مجلة نجوم الأدب و الشعر
مجلة نجوم الأدب و الشعر
مجلة نجوم الأدب و الشعر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجلة نجوم الأدب و الشعر

أدبي ثقافي فني إخباري
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الشيخ حسن... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي ـ مجلة نجوم الدب والشعر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سوزان عبدالقادر




عدد المساهمات : 11030
تاريخ التسجيل : 12/09/2015

الشيخ حسن... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي ـ مجلة نجوم الدب والشعر Empty
مُساهمةموضوع: الشيخ حسن... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي ـ مجلة نجوم الدب والشعر   الشيخ حسن... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي ـ مجلة نجوم الدب والشعر I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 26, 2015 7:53 pm

حرارة الشمس قد وصلت إلى شدتها لا يفصلها عن رؤوس المصلين خارج المسجد شيء. ربما كانت عقابا لهم على تأخرهم حتى الرمق الأخير من الخطبة فقط لصلاة الركعتين والعودة مع الظن بإتمام الفريضة. بدا على الجميع التأثر فبدأوا في التململ بحركات لا إرادية نابعة من ضعف إيمانهم وضيق أعصابهم.
أخيرا أنهى الشيخ حسن خطبته في المسجد الذي اشتهر باسمه والتي أطال فيها واستفاض بعدها في الدعاء حتى حتى بللت الدموع لحى من يفهم معنى الدعاء ويدرك شدة البلاء. قريبا من هذه الجموع أسفل كوبري الجامعة كانت تقف فتاة صغيرة لم تتعدى الثانية عشرة من عمرها. منذ أن بدأت الاستعدادات في المسجد لاستقبال المصلين قبل الصلاة بأكثر من ثلاث ساعات. كانت تستعد هي لشيء آخر تنفيذا لأوامر صارمة من أب لم تعلم إن كان يمت لها بصلة. وأم كل همها أن تحصل على ما تحضره أيا كان. على ما يجمعه اخوتها لتكون المحصلة في النهاية كافية للصرف على ملذاتها مع زوجها.
انتفض جسدها الصغير حين تذكرت وقع العصا التي ضربها بها الأب بلا أدنى رحمة حين لم تستطع الحصول على شيء الأسبوع الماضي. إن آثار تلك الضربات لا زالت باقية شاهدة على عنفها ودليلا على انعدام الرحمة لديه.
انها المرة الأولى التي تأتي فيها إلى هذا المكان بعد أن كاد المترددون على الموقع القديم يحفظون هيآتها المختلفة التي تتفنن أمها في ابتداعها. تارة ملابس ممزقة وأخرى رأس بلا شعر وجراح لا تفرق بين الوجه واليدين. المهم أن تبدو للرائي رقيقة الحال مقطوعة في الدنيا تستحق المساعدة. كان الدور هذه المرة على الملابس الممزقة لتجربة الموقع الجديد. مسجد كوبري الجامعة الشهير بالشيخ حسن الذي يأتي له المريدون من كل مكان. كما أن المنطقة المحيطة بالمسجد يبدو سكانها من أصحاب المال. بقي أن يضيفوا إلى ذلك قلوبا رحيمة لتكون النتيجة مضمونة.
ما أن سلم الإمام حتى أسرع كل صاحب تجارة لعرض بضاعته. في الوقت الذي أسرعت مجموعة من النسوة اللائي يرتدين ملابس بالية يحملن أطفالا لا يمكن أن يتعرف على ملامحهم أحد من شدة قذارتهم. معتقدات بذلك أنهن سوف يميلن القلوب ولو كانت قاسية.
لم تضيع الفتاة وقتا بل أسرعت بينهن لعلها تلحق بعض المصلين قبل أن يعرضوا احتجاجا على الطريقة المزرية التي تبد عليها أحوال تلكم النسوة. على الأقل فستانها كان ممزقا إلا أنه يبدو نظيفا إلى حد ما يمكن تمييز لونه الأصلي الأبيض. تخيرت رجلا تبدو عليه الهيبة والوقار. كذلك وهو الأهم ملامح الغنى. مدت يدها في استكانة تحمل كلماتها كل آلام حياتها القصيرة ممزوجا بالخوف من تلك العصا الشريرة. رق الرجل لحالها فمد يده في حافظة نقوده ليخرج لها ورقة مالية فئة الخمسة. لم تصدق نفسها. فهي المرة الأولى التي تحصل فيها على هذا المبلغ الهائل في نظرها. لم تسعها الدنيا من الفرحة فبدى في نظراتها بريق نصر وأشرق وجهها لتظهر من خلف تقاسيم الحزن ملامح جمال خفي يمكن أن ينصبها أميرة حسن على أقرانها على أقران عمرها.
تذكرت المهمة التي هي في هذا المكان من أجلها. دارت بعينيها بعد أن تخلصت بصعوبة من الزحام الذي أصاب المكان. كونت النساء دائرة حول ذلك الرجل الطيب تسألنه العطاء بعد أن رأين ما أخذته الفتاة. تأففت للحظات ثم أخذها الخيال بعيدا في قلب الزمن تستطلع الغد وترى نفسها واحدة من هؤلاء النسوة. ضائعة ملامحها تائهة ضحكتها ميتة كرامتها. ارتعدت أوصالها مرة أخرى فأسرعت تكمل مهمتها. اختارت هذه المرة شخصا يتباهى بسلسلة مفاتيح ذهبية يرتدي ملابس فخمة ويستند على سيارة يبدو شكلها مخيفا. توقعت أن يكون عطاؤه كبيرا لن يقل عن سابقه. ذهبت وكلها ثقة تحلم بخمسة أو ربما عشرة كاملة. لابد أن والدتها ستفرح كثيرا وربما أعطتها شيئا منه تشتري به حلوى تكاد تنسى مذاقها.
ابتسمت من أعماقها ومدت يدها. فوجئت بذلك الرجل ينظر لها باحتقار ثم يهز رأسه يمينا ويسارا. لم تيأس رغم مفاجأتها. جذبت القميص برفق متصورة أن هذا سيرقق قلبه. لكن دون أن تنتبه. وحدت يد ذلك الرجل تطير في الهواء ثم تهوي على وجهها مصحوبة بالسباب.
لم تتحمل عنف الضربة فهوت على الأرض صارخة لتنفتح يدها وتطير الخمسة. رغم الألم الرهيب الذي اجتاح رأسها إلا أنها أسرعت تطارد الورقة المالية فهو حمايتها والكائن الوحيد الذي يمكن أن ينقذها من تلك العصا. جاءت ريح قوية فحملت الورقة المالية وطارت بها. زادت سرعتها تحاول باستماتة اللحاق به. أرعبها رؤية النيل الذي ظهر فجأة. اقتربت. اقترب النيل. هدأت الريح. انعدم التكافؤ في الصراع. اقتربت على بعد خطوة من غريمها. هبت حركة ريحية دائرية سريعة فأخذت الورقة المالية وألقت بها في النيل.
انهدت الدنيا أمام عينيها. اسودت كل الألوان. ضاعت معالم. كل المعالم. لم تعد ترى سوى الورقة المالية سابحة فوق سطح النهر. وقفت حيث قفزت الورقة المالية. أغمضت عينيها ولحقت بها. كانت ابتسامتها مشرقة منيرة والورقة المالية بين يديها في منتصف المسافة بين البداية والنهاية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشيخ حسن... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي ـ مجلة نجوم الدب والشعر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻋﻴﻨﻴﻚ ... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي- مجلة نجوم الأدب والشعر
» أنت عمري ... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي ـ مجلة نجوم الأدب والشعر
» إنحراف... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي- مجلة نجوم الأدب والشعر
» ﻣﻔﺎﺭﻗﺔ ... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي- مجلة نجوم الأدب والشعر
» ﺿﻴﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺪﺭ... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي - مجلة نجوم الأدب والشعر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مجلة نجوم الأدب و الشعر :: ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻱ سوزان عبدالقادر-
انتقل الى: