ﻳﻮﻟﺪ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺠﻴﺘﻪ ﻭﻓﻄﺮﺗﻪ، ﻭﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺬﻯ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ : " ﻣﺎ ﻣﻮﻟﻮﺩ
ﺇﻻ ﻳﻮﻟﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﻓﺄﺑﻮﺍﻩ ﻳﻬﻮﺩﺍﻧﻪ ﺃﻭ ﻳﻨﺼﺮﺍﻧﻪ ﺃﻭ ﻳﻤﺠﺴﺎﻧﻪ " . ﻭﻫﻮ ﻛﺎﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ
ﺃﻥ ﺗﻨﻘﺶ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺃﺭﺩﺕ ﻭﺣﺴﺒﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪ . ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻓﻰ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﺍﻟﻤﺒﻜﺮﺓ ﺍﻥ ﻳﻤﻴﺰ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮ ، ﻭﺍﻟﺤﺐ ﻭﺍﻟﺤﻘﺪ ، ﻭﻻ ﺍﻟﺴﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻀﺮﺍﺀ ؛ ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻰ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﺓ ﻭﺑﻤﺮﻭﺭ ﺍﻟﻮﻗﺖ
ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻤﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻀﺎﺭ ﻭﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ، ﻭﺍﻟﺤﻠﻮ ﻭﺍﻟﻤﺮ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻟﻌﻘﻠﻰ ﻭﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻋﻨﺪﻩ . ﻣﻦ ﻫﻨﺎ
ﻧﺸﺄﺕ ﺍﻟﺮﻭﺿﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﻧﺎﺕ ﻭﺑﺪﺃﺕ ﻓﻰ ﺗﻠﻘﻴﻦ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺗﺤﺮﻳﻒ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻓﻰ
ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮﺓ ﻟﻴﺘﺴﻨﻰ ﻟﻬﻢ ﻧﻘﺶ ﺃﻭﻝ ﺣﺮﻑ ﺩﺍﺧﻞ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ، ﻭﺃﻭﻝ ﻧﺸﻴﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ، ﻭﺃﻭﻝ ﻛﻠﻤﺔ
ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎﻫﻬﻢ .. ﻭﺑﺎﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ، ﻭﻟﻔﻆ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸﻲ
ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻋﻘﻠﻪ ﻭﻗﺪﻣﻪ ﻟﻸﻣﺎﻡ ﻧﺤﻮ ﺍﻷﻓﻖ ﺍﻟﺮﺣﺐ ﻟﻴﺸﻖ ﺩﺭﺑﻪ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﻩ ؛ ﻻﻧﻪ ﻓﻰ ﺷﻬﻮﺭﻩ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻳﺮﻯ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ؛ ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺒﺼﺮ ﺷﻴﺌﺎً ، ﻭﺣﻴﻦ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺎﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻳﺒﺪﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﺘﻤﺎﻳﺰ ،
ﻭﻳﺒﺪﺃ ﻋﻘﻠﻪ ﺑﺎﻻﺷﺘﻌﺎﻝ ... ﻭﺗﺼﺒﺤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﻮﻃﻦ