ﻫﺮﻭﺏ..بقلم الكاتبة دعاء طه- مجلة نجوم الأدب والشعر

# ﻫﺮﻭﺏ
ﺃﺻﻮﺍﺕ ﻷﻧﻔﺎﺱ ﻣﺘﻼﺣﻘﺔ ﺗﻤﻸ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ .. ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺍﺭﺗﻄﺎﻡ ﻗﺪﻡ ﺑﺎﻷﺭﺽ .. ﻗﺪﻡ ﺗﺮﻛﺾ ﻭ ﺗﺮﻛﺾ
ﻫﺎﺭﺑﺔ ﻣﻦ ﺷﺊ ﻣﺎ .. ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺸﺮ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺗُﺰﻳﺬ ﻣﻦ ﺳﺮﻋﺔ ﺭﻛﻀﻬﺎ .. ﺗُﺰﻳﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﺍﻟﻤﺘﻮﻟﺪ
ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ ..
ﺻﻮﺕ ﺍﺭﺗﻄﺎﻡ ﺑﺎﻷﺭﺽ ﻳﺘﺒﻌﻪ ﺷﻬﻘﺎﺕ ﺑﻜﺎﺀ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺠﺮﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺙ ﺑﻘﺪﻣﻬﺎ .. ﻭ ﻟﻜﻦ
ﺗﻠﻚ ﺍﻻﺻﻮﺍﺕ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺗﻘﺘﺮﺏ ﻭ ﺗﺴﻤﻌﻬﺎ ﺑﻮﺿﻮﺡ .. ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺗﻤﻸﻫﺎ ﺍﻟﺤﻘﺪ ﻭ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﺻﺮﺧﺎﺕ
ﻣﺮﻋﺒﺔ ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﺑﻐﻴﻆ ﻭ ﻛﺮﻩ ﺷﺪﻳﺪ ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺿﺢ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ .. ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺃﻧﺴﺘﻬﺎ ﺟﺮﺡ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻭ ﺟﻌﻠﺘﻬﺎ
ﺗﻨﻬﺾ ﻟﻠﺮﻛﺾ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺗﻨﻬﺾ ﻟﺘﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺣْﺸَﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻼﺣﻘﻬﺎ ﺧﻠﻔﻬﺎ .. ﻗﺎﻣﺖ ﺗﺮﻛﺾ ﻭ
ﺗﻜﺘﻢ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ ﺻﺮﺧﺎﺗﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺟﺮﺣﻬﺎ .. ﻇﻠﺖ ﺗﺮﻛﺾ ﻭ
ﺗﺴﻴﻞ ﺩﻣﺎﺋﻬﺎ ﺣﺘﻲ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﻘﻞ ﺳﺮﻋﺘﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﻭ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄﻗﺘﺮﺍﺏ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺸﻌﻪ ﺣﻮﻟﻬﺎ
ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ .. ﺧﺎﺭﺕ ﻗﻮﺍﻫﺎ ﻭ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺮﻛﺾ ﺃﻭ ﺣﺘﻲ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﻟﺘﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻼﺣﻘﻬﺎ .. ﺳﻘﻄﺖ ﻟﺘﺤﺎﻭﻃﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ .. ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﻣﺮﺍﺭﺍً ﻭ ﺗﻜﺮﺍﺭﺍ ًﻭ ﻟﻜﻦ
ﻗﻮﺍﻫﺎ ﺗﺨﺬﻟﻬﺎ .. ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ ﻟﺮﻏﺒﺔ ﺟﺴﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺮﺏ ﺃﻳﻀﺎ ﻭ ﻟﻜﻦ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻪ ﻫﻮ
.. ﻓﺄﻏﻤﻀﺖ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﻓﺎﻗﺪﺓ ﻟﻮﻋﻴﻬﺎ ﻫﺎﺭﺑﺔ ﻣﻦ ﺻﺨﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺣﻮﻟﻬﺎ
..ﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺘﺤﺖ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻧﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺳﺮﻳﺮ ﺻﻐﻴﺮ ﻣﻀﻤﺪﺓ ﺍﻟﺠﺮﻭﺡ ﻭ ﻳﺪ ﺣﺎﻧﻴﻪ ﻹﻣﺮﺁﻩ
ﻋﺠﻮﺯ ﺗﻤﺴﺢ ﻋﻠﻲ ﺷﻌﺮﻫﺎ ..ﻣﺎ ﺃﻥ ﺍﻧﺘﺒﻬﺖ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻻﺳﺘﻌﺎﺩﺗﻬﺎ ﻟﻮﻋﻴﻬﺎ ﺣﺘﻲ ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ ﻟﻬﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔ "ﺣﻤﺪﺍ
ﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲ ﺳﻼﻣﺘﻚ ﺑﻨﻴﺘﻲ ﻛﻨﺖ ﻗﻠﻘﺔ ﻋﻠﻴﻚِ ﻛﺜﻴﺮﺍً .. ﺭﺃﻳﺘﻚ ﺗﺴﻘﻄﻴﻦ ﻭ ﺩﻣﺎﺋﻚ ﺗﺴﻴﻞ ﻣﻦ ﺟﺮﻭﺣﻚ
ﻣﻦ ﺷﺮﻓﺔ ﻣﻨﺰﻟﻲ ﻓﻬﺮﻋﺖ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﻘﺎﺫﻙ ﺑﻨﻴﺘﻲ .. ﻭﺣﺘﻲ ﺗﺴﺘﺮﺩﻳﻦ ﻋﺎﻓﻴﺘﻚ ﺳﺘﻜﻮﻧﻴﻦ ﺿﻴﻔﺘﻲ " ..
ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔً ﻣﺘﻌﺒﻪ ﻭ ﻗﺎﻟﺖ - ﺷﻜﺮﺍ ﻟﻜﻲ ﻋﻠﻲ ﻟﻄﻔﻚ ﺳﻴﺪﺗﻲ -
" ﻻ ﺷﻜﺮ ﻋﻠﻲ ﻭﺍﺟﺐ ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻧﻚ ﻣﺘﻌﺒﻪ ﻭ ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺗﺴﻤﺤﻴﻦ ﻟﻲ ﺑﺴﺆﺍﻝ "
- ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺳﻴﺪﺗﻲ -
" ﻗﺒﻞ ﺳﻘﻮﻃﻚ ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻛﻀﻴﻦ ﻛﺄﻧﻚِ ﺗﻬﺮﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺷﺊ ﻣﺎ .. ﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺰﻟﺖ ﻷﺗﻔﻘﺪﻙ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻼﻣﺢ
ﻭﺟﻬﻚِ ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﺑﺎﻟﺨﻮﻑ .. ﻣﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﻬﺮﺑﻴﻦ ﺑﻨﻴﺘﻲ "
ﺗﻨﻬﺪﺕ ﺍﻟﻔﺘﺎﻩ ﺛﻢ ﺷﺮﻋﺖ ﻓﻲ ﺇﺟﺎﺑﺔ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﻤﻮﺟﻪ ﻟﻬﺎ ..
- ﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﺷﺊ ﻣﺠﻬﻮﻝ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ .. ﺗﻼﺣﻘﻨﻲ ﻫﺎﻟﺔً ﺳﻮﺩﺍﺀ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﺤﻘﺪ ﻭ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ .. ﻫﺎﻟﺔ
ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺪﺧﻠﻨﻲ ﻭ ﺗﺘﻤﻠﻜﻨﻲ ﻭ ﺗﻤﻸﻧﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻜﺮﻩ ﻭ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻸﻫﺎ .. ﻛﻨﺖ ﺃﺭﻛﺾ ﻫﺎﺭﺑﺔ
ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻨﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻲ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺧﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻠﻮﺙ ﺑﺴﻮﺍﺩ ﻟﻮﻧﻬﺎ ﻭ ﺷﺮﻫﺎ .. ﻭ ﻟﻜﻨﻲ ﻓﺠﺄﺓ ﻟﻢ ﺃﺷﻌﺮ
ﺑﺸﺊ ﺣﻮﻟﻲ .. ﻭ ﺃﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﻷﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻗﺪ ﻧﺠﺤﺖ ﺑﻬﺮﻭﺑﻲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺣﻘﻨﻲ ﺇﻟﻰ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮﻳﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ .. ﻫﺮﻭﺑﻲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﻨﺠﺢ ﻟﻮﻻﻙِ ﺳﻴﺪﺗﻲ
ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻟﻠﻔﺘﺎﺓ ﻭ ﻗﺎﻟﺖ
" ﻟﺴﺖ ﺃﻧﺎ ﻫﻮ ﺳﺒﺐ ﻫﺮﻭﺑﻚ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻬﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﺑﻨﻴﺘﻲ ﻭ ﻟﻜﻦ ﺑﻴﺎﺿﻚ ﻭ ﻧﻘﺎﺋﻚ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﺑﻰ ﺃﻥ
ﻳﺘﻠﻮﺙ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ .. ﻃﺒﻴﻌﺘﻚ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﺑﻨﻴﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺳﺨﺮﺗﻨﻲ ﻷﻧﻘﺬﻙ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ
ﻳﻼﺣﻘﻚ ..ﻓﻠﻮﻻ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺪﻓﻖ ﻭ ﻳﻨﺒﺾ ﺩﺍﺧﻠﻚ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﺖِ ﺃﻥ ﺗﻬﺮﺑﻲ
ﻣﻦ ﻫﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜﺮﻩ ﺗﻠﻚ .. ﻓﻤﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺤﻘﺪ ﻭ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﺳﻮﻱ ﺍﻟﺤﺐ ﻭ ﺍﻟﻨﻘﺎﺀ ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ
.. ﻓﻼ ﺗﺴﻤﺤﻲ ﻟﻨﻘﺎﺀﻙِ ﺃﻥ ﻳﺘﻠﻮﺙ ﻭ ﻻ ﻟﻠﺤﺐ ﺩﺍﺧﻠﻚ ﺃﻥ ﻳﻘﻞ ﺃﻭ ﻳﺘﻐﻴﺮ .. ﻻﻧﻬﻤﺎ ﺳﻴﻈﻼ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻫﻤﺎ
ﺳﺒﻴﻠﻚ ﻟﻠﻨﺠﺎﻩ ..