ﻗﺼﺔ ﻗﺼﻴﺮﺓ.. بقلم الكاتب المغربي مصطفي بلقائد - مجلة نجوم الأدب والشعر

ﺛﻼﺙٌ ﻭﺛﻼﺛﻮﻥ ﻳﻮﻣﺎً ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﻌﻘَّﺒُﻬﺎ . ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ،ﻛﻨﺖُ ﺃﺭﺗﺪﻱ ﻣﻼﺑﺴﺎ ﻣُﻐﺎﻳﺮﺓ،ﻭﺃﺿﻊ ﻧﻈﺎﺭﺗﺎﻥ
ﺷﻤﺴﻴﺘﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ ﺑﺄﻣﺮﻱ .
ﻓﺄﻧﺎ ﻛﻨﺖُ ﻓﻲ ﺳﻠﻚ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ،ﻛﻤﺘﺤﺮٍّ ﺑﺎﻟﺰﻱ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ .ﻭﻭﺭﺩﺗﻨﺎ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺎﺑﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻨْﺸَﻂُ ﻓﻲ
ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ . ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻨﺎ ﺩﻟﻴﻞ ﻗﻮﻱ ﻹﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻬﺎ .
ﻭﻓﻲ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺎﺑﺔ ﺗﺮﺗﺎﺩ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ﺍﻟﻔﺎﺧﺮﺓ . ﻭﻛﻨﺖ ﺁﺧﺬ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻏﻴﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﻣﻦ
ﻃﺎﻭﻟﺘﻬﺎ .ﻭﺭﺃﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺗﻠﺘﻘﻲ ﺑﻨﺴﺎﺀ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﻦ ﻣﻦ ﻣﻼﺑﺴﻬﻦ ﺃﻧﻬﻦ ﻣﻦ ﺃﻭﺳﺎﻁ
ﺛﺮﻳﺔ . ﻓﻜﻦ ﻳﻘﻀﻴﻦ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺎﻭﺭ ﻭﺍﻹﺳﺘﻬﺰﺍﺀ ﻭﺍﻟﻨﺒﺶ ﺭﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺃﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ . ﺛﻢ
ﺣﻴﻦ ﻳﻨﺘﻬﻴﻦ ﻳﻐﺎﺩﺭﻥ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﺭﺍﺗﻬﻦ .ﻓﺄﻻﺣﻆ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﺗﺤﺐ ﺃﻥ ﺗﻌﻮﺩ ﻟﺒﻴﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ﻗﺪﻣﻴﻬﺎ . ﻭﻫﺬﺍﻛﺎﻥ ﻳﺴﻬﻞ ﻣﺄﻣﻮﺭﻳﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻘﺐ .
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺟﻠﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﺃﺭﺍﻗﺐ،ﻛﻨﺖ ﺃُﺷﻌﻞ ﻛﺎﻣﻴﺮﺍ ﻫﺎﺗﻔﻲ ﻭﺃﺳﺠﻞ ﻛﻞ ﺗﺤﺮﻛﺎﺗﻬﻦ . ﻟﻜﻦ
ﻟﻸﺳﻒ،ﻓﻄﻴﻠﺔ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻘﺒﺘﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻢ ﺃﻻﺣﻆ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺩﻱ . ﻓﺎﻟﺸﺎﺑﺔ ﻟﻢ ﺗﻠﺘﻖ
ﻭﻟﻮ ﻣﺮﺓ ﺑﺄﻱ ﺷﺨﺺ ﺫﻛﺮ .ﻭﻟﻢ ﺗﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻱ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺸﻜﻮﻙ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻩ .ﻓﻬﻲ ﺗﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ
ﻭﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻬﺎ ﻛﻜﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻟﻴﺴﺐ ﻟﻪ ﺃﻱ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻟﻺﺭﺗﻴﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻴﺮ .
ﻓﺮﻓﻌﺖُ ﺗﻘﺮﻳﺮﻱ ﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺑّﺨﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻏﺒﺎﻭﺗﻲ .ﻷﻧﻪ ﺣﺴﺐ ﻗﻮﻟﻪ،ﻓﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﺸﺎﺑﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺧﺎﻃﺌﺔ .ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻤﺸﻜﻞ ﻫﻮ ﺃﻧﻲ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻭﻥ ﺟﺪﻭﻯ .
ﻓﺎﺑﺘﻠﻌﺖ ﺍﻹﻫﺎﻧﺔ،ﻭﺗﺎﺑﻌﺖُ ﻣﻬﻤﺘﻲ . ﻭﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻳﺎﻡ،ﺍﺳﺘﻘﻠﺖ ﺍﻟﻘﻄﺎﺭ،ﻓﻘﻤﺖ ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ .ﻓﺘﻮﺟﻪ ﺑﻨﺎ ﺍﻟﻘﻄﺎﺭ
ﺇﻟﻰ ﻣﻄﺎﺭ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ .ﻓﺎﻧﺰﻭﻳﺖُ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻣﻜﻨﺔ ﻭﺷﺮﻋﺖُ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺗﺤﺮﻛﺎﺗﻬﺎ . ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ
ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﺴﺎﺀ،ﺃﻋﻠﻨﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ .ﻓﻠﻤﺤﺘﻬﺎ ﺗﺘﺄﻫﺐ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ
ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ . ﻭﺣﻴﻨﻪﺍ ﻋﻠﻤﺖُ ﺑﺄﻧﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﻣﻬﻤﺘﻲ ﻗﺪ ﺷﺎﺭﻓﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬﺎ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻦ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﻣﺠﺪﺩﺍ .ﻓﺴﺤﺒﺖُ
ﻫﺎﺗﻔﻲ ﻭﺃﺭﺩﺕُ ﺇﺧﺒﺎﺭ ﺭﺋﻴﺴﻲ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺣﻴﻦ ﻓﻮﺟﺌﺖ ﺑﺎﻟﺸﺎﺑﺔ ﺗﺴﺮﻉُ ﻧﺤﻮﻱ ﻭﺗﺪﻓﻊ ﻟﻲ ﻭﺭﻗﺔ . ﺛﻢ
ﻋﺎﺩﺕ ﺃﺩﺍﺟﻬﺎ ﻭﺍﺗﺠﻬﺖ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺓ .
ﻓﻀﻀﺖ ﺍﻟﻮﺭﻗﺔ ﺑﻴﺪﻳﻦ ﻣﺮﺗﻌﺸﺘﻴﻦ ﻭﻗﺮﺃﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ :
'' ﻳﺎ ﻏﺒﻲ ...!ﺭﺍﺟﻊ ﻋﻠﺒﺔ ﻛﺎﻣﻴﺮﺍ ﻫﺎﺗﻔﻚ .''!
ﻓﻌﺪﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻄﺎﺭ ﻟﻤﻨﺰﻟﻲ ﻭﺍﻹﺳﺘﻔﺴﺎﺭﺍﺕ ﺗﺘﻼﻃﻢ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻲ . ﻭﻟﻤﺎ ﺩﺧﻠﺖُ ﺑﻴﺘﻲ،ﻗﻀﻴﺖ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﻫﺰ
ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﺸﺎﻋﺪﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺠﻠﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ . ﻭﺃﺧﻴﺮﺍ ﻓﻬﻤﺖُ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻟﺖ
ﺑﺄﻧﻲ ﻏﺒﻲ .
ﻓﻬﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻤﻞ ﺣﻘﻴﺒﺔ ﻳﺪ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ .ﻭﺣﻴﻦ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ،ﺗﻀﻊ ﺍﻟﺤﻘﻴﺒﺔ ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻬﺎ .ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎﺀ،ﺗﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﺇﺣﺪﺍﻫﻦ ﺣﻘﻴﺒﺔ ﺍﻟﺸﺎﺑﺔ
ﺑﺤﻘﻴﺒﺘﻬﺎ . ﻭﺑﺎﻟﻔﻊﻝ،ﺑﺪﺍ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺮﻭﻳﺞ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ . ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ
ﻛﻦَّ ﺯﻭﺟﺎﺕ ﻷﺑﺎﻃﺮﺓ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ،ﻟﻜﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻻ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻳﺪ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ