ﻓﻲ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺯﻭﺍﻳﺎ ﺍﻟﺤﺠﺮﺓ ﻳﻤﻜﺚ ﻣﻨﺬ ﺯﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻳﻠﻌﺐ ﺣﻴﻦ ﻳﻄﻴﺐ ﻟﻪ ﺍﻟﻠﻌﺐ
ﻭﻳﺼﺮﺥ ﺣﻴﻦ ﻳﻌﻀﻪ ﺍﻟﺠﻮﻉ ،ﻭﻫﻲ ﻭﺍﻗﻔﺔ ﻃﻮﺍﻝ ﻧﻬﺎﺭﻫﺎ ﺗﺮﻗﺒﻪ ﻣﻦ ﺧﻠﻒ ﺯﺟﺎﺝ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ..
ﺍﻷﻭﻻﺩ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﺷﺒﺎﺑﺎً ﻳﻘﺎﺳﻤﻮﻧﻬﺎ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻌﻨﺎﺀ ،ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﻌﺒﺚ ﺑﻬﻢ
ﻭﺑﺎﻷﻏﺮﺍﺽ ﻭﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ،ﻭﻫﻢ ﺻﺎﻣﺘﻮﻥ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ …
ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﻛﻞ ﻟﻴﻞ ﻳﺠﺘﻤﻌﻮﻥ ﺛﻼﺛﺔ ﻭﺃﻣﻬﻢ ﻳﺘﺴﺎﻣﺮﻭﻥ ﻗﻠﻴﻼً ﻭﻳﺒﻜﻮﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻓﺎﻟﻤﺮﺽ ﺃﺧﺬ ﻣﻦ
ﺃﺑﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﺃﺧﺬ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﺷﻴﺌﺎً ..
ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻳﺸﻖ ﻋﺒﺎﺀﺓ ﺍﻟﻠﻴﻞ ،ﺍﺳﺘﻴﻘﻆ ﺃﺻﻐﺮ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ،ﺭﺍﺡ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺠﺮﺓ ،ﻭﺣﻮﻝ
ﺍﻟﺒﻴﺖ ،ﺻﺎﺡ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻫﺮﻋﻮﺍ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻳﺒﺤﺜﻮﻥ .. ﻭﻭﺟﺪﻭﻩ ﺃﺧﻴﺮﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒﺐ ﻟﺪﻳﻪ
ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻀﻨﻴﻪ ﺍﻟﻤﺮﺽ ..
ﻭﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ ،ﺭﺍﺣﺖ ﺍﻷﻡ ﺗﺬﻳﻘﻪ ﺣﺒﻬﺎ ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ،ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺑﻬﺠﺔ ﻧﻔﺲ
ﻭﻓﺮﺣﺔ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ ﻟﺤﻈﺔ ﺑﻠﺤﻈﺔ..
ﻓﻌﺎﺩ ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﺼﺒﺎﺣﻴﺔ ﻭﻓﻨﺠﺎﻥ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﻭﻣﻌﻄﻔﻪ ﺍﻟﺒﻨﻲ ﺍﻟﻐﺎﻣﻖ ،ﻟﻘﺪ ﺧﻠﻌﻮﺍ
ﻋﻨﻪ ﻭﺷﺎﺡ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺭﻭﻳﺪﺍً ﺭﻭﻳﺪﺍً .. ﻭﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﻤﻮﻋﻮﺩﺓ ،ﺍﻷﺏ ﻭﺍﻷﻡ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ
ﺍﻟﻄﺒﺒﺐ ﻭﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ﻳﺄﺧﺬﻫﻢ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺍﻟﻤﻤﺘﺰﺝ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻤﺮ ﺟﻴﺌﺔ ﻭ ﺫﻫﺎﺑﺎً ..
ﻭﺍﺳﺘﻨﺎﺭﺕ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﺍﻷﻡ ﺑﺎﺳﻤﺔ ﺁﺧﺬﺓ ﺑﻴﺪ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻭﺗﺮﻛﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ..
ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﺳﺒﻘﺖ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ،ﺑﻜﻰ ﻭﺑﻜﺖ ،ﻭﺑﻜﻮﺍ ..ﻓﻠﻘﺪ ﺃﺫﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ
.. ﻟﻘﺪ ﻏﺎﺩﺭﻩ ﺍﻟﻤﺮﺽ ..
ﺃﺩﺭﻙ ﻟﺤﻈﺘﻬﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﺃﺳﻜﻨﻮﻩ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻃﻮﺍﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﺓ .. ﺣﻀﻨﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ..ﻗﺒّﻠﻬﻢ
..ﻭﻫﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨﻜﺒﻮﻥ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﻳﺪﻩ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ ﻗﺪ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﻣﻦ ﺭﺍﺣﺘﻬﻢ
ﻭﻟﻴﺎﻟﻴﻬﻢ ﻭﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺎﺗﻬﻢ ﻭﺻﻨﻌﻮﺍ ﻟﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﻴﺎﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻴﺤﻴﺎﻫﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻼ ﻣﺮﺽ ﻭﻻ ﺳﻘﻢ