المركز السابع مكرر قصة أنامل طفل 34.5 درجة للكاتبة أمال عبد الحفيظ / الجزائر
أنامل طفل
ذات صباح والشمس رمت أشعتها على الأرض وهي تبتسم متناسية ألما توغل إلى ثنايا قلبها المليء بحبها لأبناء الأرض الطاهرة، في تلك القرية الصغيرة على ضفة الحياة عاش "لؤي" الشاب الطموح كباقي أترابه سعيدا، وبرفقة زوجته وصغيريه يستنشق عطر الحرية المزين بضحكتهم. لكن هذه السعادة لم تستمر، بترتها أيادي الظلم لتهطل المآسي على سقف القرية لقد أسر شباب القرية، ورموهم في غياهب السجن دون محاكمة، هذا تسلط الجبن على شهامة الأبطال، سحبوا من نواصيهم، أمام أعين الكاميرات، ومنذ ذلك الوقت لم يسمع الشاب أي خبر عن عائلته، وقد أكل الشوق جدار قلبه المتلهف لسماع أخبارهم، كيف يصبر لحال فرض عليه عنوة فتوشح حزنه الأبكم، منتظرا فرج الله.
حاتم هو ابن لؤي الأكبر ذو العشر سنوات لم ييأس من سؤال أمه عن أبيه وهي يغشاها الصمت الأخرس، تعد له خبز التنور وتضيف له قطرات من زيت الزيتون كأنها تسقيه بركة الأرض الطاهرة وتؤنس خوفها برائحة التراب، وحاتم يطوف من حولها ويسألها:متى يعود أبي؟ هذا السؤال الوحيد الذي لم تجد الأم له إجابة غير السكوت، ثم تلف له الخبز وتخبره أن عليه فقط أن يهتم بدراسة لأنها ستذهب إلى الحقل، لقد تشققت يديها من صعوبة العمل، كل النهار تقضيه تجري خلف لقمة تسد بها رمق طفليها، لم ترض الإستسلام لوهن السغب الذي إقتات من جسدها النحيل،"حاتم "فكر كثيرا في غياب والده وسأل هل الأسر مرعب لدرجة كلما ذكره الجيران انسكبت الدموع من مقل أمي، فتسارع وتمسحها خوفا مني أن أراها. تنبه الطفل بذكاء أن الموضوع أخطر مما تصور، وقرر أن يسأل جده الذي تعوده حضنا للحنان، سأله بكل روية خوفا من سكوت يشل تفكيره مرة أخرى، فقط جدي أجبني ولا تترك الحيرة تؤرقني لماذا أسر أبي؟
اقترب حفيدي مني، حضنه بقوة والدمع يسد عينيه،أبوك أسر ظلما، وبقي يردد الله يأخذهم عنا الطغاة الجبناء.
وصل رجل طويل القامة أجعد الشعر، يرتدي ثوبا باليا، حذاؤه ممزق، يحمل أخبارا عن "لؤي"، اعذريني سيدتي اليوم وصلني خبر بأن الأوغاد سيعدمون زوجك، سقطت المرأة مغشية، ليسارع حاتم والدموع تحدوه يحمل حجرا احترق بلظى الرفض، أراد أن يفج رأس الظالم المستبد الذي يريد أن يحرمه من والده، سقط الطفل على الثرى، وتضوّعت مهجته روائح الجنّة، حينها ضموا نعشي الأب وابنه ورافقتهما الزغاريد، وأصوات التكبير، هنا على الأرض وبأنامل طفل سجل التاريخ صمود البراءة.
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::