ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ
ﺟﻠﺲ ﻣﺴﺘﺮﺧﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺨﻮﺭ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺎﻃﺊ ﻣﻨﺒﻬﺮﺍ ﺑﻌﻨﻔﻮﺍﻥ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﺿﺠﻴﺞ ﺍﻷﻣﻮﺍﺝ
، ﻋﻴﻨﺎﻩ ﺗﺤﻮﻣﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﻖ ﻭﻏﺮﺑﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻷﻓﻖ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ، ﻭﻓﻲ ﺫﻫﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﺗﺴﺎﻉ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﻋﻤﻘﻪ
ﻭﺣﺮﻛﺘﻲ ﺍﻟﻤﺪ ﻭﺍﻟﺠﺰﺭ ﺷﺮﺩ ﺑﺄﻓﻜﺎﺭﻩ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝ ، ﻭﺗﺴﻠﻞ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺇﻟﻰ ﺑﺆﺭﺓ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ، ﺭﻏﻢ
ﺍﻟﺼﻤﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﻒ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠﻮ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻨﺘﺤﺐ ﻣﺬﻛﺮﺍ ﺇﻳﺎﻩ ﺑﻨﺤﻴﺒﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ
ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻞ ﻳﺆﺭﻕ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﻳﺤﺒﺲ ﺩﻣﻌﻪ ..
ﺷﺪ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻪ ﺗﻼﺣﻖ ﺍﻷﻣﻮﺍﺝ ﻭﺗﻼﻃﻤﻬﺎ ﺑﻘﺴﻮﺓ ﻭﻋﻨﻔﻮﺍﻥ ، ﺗﻌﺠﺐ ﻛﻴﻒ ﺗﺒﺘﻠﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺩﻭﻥ
ﻫﻮﺍﺩﺓ ، ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻴﻮﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺗﺘﺨﻠﻞ ﺻﺪﺭﻩ ﻓﺘﻨﺸﻂ ﺫﺍﻛﺮﺗﻪ ، ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻀﻰ ﻣﻌﻈﻢ ﺃﻭﻗﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺸﺎﻃﺊ ﻭﻋﻠﻰ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺼﺨﻮﺭ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻣﻴﺔ ﺣﻮﻟﻪ ، ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﺰﻣﻦ
ﺗﻮﻗﻒ ﻭﻟﻢ ﺗﺪﺭ ﻋﺠﻠﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﺗﺪﺭﺝ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮﻯ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺼﺒﺎ ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺣﺒﻪ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎﺯﺍﻝ
ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﺮﺣﻪ ، ﻭﺃﻏﻠﻖ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﻤﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﺗﺬﻛﺮ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ﻛﻴﻒ ﺿﺎﻋﺖ ﺃﻣﺎﻡ
ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻓﻲ ﻟﻤﺢ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻭﻗﺪ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺇﻧﻘﺎﺫﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﺣﺘﻀﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﺃﺑﺖ ﺃﻣﻮﺍﺟﻪ ﺃﻥ ﺗﺘﺮﻙ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺤﻀﻦ ، ﻭﻏﺎﺻﺖ ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻋﻤﺎﻕ ، ﺗﺴﺎﻗﻄﺖ ﺩﻣﻌﺔ ﺣﺎﺭﻗﺔ ﺍﻧﺘﺸﻠﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ
ﺛﻢ ﺯﻓﺮﺓ ﺣﺎﺭﻗﺔ ﻳُﺨﺮﺝ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ ﺁﻻﻡ ﺣﺒﻴﺴﺔ ﺑﻴﻦ ﺿﻠﻮﻋﻪ ،ﺗﺮﻧﻮ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺩﺍﻋﻴﺎ ﺍﻟﻠﻪ
ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ﺣﻮﺭﺍ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺃﻥ ﻳﺮﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺭ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﻤﻮﺝ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻳﺘﻮﻩ
ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ ﺳﺮﻣﺪﻱ ﺗﻀﻴﻊ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺨﻮﺭ ﻳﺘﺄﻣﻞ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﻭﺏ ﻭﺍﻟﻘﺮﺹ
ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﻭﻫﻮ ﻳﻐﻮﺹ ﺑﺒﻂﺀ ﻓﻲ ﻗﺎﻉ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻛﺄﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻋﺪ ﻟﻠﺤﺎﻕ ﺑﺤﺒﻴﺒﺘﻪ، ﻳﻮﻣﺊ ﺑﺮﺃﺳﻪ
ﺷﺎﺭﺩﺍ،ﻓﺠﺄﺓ
ﺗﻤﺮ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩﺓ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻼﻣﺢ ﺍﻟﺠﺬﺍﺑﺔ ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﻲ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﺑﺴﻮﺍﺩﻩ ﺍﻟﻠﻴﻠﻲ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻡ
ﺍﻟﻤﻤﺸﻮﻕ ،ﺍﻟﺪﻻﻝ ﻭﺍﻟﺨﻴﻼﺀ ﻫﺐ ﻣﻨﺘﻔﻀﺎ ﻭﺍﻗﻔﺎ ﻭﺭﻛﺾ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ ﻣﻨﺎﺩﻳﺎ ﺍﺳﻤﻬﺎ ،ﺍﻟﺘﻔﺘﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻋﻴﻨﺎﻫﺎ
ﺗﻠﻤﻊ ﻓﺮﺣﺔ ﻣﺪ ﻳﺪﻩ ﻣﺼﺎﻓﺤﺎ ﺻﺎﻓﺤﺘﻪ ﻋﺎﻧﻘﻬﺎ ﻋﺎﻧﻘﺘﻪ ﻭﻟﻢ ﺗﺒﺮﺡ ﺣﻀﻨﻪ ﺃﻏﻤﺾ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﻻ
ﺗﻐﻴﺐ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻋﻦ ﻧﺎﻇﺮﻳﻪ ﻭﺫﺍﺏ ﻓﻲ ﻣﺸﺎﻋﺮﻩ **********..