﺃﺗﻤﺪﺩ ﺍﻧﺎ
ﺁﻩ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻛﺎﻟﺼﺮﺍﻁ
ﺃﻣﺸﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ،
ﻛﺘﺎﺑﻲ ﺃﺣﻤﻠﻪ ﺑﻴﺪﻱ
ﻳﺤﻮﻱ ﻋﻬﻮﺩﻱ،
ﺃﺣﻼﻣﻲ ﻭﺇﺧﻼﺻﻲ
ﺍﻟﻄﻮﻝ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺒﻪ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﻋﻈﻴﻢ ﺣﺒّﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻫﺎ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﻭﻓﻴﺔً
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻬﺪ، ﺛﻢ ﺗﺸﻈﻲ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﺍﻧﻘﺴﺎﻣﺎﺗﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﻓﻔﻲ ﻧﻔﺲ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﺘﻤﺪﺩ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﻭﺡ
ﺗﻤﺸﻲ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ،ﺗﺤﻤﻞ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ ﺑﻴﺪﻫﺎ ﻭﻫﻲ ﻣﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ،ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻋﻬﻮﺩ ﻭﺃﺣﻼﻡ
ﻭﺇﺧﻼﺹ ﻟﻠﻤﺤﺐ ؛ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺘﻪ ﻫﻲ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ...ﺻﻮﺭ ﻣﺘﺪﺍﺧﻠﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺈﻃﺎﺭ ﻋﺎﻡ ﻭﻫﻮ
ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻟﻠﻤﺤﺐ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ ... ﻭﻫﻨﺎ ﺗﻨﺎﺹ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺑﻴّﻨﺖ ﻓﻮﺯ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ
ﻭﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ‏(ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻷﻣﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ﻭﻋﻬﺪﻫﻢ ‏) ﻭﻗﻮﻟﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ‏( ﺇﻥّ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺆﻭﻻ ‏) ... ﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﺗﻌﻮﺩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﻟﺘﺼﻒ ﺣﺒّﻬﺎ ﻭﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻊ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ
ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﺘﺰﻝ ﻛﻞ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ﺍﻟﻮﺭﺩﻳﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺤﻂَّ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺑﻬﺎﺀ ﺍﻟﻌﺸﻖ .
ﻭﺃﻧﺖ ﺃﻧﺖ
ﺗﺨﺘﺰﻝ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ﺍﻟﻮﺭﺩﻳﺔ ﻛﻠﻬﺎ
ﻭﺧﺰﺍﺋﻦ ﺍﻹﺳﺮﺍﺭ ﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺑﻬﺎﺋﻲ
ﺛﻢّ ﺗﺄﺗﻲ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻈﺮﻑ ﻭﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺑﻨﻴﺖ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻀﺪ ﻛﻤﺎ ﺳﻮﻑ
ﻧﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻢ ﺍﻟﺮﺍﺋﻊ ﻣﻦ ﺳﻴﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺔ ﻭﻛﺄﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﺽٍ ﺳﺮﻳﺎﻟﻲ ﻳﺼﻮﺭ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﺸﻜﻞٍ
ﻣﺨﺘﻠﻒ
...ﻣﻌﻚ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻗﺒﻠﺘﻴﻦ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺷﻬﻘﺘﻴﻦ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﻘﺎﺀ ﺟﻔﻨﻴﻦ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺣﺰﻧﻴﻦ ...
ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﻧﺤﻦ ﺃﻣﺎ ﻫﺎﻟﺔ ﺿﻤﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺳﻤﺘﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﻛﺄﻧﻪ
ﻛﺎﺋﻦ ﺣﻲّ ﻟﻪ ﺣﻀﻮﺭ ﻗﻮﻱ ﺑﻴﻦ ﻗﺒﻠﺘﻴﻦ ﻭﻟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ .. ﺛﻢ
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﻬﻘﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﻫﻮ ﻳﺮﻯ ﺣﺎﻝ ﻣﺎﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺒﻠﺘﻴﻦ ﻭﺻﺮﺍﻋﻬﻢ ﺍﻟﺪﺍﻣﻲ ،ﻭﺍﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ
ﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﺔ، ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﺑﻨﻔﺲ ﺿﻤﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺣﻀﻮﺭﻫﺎ ﻗﻮﻳّﺎً ﻭﻣﺆﺛﺮﺍً ﻋﻠﻰ
ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻭﻫﻲ ﺗﺒﻴّﻦ ﻟﻨﺎ ﻣﺪﻯ ﻋﻈﻢ ﺗﻀﺤﻴﺎﺗﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻀﺪّﻳﻦ ﻭﻟﻢ ﺗﺴﺘﺴﻠﻢ ﺑﻞ ﺯﺍﺩﻫﺎ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻀﺎﺩ ﺗﻤﺴّﻜﺎً ﻭﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﻭﺍﻟﻮﺻﺎﻝ .
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺣﺸﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻯ
ﻭﺍﻟﺒﻐﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﺠﻮﻯ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻋﻘﺮﺑﻴﻦ
ﻓﻲ ﺍﺗﺠﺎﻫﻴﻦ ﻣﺘﻀﺎﺩﻳﻦ
ﻳﺰﻳﻨﺎﻥ ﺳﻤﺎﺋﻲ
ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﻟﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﺼﻮﺭﺓ ﻣﻔﺮﺩﺓ ﺑﻠﻐﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﻳﺔ
ﻣﻌﻚ ...
ﺍﻧﺄ ﺍﻷﻭﺭﺩﺓ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺨﻀﺮﺍﺀ
ﻭﺍﻷﻛﻒ ﺍﻟﺴﺨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﻃﺮﺓ
ﺃﻧﺎ ﺃﻃﺒﺎﻕ ﺍﻟﺰﻫﺮ
ﺃﻧﺎ ﺧﺪﻭﺩ ﺍﻟﻮﺭﺩ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮﺓ
ﺗﺠﺘﺎﺯﻧﻲ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺟﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩُ
ﻣﻌﻚ ...
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻮﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﺑﻌﺪ ﻭﻻﺩﺓ ﻋﺴﻴﺮﺓ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﺔ
ﺍﻧﺘﺸﻲ ﺑﻌﺒﻖ ﻣﺰﺍﻣﻴﺮ ﺍﻟﺸﻮﻕ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻨﺎﻱ ﺃﻏﻨﻲ ﺃﻏﻨﻲ ﻟﻴﺤﻠﻮ ﻏﻨﺎﺋﻲ
ﻣﻌﻚ ...
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻨﻮﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﺎﺋﺪﺓ
ﺍﻛﺘﺐ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ
ﻓﻮﻕ ﻛﻔﻲ ﻧﺪﺍﺀﺍﺕ ﻋﺎﺷﻖ
ﻷﻛﺘﺐ ﻓﻮﻕ ﺷﻔﺘﻴﻚ ﺻﻜﻮﻙ ﻭﻓﺎﺋﻲ
...
ﺧﺘﻤﺖ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﻠﺘﻬﺒﺔ ﻳﻐﻠﻔﻬﺎ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﻭﻳﺰﻳﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﺻﺎﻝ ....
ﺑﻌﺾ ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻲ
-1 ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻨﺜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻠﺘﺰﻡ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻋﻦ ﻏﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻮﻥ ﻣﻦ
ﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺷﻌﺮﺍً ﺣﺮّﺍ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ . ﻭﻓﻲ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻱ ﺇﻥ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﻨﺜﺮ ﺗﻮﻓﺮ ﻟﺸﺎﻋﺮﻫﺎ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﺪﻭﺣﺔ ﻟﻮ ﺻﺢّ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ
ﻭﺍﻹﺗﻴﺎﻥ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﺴﺘﺤﺪﺛﺔ ﻭﺟﻤﻴﻠﺔ . ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ
ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻜﺎﺩ ﻧﻘﺮﺃ ﻣﻘﻄﻌﺎً ﺇﻻ ﻭﻓﻴﻪ ﺻﻮﺭﺓ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﻠﻐﺔ ﺍﻻﻧﺰﻳﺎﺡ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ، ﺑﻞ ﺗﻜﺎﺩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺃﻥ
ﺗﻜﻮﻥ ﺻﻮﺭ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺻﻮﺭﺓ ﻛﺒﺮﻯ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ .
-2 ﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺃﻳﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ .
-3 ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﺍﻻﺳﻤﻴﺔ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻭﺍﻻﺳﻢ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ
ﺑﺈﻓﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﻭﺍﻟﺜﺒﻮﺕ ﺃﻋﻄﻰ ﺯﺧﻤﺎً ﺩﻻﻟﻴﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻟﻠﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ .
-4 ﻫﻨﺎﻙ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﺃﺭﺍﻧﻲ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻣﻨﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮﻫﺎ ﺃﻭ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺻﻴﺎﻏﺘﻬﺎ ﻣﺜﻼ :
ﺃ - ﻭﺁﺧﺮ ﺍﻷﻟﻢ ﺣﻮﺍﺀ ..
ﺏ- ﺗﺠﺘﺎﺯﻧﻲ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺟﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩُ ...
ﻭﻟﻌﻞّ ﻓﻬﻤﻲ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺻﺮﺍً ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﺠﻤﻠﺘﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﻟﻴﺲ
ﺇﻻ ...
-5 ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻘﺎﻃﻌﻬﺎ ﺑﻨﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻀﺪّ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ...
-6 ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻜﺲ ﺗﻤﻜﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﺣﺎﺓ ﻣﻦ
ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺪﺛﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﻨﺜﺮ ،ﻓﺘﺮﺍﻧﻲ ﻭﻗﻔﺖ ﻃﻮﻳﻼ ﺃﻣﺎﻡ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺼﻮﺭ :
ﺃﻧﺄ ﺍﻷﻭﺭﺩﺓ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺨﻀﺮﺍﺀ
ﻭﺍﻷﻛﻒ ﺍﻟﺴﺨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﻃﺮﺓ
ﺃﻧﺎ ﺃﻃﺒﺎﻕ ﺍﻟﺰﻫﺮ
ﺃﻧﺎ ﺧﺪﻭﺩ ﺍﻟﻮﺭﺩ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮﺓ
.......
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻮﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﺑﻌﺪ ﻭﻻﺩﺓ ﻋﺴﻴﺮﺓ
ﻛﻢ ﻫﻲ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﻫﻠﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺴﻢ ﺍﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻮﻕ ﺷﻔﺘﻲ ﺍﻷﻡ ﻭﻫﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻭﻟﻴﺪﻫﺎ
ﺳﺎﻟﻤﺎً ﻣﻌﺎﻓﻰ ....
ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ ﺃﻗﻮﻝ :ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺘﺤﻀﺮ ﻛﻞّ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻳﺬﻫﺐ ﻓﻲ ﻏﻴﺒﻮﺑﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ
ﻟﻴﺼﺤﻮ ﻛﻤﺎ ﺍﻟﻮﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﺨﺎﺽ ﻋﺴﻴﺮ ....
ﺗﺤﻴﺎﺗﻲ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮﺓ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺓ :ﻧﺎﻫﺪﺓ ﺣﻤﺎﺩﻩ
ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﺰﻋﻞ