يجلس بشرفة منزله في هدوء يرتشف بعضا من قهوته و يستمتع بتأملاته في هذا الفضاء الواسع حوله و لكن يقطع هذا الهدوء صوت رنين هاتفه .. يجيب هاتفه < ألو .. أهلا يا أبو حميد ازيك تصدق فعلا لحقت توحشني سبتك بقالي كام ساعه بس> .. فيأتي إلى مسامعه صوت ضحكات المتصل من الجهة الأخري و من ثم يجيبه : " أنا قلت بلاش أوحشك أكتر من كده بقي .. " .. <أبو حميد اتصالك مش مريحني .. عايز تحكيلي حاجة و مش عارف تبدأ أزاي مش كده > .. " يا أخي أنت علطول كاشفني كده من غير ما اتكلم .. عموما أيوه كنت عايز أحكيلك موضوع كده .. " .. <طيب أحكي يلا أنا سامعك > .. "فاكر البنت اللي كلمتك عنها من فترة .. كنت قايلك إننا مجرد أصحاب بس و بنتكلم من باب الزمالة مش أكتر .. " .. <أها فاكرها و فاكر إني قلتلك تبعد عنها و متحاولش تخلي علاقتك بيها تزيد عن مجرد أصحاب عشان هي بنت طيبة و كويسة و متستاهلش تتجرح منك .. > .. " ما هو أنا .. أصل يعني .. " و تاهت الكلمات بلسان المتصل فأجابه صديقه : < طالما مش عارف تتكلم كده يبقي عملت عكس اللي قلتلك عليه .. عموما احكيلي اللي حصل الأول و أنا هقولك رأيي في الأخر .. > .. " أنا قربتلها غصب عني .. حاجة فيها شدتني اسلوبها طريقتها المختلفة تفكيرها و نضجها اللي صعب تلاقيه في البنات اليومين دول و في نفس الوقت الطفلة اللي جواها .. لقيت فيها خلطة الصفات اللي أتمنيتها في البنت اللي هحبها .. قربنا من بعض و حبينا بعض بس بعد فتره بدأت تظهر بينا خلافات كتير و بقينا نتخانق كتير .. في فترة خناقتنا ديه في بنت تانية اتعرفت عليها و بقينا نتكلم كتير لحد ما أتعلقنا ببعض و دلوقتي أنا محتار بين الأتنين بحب الأتنين و مقدرش أستغني عن واحدة فيهم و عن وجود واحدة فيهم في حياتي .. أنا تعبت من التفكير في الموضوع ده .. قولي أعمل أيه .."
سكت صديقه قليلا ثم أجابه < أنت كل اللي هتعمله دلوقتي إنك تسمعني من غير ما تقاطعني .. أنت محبتش واحده فيهم .. أنت كل اللي عملته إنك ظلمت قلبين معاك ملهمش أي ذنب غير إنهم صدقوا حبك الوهمي ليهم .. أنت بس كنت عايز بالحب ده تعيش دور الدنچوان .. دور العاشق و الحبيب .. بس معرفتش تلعب دورك كويس في حياه شخص واحد بس .. أنت إخترت تلعب دور البطوله في قلبين مع بعض .. دورين صعب يلعبهم نفس الشخص في وقت واحد عشان أدائه كده هيخليه يفشل في الدورين .. أداء مصطنع .. ابعد عنهم يا صحبي و متجرحش فيهم أكتر من كده .. ابعد و أفتكر إن ليك أخت و هيبقي ليك أبنه و مترضاش ليهم حد يلعب بمشاعرهم كده .. >
سكت المتصل و لم يجب صديقه .. < أنا عموما هسيبك دلوقتي تراجع نفسك و تحكم عقلك و ضميرك .. يلا سلام يا صاحبي ..> و أنهي الشاب محادثته مع صديقه و عاد مرة أخري إلى قهوته و تأملاته .. تأملاته التي أُضيف إليها سؤال جديد بعد تلك المكالمة .. كيف من الممكن لقلوبهم أن تحمل حبا لأكثر من شخصا واحد و إن كانت مجرد مشاعر مزيفة .. كيف لهم أن يعيشوا هكذا .. و راح يرتشف قهوته و يردد : <كيف يعيشون هكذا .. كيف ؟!!! > ....