ﺗﺸﻌﺒﺖ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﺗﻤﺪﺩﺕ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻪ ﻭﺷﻐﻞ ﻭﻗﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻓﻴﻪ ﻓﺮﺍﻍ . ﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ
ﺷﻐﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﻗﻠﺒﻪ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺿﺒﺎﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺃﺭﻛﺎﻧﻪ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ
ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻬﺎ. ﻛﻠﻤﺎ ﻓﺮﺡ ﺍﻧﻘﺒﻀﺖ. ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺗﺘﻮﻫﺞ. ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﺗﻀﻲﺀ ﻭﻳﻠﺠﺄ
ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻟﻴﺘﻨﻔﺲ. ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺗﺴﻜﻦ ﻭﺗﻬﺪﺃ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻮﺟﻮﺩﻫﺎ. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ
ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ . ﻃﺮﻕ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺏ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻓﻔﺘﺤﺖ ﻟﻪ ﺯﻭﺟﺘﻪ. ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﻋﻦ
ﺳﺒﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻼﻣﺢ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻪ . ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ. ﺃﻏﻠﻖ ﺍﻟﺒﺎﺏ
ﻭﺗﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ. ﻓﺘﺤﺖ ﻟﻪ ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺭﺃﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﺿﺮﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﺗﺴﺄﻟﻪ ﺳﺮ
ﺣﺰﻧﻪ ﻭﺗﺒﺪﻝ ﺣﺎﻟﻪ . ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﻳﺒﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻫﺎ. ﺷﻌﺮﻩ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻭﻗﺎﻣﺘﻪ ﻣﻨﻌﺘﻪ.
ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺗﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺪﺙ. ﻛﺘﻢ ﺩﻣﻌﺎﺗﻪ ﻭﺧﺮﺝ ﻣﺴﺮﻋﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻃﻤﺄﻧﻬﺎ
ﻛﻲ ﻻ ﺗﺘﻌﺬﺏ ﺑﺴﺒﺒﻪ . ﺃﺧﺬﺗﻪ ﻗﺪﻣﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺃﻥ ﻳﺠﻠﺲ ﻓﻴﻪ ﻣﻊ
ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ . ﺍﺑﺘﻠﻌﺘﻬﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﻤﺎ ﺍﺑﺘﻠﻌﺖ ﺍﻟﻀﻐﻮﻁ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻻﻧﻄﻼﻕ.
ﺳﺄﻟﻪ ﺻﺒﻲ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﻋﻤﺎ ﻳﺸﺮﺏ . ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﻣﺤﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ . ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪ
ﺍﻻﻫﺘﺰﺍﺯ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻟﻴﻤﻮﻧﺎ ﺳﺎﺧﻨﺎ. ﺭﻏﻢ ﺗﻌﺠﺒﻪ ﻣﻦ ﻃﻠﺒﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ
ﺫﻫﺐ ﻟﻴﺤﻀﺮﻩ ﻟﻪ . ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻭﻟﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻈﺮﻩ ﻭﻣﻀﻰ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ.
ﺃﺧﺬﺗﻪ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻘﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺨﻄﻮﺍﺕ ﻭﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﺳﻮﻯ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﺩﺍﺧﻠﻪ .
ﻫﺪﺃﺕ ﺧﻄﻮﺗﻪ. ﺃﺧﺬ ﻳﻀﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻩ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﻌﻨﻒ.
ﻣﺎﺫﺍ ﺑﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻘﻠﺐ. ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﺤﺎﺻﺮﻧﻲ ﺍﻵﻥ . ﺃﻳﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﻌﺎﻭﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻤﻞ؟ ﻫﻞ ﺍﻣﺘﻸﺕ. ﺟﻠﺲ ﻣﺴﺘﻨﺪﺍ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﺋﻂ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻈﻠﻤﺔ
ﻣﻦ ﺷﺎﺭﻉ ﺟﺎﻧﺒﻲ. ﺗﺤﺮﻙ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﻨﺒﻀﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻓﺠﺮﺕ ﺩﻣﻮﻉ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻣﻦ ﻣﺪﺓ
ﻃﻮﻳﻠﺔ. ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﻗﺒﻀﺔ ﺻﺪﺭﻩ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺧﻔﻔﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻪ ﻗﻠﻴﻼ . ﺃﺳﺮﻉ
ﻳﻠﻤﻠﻢ ﻣﺸﺎﻋﺮﻩ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺳﻤﻊ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﺗﻘﺘﺮﺏ. ﺑﺪﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻙ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺕ ﻏﺎﺿﺐ
ﻳﺴﺄﻟﻪ: ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻔﻌﻞ ﻳﺎ ﻫﺬﺍ. ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ ﻣﺘﻠﻌﺜﻤﺔ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﺃﺟﺎﺏ ﺍﻟﺸﺒﺢ ﺍﻟﻐﺎﻣﺾ
ﺍﻟﻤﺨﺘﻔﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻼﻡ : ﻛﻨﺖ ﺃﻗﻀﻲ ﺣﺎﺟﺘﻲ