مجلة نجوم الأدب و الشعر
مجلة نجوم الأدب و الشعر
مجلة نجوم الأدب و الشعر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجلة نجوم الأدب و الشعر

أدبي ثقافي فني إخباري
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 إنه في هذا الزمان... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي - مجلة نجوم الأدب والشعر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سوزان عبدالقادر




عدد المساهمات : 11030
تاريخ التسجيل : 12/09/2015

إنه في هذا الزمان... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي - مجلة نجوم الأدب والشعر Empty
مُساهمةموضوع: إنه في هذا الزمان... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي - مجلة نجوم الأدب والشعر   إنه في هذا الزمان... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي - مجلة نجوم الأدب والشعر I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 03, 2015 6:14 pm

لأول مرة في حياته يشعر بالحرية. تخلص من كل القيود والتقاليد البالية والأنفس المريضة والآهة المسيطرة والقلب المتألم. حتى الجسد الثقيل شعر به خفيفا كأنه زهرة رقيقة أطلت من بين وريقاتها تستطلع الحياة وتهب إلى النظر معاني الجمال الذي حملت سره. أغمض عينيه وهو محلق يتذكر من يحب. تلك التي كان موعده معها منذ لحظة مرت أو ربما أكثر أو أقل. أدرك حينها أنه قد تخلص من قيد الزمان أيضا فلم يعد للمقاييس الصغيرة أي قيمة كل شيء عند يده وكل أبواب الزمان قد فتحت له يخترق الهالة اللا وجودية التي تحجب البعد الآخر للخلق. شعر أنه يلج إلى مرحلة أعلى من الوجود. إنه الوجود في اللا وجود. إدراك ما تعجز عنه حواس الجسد. لكن بريق ضوء جعله يفتح عينه فتذكر أن القيد الأخير لا زال متمكنا منه. قيد الحياة. أذهلته صرخة باسمه. من يعرفه غيرها. هل تراها قد أتت؟ هل لا زالت على على عهد الهوى؟ كيف ولماذا تأخرت حتى الحادية عشرة.
حجبت الأصوات حركة ريحية أخذتها إلى حيث لا يعلم حتى ارتطم بالنيل بعنف وأخذ في اختراق عالم الأعماق. ظلمة من تحتها ظلمة. لم يجد بدا من الرحيل في أعماقه فعادت بها دنيا ذاته إلى ذلك اليوم الذى رأى عينيها فيه وهو تائه حائر لا يعرف كيف ستهل عليه شمس اليوم الجديد. لم يكن يعرف من أين هو آت ولا إلى أين يأخذه طريقه. الظلام يغلف كل شيء والأحلام الكبيرة تموت الواحد تلو الآخر حتى تضاءلت رغبة الحياة داخله.
رآها فشعر كأن يدا تمتد له وهو يصارع الموج يجهل العوم تخرجه إلى بر الأمان. زاد ارتباطه بها وشعر أن الدنيا قد أظهرت له الوجه الجميل للوجود حين بادلته حبا بحب فسما بها إلى عالم أوجداه في أرض الأحلام.
حتى كانت الصدمة الأولى برفض أهلها له. ليس من قلة مال يملك منه الكثير ولا لعائلة في عراقتها وذيع صيتها تكاد لا يضاهيها سوى عائلة الفتاة. الأمر يتعلق بما يشبه الثأر القديم بين الأسرتين والذي يحرم أي صلة عبر الأجيال. خلاف بدأ منذ أكثر من قرن من الزمان.
طلبت منه أسرته الابتعاد عنها مهددة إياه بمنع المدد. كما حذرت العائلة الأخرى فتاتها من مغبة الاستمرار في هذا الطريق.
صار لقاؤهما سرقة من العيون بعد أن كانا يتمنيان أن تعلم الدنيا كلها بحبهما. بحثا عن الحل. عرض عليها أن يرتبطا رغما عن الجميع. ترددت ثم بدا خوفها حين قررت ألا تفعل. كانت قد تمكنت منه تماما.
حانت منه حينذلك انتفاضة إلى خارج الماء استجمع لها كل قواه فارتفع بجسده كله في الهواء صارخا باسمها يريد أن يأخذها بين يديه. أن يشعر بالدفئ والأمان ولو مرة واحدة في حياته التي بدأ العد التنازلي لزمانها. عاد مرة أخرى إلى الماء وقد عكس ضوء كشاف بريقها دونا عن نقاط الماء التي انتشرت في كل جسده وتغلغلت في مسامه وتسرب بعضها إلى داخله. شعر بأنه يختنق فأغلق فمه قاتلا الصرخة التي كانت على وشك الإنطلاق. عاد إلى الظلام أكثر غضبا ورغبة في التخلص من هذا القيد الجديد الذي حرمه النطق باسم محبوبته.
عاد إلى ذلك اللقاء الدرامي الأليم في تاريخ حبه. حين التقى محبوبته في مكانهما المفضل وإذا بأسرتيهما تلتقيان. وكل قد أعد عدته لاختراق دفاعات الجانب الآخر يريد أن يلقنه درسا لا ينساه وأن يحسم الصراع الذي تحدى الزمن لصالحه. وقفا في منتصف الطريق كل منهما ينظر لعائلته. الغضب والترقب والرغبة المدمرة في افتراس الجانب الآخر تسيطر على الجميع. حينها لم تستطع الحفاظ على توازنخا وانهارت في البكاء. جثا على ركبتيه يستقبلها بين يديه قبل أن تسقط على الأرض. نظر إلى العائلتين والدمع في عينيه يسألهم عما يعرفونه عن ذلك الثأر الذي كان في زمن الأجداد. لماذا يظل الصراع مشتعلا كل هذه السنوات؟
لم يأبه أحد لحديثه بل هم المتحمسون منهم لبدء القتال. فاجأت الفتاة الجميع بالوقوف متثاقلة ثم التوجه ناحية أسرتها وعيونها معلقة بحب عمرها. قبض على يدها يستبقيها. حملت نبضاته رسالة ثائرة تدعوها للمقاومة. لكن... جذبها تيار الألم في اتجاه الغضب وذهبوا بينما هو واقف مكانه تتسرب من بين يديه الحياة.
طالت به الليالي وتمكنت منه كل شياطين العالم. تخيل أن دهرا مر عليه والحياة لم يعد لها معنى وليس لشيء قيمة. أي قيمة. أي قيم. أي وهم نحرص عليه ونجسده آلهة نعبدها دون أن ننطق بذلك. نحرم الاقتراب منها بل واختراق النور الذي يسقط عليها فيستحيل ظلاما. أي وجود للا وجود؟ أي وهم صنعته خيالات مريضة في ليال سقيمة فأصبحت عليه شمس عليلة جعلته حقيقة في عيون بلا بصيرة؟
أتاه مرسالها يدعوه للقاء. استرد نفسه للحظات وانطلق إلى حيث أرادت. تعجب للمكان ونظر إليها جالسة أمام قبر جدها والذي لا يبتعد كثيرا عن قبر جده. وجدها تسأله في مرارة ما ذنبهم ولماذا يتحملون وزر غيرهم؟ وأي قوى على وجه الأرضتهد وهما عمره مائة عام؟ أدرك أن حالها هو حاله. جلس بجوارها فارتمت في أحضانه تبكي. نظر في عينيها بعمق يغوص في أعماقها يستدعي قوتها الروحية وجرأتها. ابتسمت وأشرق وجهها وخرجت آهة محملة كل آلامها. ابتسم وأخذ أصابعها بين أصابعه ثم نظر إلى قبر جدها الجاثم في هدوء وسكينة فوق أحلامهما. انتفض غاضبا وسألها إن كانت على عهده. تعجبت لسؤاله ولم تجب. طلب منها أن يلتقيا اللقاء الأبدي الذي لا يستطيع أن يمنعهما منه أحد. لم تفهم مقصده حتى قال:
الرحيل إلى الزمن الآخر. الحياة في نعيم الحب عندما نصل إلى أرض الأحلام. ترك الدنيا بما فيها لمن فيها.
لم يشعر بها فجأة فالتفت إليها فوجدها تنظر إلى قبر جدها مستغرقة في التفكير. ظن أنها على دربه.
عادت قواه لتدفعه خارج الماء. لكنه لم يكد يظهر منه سوى عينيه ليرى فتاته فوق أحد المراكب. لم يرى غيرها ولم يسمع سوى صوت صراخها يخترق الماء. مد يده المرهقة في اتجاه صوتها المتعثر في الظلام والطبقات المائية المتزايدة.
اجتاحت صدره موجات جديدة تحتل مكان الهواء فيه وتطرد الحياة شر طردة وتقاوم بقوة وعنف الرغبة في الاستمرار. قاومت روحه في اللحظات الأخيرة.
تذكر حينها فتاته وهي تومئ له رافضة الموت. كيف صرخ وأخذ يهزها بشدة كأنما يريد أن يستخلص روحها.
كانت تجيبه بكلمات مقتضبة:
الموت ليس بحل. الموت هروب.
ذهبت واستمر هو جالسا أمام قبر جدها. تملكت منه الشياطين. عاد إلى منزله عاقدا العزم على مغادرة هذا العالم.
أرسل لها يطلب لقاءها عندما يأتي المساء في مكانهما المفضل على شاطئ البحر. أنذرها إن لم تأتي فلن تراه بعد اليوم.
رأى كأنما يتغير الماء. تنفصل جزئاته ويبرح كنهه. أحس أن جسده قد جف. ثم كأن نافذة قد فتحت في اللاوجود أطل منها كيان غريب من عالم آخر. انقض عليه. تلاشى الكيان وتلاقت الألوان وتلعثمت الكلمات واختلفت القوانين. همهمات وزفرات وطبقات تغلق وأخرى تفتح. أطياف بألوان قوس قزح ورياح بلا هواء وليل بغير ظلام.
وصلوا إلى جسده متأخرا. أخرجوه فارتمت على شفتيه تلثمهما تبحث عن روحه وتحادث قلبه. أغرقت طبقاته الشفافة دموعها الملتاعه. وغسلت نظرة الحزن المرتسمة خلف عيونه الغائرة مشاعر حزنها الجديدة والتي ولدت على حافة المستحيل الذي أصبح يفصل بين عالميهما. .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إنه في هذا الزمان... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي - مجلة نجوم الأدب والشعر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأمس ... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي-مجلة نجوم الأدب والشعر
» الشيخ حسن... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي ـ مجلة نجوم الدب والشعر
» ﺿﻴﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺪﺭ... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي - مجلة نجوم الأدب والشعر
» ﺿﻴﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺪﺭ... بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي - مجلة نجوم الأدب والشعر
» ﺣﺮﺏ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ...بقلم الكاتب المصري إيهاب بديوي _ مجلة نجوم الأدب والشعر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مجلة نجوم الأدب و الشعر :: ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻱ سوزان عبدالقادر-
انتقل الى: