ﻛﻌﺎﺩﺗﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺩﻟﻔﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻑ ﻟﻲ ﻛﺘﻌﺎﻗﺐ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ,، ﺍﺧﺘﺮﺕ
ﻟﺠﻠﺴﺘﻲ ﺭﻛﻨﺎ ﻣﻨﺰﻭﻳﺎ
ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺍﻷﻧﻈﺎﺭ، ﻛﻨﺖ ﺃﻭﺗﺮﻩ ﺇﺫ ﻳﺤﺠﺐ ﻋﻨﻲ ﺃﻧﻈﺎﺭ ﺍﻟﻔﻀﻮﻟﻴﻴﻦ , ﻭ ﺛﺮﺛﺮﺗﻬﻢ ،ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﺧﺎﻟﻴﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﺩ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ , ﻭ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﻗﻬﻮﺗﻲ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩﺓ ﻃﻔﻘﺖ
ﺃﺩﺧﻦ ﻭ ﺃﻧﺎ ﺃﺗﺼﻔﺢ ﺃﺣﺪﻯ ﺍﻟﺼﺤﻒ , ﻭ ﺃﻣﺮ ﺑﻨﻈﺮﺓ ﺧﺎﻃﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﻭﻳﻨﻬﺎ ﻭ ﺃﺧﺒﺎﺭﻫﺎ ،
ﻓﺠﺄﺓ ﺗﺒﺪﻯ ﻟﻲ ﻛﺎﺋﻨﺎً ﻏﺮﻳﺒﺎً ﻭ ﻛﺄﻧﻤﺎ ﺍﻧﺸﻘﺖ ﻋﻨﻪ ﺍﻷﺭﺽ ، ﺗﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮﻱ , ﻭ ﺃﺗﺨﺬ ﺩﻭﻧﻤﺎ
ﺍﺳﺘﺌﺬﺍﻥ ﺍ ﻣﺠﻠﺴﻪ ﻗﺒﺎﻟﺘﻲ. ﺃﺧﺪ ﺕ ﺃﺗﻄﻠﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻜﺜﻴﺮٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻳﺒﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﺟﺲ , ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ
ﻭﺟﻬﻪ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎً ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻋﺮﻓﻬﻢ . ﻭ ﻻ ﻫﻴﺌﺘﻪ ﺗﻤﺎﺛﻠﻬﻢ , ﻛﺎﻥ ﺃﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ
ﺑﺮﺟﻞ ﻗﺪﻡ ﻟﺘﻮﻩ ﻣﻦ ﻋﺼﺮ ﺳﺤﻴﻖ ﻳﺬﻛﺮﻧﻲ ﺑﺄﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻨﺖ ﺃﺭﺍﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺃﻭ
ﺍﻟﺒﺮﺍﻣﺞ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﺎﻫﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ. ﺍﻧﺘﺸﻠﻨﻲ ﻣﻦ ﺭﻳﺒﺘﻲ ﻭﻣﻦ ﺗﺪﺍﻋﻴﺎﺗﻲ
ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﺮﺥ ﺑﻮﺟﻬﻲ ﺑﺼﻮﺕ ﺯﺍﻋﻖ ﻛﺎﺩ ﺃﻥ ﻳﻜﺴﺮ ﻃﺒﻠﺔ ﺃﺫﻧﻲ :
_ ﻛﻴﻒ ﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﺠﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺷﻲ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺼﻌﻠﻮﻙ؟
ﻋﺪﺕ ﺍﻟﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﺃﺳﺄﻟﻬﺎ :
ﻋﺮﺵ! ﺃﻱ ﻋﺮﺵ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻪ؟ ﻭﺭﻏﻢ ﺗﺄﻛﺪﻱ ﺍﻟﻴﻘﻴﻨﻲ ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﺃﺟﻠﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻴﺲ ﺳﻮﻯ
ﻛﺮﺳﻲ ﻋﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻣﻘﻬﻰ ﺍﻋﺘﺪﺕ ﺍﻟﺠﻠﻮﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﻃﻴﻠﺔ ﺳﻨﻮﺍﺕ ، ﺇﻻ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺩﺭﺕ ﺭﺃﺳﻲ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺃﺗﻔﺤﺼﻪ , ﻭﺗﺮﻛﺖ ﻟﻴﺪﻱ ﺗﺘﻔﺤﺼﻪ، ﻭﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﻻ ﺇﺭﺍﺩﻳﺔ ﺃﻋﺪﺕ ﺍﻟﺘﻄﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻪ
ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻣﻼﻣﺤﻪ , ﺭﺃﻳﺖ ﺗﺎﺟﺎً ﻳﺘﺮﺑﻊ ﻓﻮﻕ ﺭﺃﺳﻪ , ﻳﺸﺒﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻴﺠﺎﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻳﺮﺗﺪﻳﻬﺎ
ﺃﻣﺮﺍﺀ ﻭﻣﻠﻮﻙ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺑﻌﺼﻮﺭ ﻣﺎﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ
ﻓﻜﺮﺕ: ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺻﺎﺩﻕ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ , ﻭﻻ ﻳﻨﻄﻖ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﻍ , ﻓﻬﻴﺌﺘﻪ , ﻭﺍﻟﺘﺎﺝ
.
ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻠﻞ ﺭﺃﺳﻪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﺍﻟﻐﺎﺑﺮﻳﻦ ، ﻭ ﻟﺮﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ
ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺟﻠﺲ ﻓﻴﻪ ﻋﺮﺷﺎً ﻟﻪ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﻣﻀﻰ ،
ﻭﺗﺨﻴﻠﺘﻪ ﻭﻫﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻣﻨﺬ ﻗﺮﻭﻥ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻠﻜﺎً ﻣﺘﻮﺟﺎً ﻣﺤﺎﻃﺎً ﺑﺠﻨﻮﺩﻩ ,
ﻭﺣﺎﺷﻴﺘﻪ ﻳﺄﻣﺮ ﻭﻳﻨﻬﻲ ,ﻳﻌﺎﻗﺐ , ﻭﻳﺜﻴﺐ , ﻭﻳﻘﺘﻞ ﻭﻳﻌﻔﻮ , ﺭﺣﺖ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻓﻲ ﺍﻓﻜﺎﺭﻱ ، ﻳﺎﺍﻟﻠﻪ ﻛﻢ
ﺷﻬﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻭﺗﻘﻠﺒﺎﺕ ﻭﺃﺷﺨﺎﺹ : ﺃﻣﺠﺎﺩ , ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﻭﻫﺰﺍﺋﻢ , ﻟﺤﻈﺎﺕ
ﺳﻌﺎﺩﺓ ﻭﺃﺧﺮﻯ ﺗﻌﺎﺳﺔ , ﻗﺘﻠﺔ , ﺿﺤﺎﻳﺎ , ﻣﻠﻮﻙ , ﺭﻋﺎﻉ.
ﻣﻦ ﻳﻀﻤﻦ ﻟﻲ ﺍﻵﻥ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺭﻛﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺷﺨﺺ ﺃﺧﺮ ﺃﻭ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺣﺮﻓﺘﻬﻢ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﻘﺘﻞ ، ﻓﻴﻘﻄﻌﻮﻥ ﺭﺍﺳﻲ ، ﺃﻭ ﻳﻄﺎﻟﺒﻮﻧﻨﻲ ﺑﺜﺄﺭ ﺃﺣﺪ ﺍﻗﺎﺭﺑﻬﻢ
ﺃﻭ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺍﻧﻨﻲ ﺍﻏﺘﺼﺒﺖ ﻋﺮﻭﺷﻬﻢ . ﺍﻧﺘﺸﻠﻨﻲ ﺍﺧﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﻟﺠﺔ ﺃﻓﻜﺎﺭﻱ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﻭﻫﻮ
ﻳﺰﻋﻖ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻲ ﺑﺼﻮﺕ ﻛﺎﺩ ﻳﻤﺰﻕ ﻃﺒﻠﺔ ﺃﺫﻧﻲ :
_ ﻫﻴﺎ.. ﺃﺧﻠﻲ ﻋﺮﺷﻲ ﻭﺇﻻ ﻓﻠﻦ ﺗﺠﺪ ﺭﺃﺳﻚ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪﻙ .
ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻲ ﺍﻻ ﺍﻥ ﺍﻃﻠﻘﺖ ﺳﺎﻗﻲ ﻟﻠﺮﻳﺢ ﻭﺍﻧﺎ ﻻ ﺃﺟﺮﺅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺧﻠﻔﻲ