ﻗﺼﺔ ﻗﺼﻴﺮﺓ.. بقلم الشاعر الكاتب المغربي مصطفي بلقائد- مجلة نجوم الأدب والشعر

ﺍِﻧﺘﻬﻴﺖُ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻲ ...ﺃﻧﺎ ﻗﻠﻤﺎ ﺃﺯﻭﺭ ﻣﻘﺮَّ ﻋﻤﻠﻲ؛ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻨﻮﺏ ﻋﻨﻲ ﻷﻥ ﻟﺪﻱ ﻣﻨﺼﺐٌ ﺁﺧﺮ ﺃﻫﺘﻢ
ﺑﻪ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺼﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﺿﻊُ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﻨﻮﺏُ ﻋﻨﻲ .ﺃﻣﺎ ﻋﻤﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺿﻌﻪ ﻧُﺼُﺐ ﻋﻴﻨﻲ ﻭﺃﻫﺘﻢ ﺑﻪ
ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻹﻫﺘﻤﺎﻡ ﻓﺄﻧﺎ ﻻ ﺃﺿﻊ ﻓﻴﻪ ﺃﺣﺪﺍ ﻳﻨﻮﺏُ ﻋﻨﻲ .
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣﺴﺎﺀ،ﻛﻨﺖُ ﺃﻗﻮﺩ ﺳﻴﺎﺭﺗﻲ ﻃﺮﺍﺯ ‏(ﺃﻧﻔﻴﻨﻴﺘﻲ ‏) ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺑﻴﻦ
ﻃﻨﺠﺔ ﻭﺍﻟﺮﺑﺎﻁ . ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻳﺘﻬﺎﻃﻞ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺣﻈﻲ ﻷﻧﻨﻲ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺮﺍﺕ ﻛﻨﺖُ ﺃﺗﻮﻗﻒ ﻓﻲ
ﺑﻌﺾ ﺣﻮﺍﺟﺰ ﺍﻟﺪﺭﻙ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺜﻴﺮ ﺿﻴﻘﻲ ﻭﻳﺆﺧﺮﻧﻲ ﻋﻦ ﻟﻘﺎﺁﺗﻲ ﺑﺄﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻭﺻﺪﻳﻘﺎﺗﻲ .
ﻭﻓﺠﺄﺓ،ﻭﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ،ﺭﺃﻳﺖُ ﺣﺎﺟﺰﺍ ﻟﻠﺸﺮﻃﺔ .ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎﻥ
ﺃﺣﺪ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﺑﻤﻌﻄﻔﻪ ﺍﻟﺒﺮﺍﻕ ﻳﻠﻮﺡ ﻟﻲ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻒ .ﻓﺘﻮﻗﻔﺖُ ﺑﺎﻣﺘﻌﺎﺽ . ﻓﺎﻗﺘﺮﺏَ ﻣﻨﻲ ﺭﺟﻞ
ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻭﺃﺩّﻯ ﺍﻟﺘﺤﻴﺔ . ﻓﺘﺤﺖُُ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﻭﻗﻠﺖُ :
ـ ﺃﻻ ﺗﻌﺮﻑُ ﻣﻦ ﺃﻛﻮﻥ؟ ...ﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﻗﺎﺣﺔ ﻹﻳﻘﺎﻓﻲ؟
ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺮﺙ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻟﻜﻼﻣﻲ؟ﻭﺣﺘﻰ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻠﻖ ﻧﻈﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻟﻮﺣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻗﻴﻢ ﻟﻴﻮﻗﻦ ﺑﺄﻧﻲ ﻣﻦ
ﺍﻟﺨﻮﺍﺹ . ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻲ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻗﺼﺪ ﺗﻔﺘﻴﺸﻬﺎ .ﻓﺎﺳﺘﺸﻄﺖُ ﻏﻀﺒﺎ ﻭﺻﺤﺖُ ﺑﻪ :
ـ ﻫﻞ ﺗﺮﻳﺪﻧﻲ ﺃﻥ ﺃﺗﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻘﺲ؟ ... ﻟﻌﻠﻤﻚ،ﺳﻮﻑ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺘﺼﺮﻓﻚ ﻫﺬﺍ ﻧﺘﺎﺋﺞ
ﺳﻠﺒﻴﺔ ...ﻓﺄﻧﺎ ﻫﻮ ...
ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﺑﺼﻮﺕ ﺟﺎﻑ ﻭﺛﺎﺑﺖ :
ـ ﻧﻌﻠﻢُ ﺫﻟﻚ،ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ...ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺗﺠﺒﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺨﺸﻨﺔ ...
ﻓﻔﺘﺤﺖُ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭﻧﺰﻟﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﻤﻴَّﺰُ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ . ﻓﺪﻟﻒ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭﺷﺮﻉ
ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻣﻌﺘﻤﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﺎﺭﻳﺔ ﻳﺪﻭﻳﺔ . ﺃﺟﻠْﺖُ ﺑﺼﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ، ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻱ ﺵﺀ
ﻟﻺﺧﺘﺒﺎﺀ ﺗﺤﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﺮ .ﻓﺴﺤﺒﺖ ﻫﺎﺗﻔﻲ ﻭﺭﻛﺒﺖُ ﺭﻗﻤﺎ ﻭﺍﻧﺘﻈﺮﺕُ . ﻭﻟﻤﺎ ﻭﺻﻠﻨﻲ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ،ﻗﻠﺖُ :
ـ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ...
ﻭﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﻧﻬﻲ ﻛﻼﻣﻲ،ﺃﺟﺎﺑﻨﻲ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ :
ـ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ،ﺩﻭﻥ ﺫﻛﺮ ﺃﺳﻤﺎﺀ ...ﻓﺄﻧﺖ ﻓﻲ ﻭﺭﻃﺔ ... ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﻫﻮ ﺯﻭﺟﺘﻚ ...
ﻓﻘﻠﺖُ :
ـ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻤﺎ ﺃﻗﻮﻡ ﺑﻪ .
ﻓﺼﺎﺡ ﺑﻲ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ :
ـ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺷﻴﺌﺎ ...ﺍﻟﻤﻬﻢ ...ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﻋﺮﻓﻚ ...ﻭﻻ ﺗﻔﻜﺮ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺗﻮﺭﻳﻄﻲ ﻣﻌﻚ ... ﺳﺘﻜﻮﻥ
ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻭﺧﻴﻤﺔ ﺇﻥ ﻓﻌﻠﺖَ ﺫﻟﻚ ...
ﻭﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﺟﻴﺐ ﺍﻧﻘﻄﻊ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ .
ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺛﻨﺎﺀ،ﺧﺮﺝ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻳﺪﻳﻪ ﺣﻘﻴﺒﺔ ﻳﺪﻭﻳﺔ
ﺻﻐﻴﺮﺓ،ﻭﺗﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺎﻋﺪﻩ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﺃﺟﺮﻳﺎ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻟﻢ ﺃﺳﻤﻊ ﻣﻨﻪ ﻭﻟﻮ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ .ﻭﺑﻌﺪ ﻫﻨﻴﻬﺔ،ﻋﺎﺩ
ﻧﺤﻮﻱ ﻭﻗﺎﻝ :
ـ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ،ﺃﻧﺖ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻲ،ﻭﺗﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ...
ﻓﻘﺎﻃﻌﺘﻪ ﺑﻠﺒﺎﻗﺔ :
ـ ﺃﻋﺮﻑ ... ﻟﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻬﻴﺮﻭﻳﻦ ﻫﻮ ﻣﻠﻚٌ ﻝ ...
ﻓﻘﺎﻃﻌﻨﻲ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻭﻗﺎﻝ :
ـ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ،ﺃﻧﺖَ ﻗﻴﺪ ﺍﻹﻋﺘﻘﺎﻝ ... ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻭﺷﻰ ﺑﻚ ...ﻭﻧﺤﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ ...
ﻓﻘﻠﺖُ ﺑﺎﺳﺘﻐﺮﺍﺏ :
ـ ﺇﺫﻥ ﺃﻧﺘﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻌﺮﻓﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺷﻲ ...
ﻓﺄﺟﺎﺑﻨﻲ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ :
ـ ﺃﻧﺖَ،ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ﻛﺒﺶ ﺍﻟﻔﺪﺍﺀ ...ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺭﺅﻭﺱ ﻛﺎﺩﺕ ﺃﻥ ﺗﺴﻘﻂ ...ﻟﻜﻨﻬﻢ ﺭﺃﻭﺍ ﺑﺄﻧﻚ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﻤﻨﻘﺬ ...
ﻓﺼﺤﺖُ :
ـ ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻟﻦ ﺃﺳﻜﺖ ...ﺳﺄﺷﻌﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ...
ﻭﻟﻢ ﺃﻧﺘﺒﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺇﺳﻌﺎﻑ ﻭﻧﺰﻝ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻤﺮﺿﻴﻦ ﻛﺄﻧﻬﻤﺎ ﺍﻟﺰﺑﺎﻧﻴﺔ . ﻓﺄﺧﺬﻧﻲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ
ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﺴﺎﻋﺪ ﻭﺃﺟﺒﺮﻭﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻮﺩ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻌﺎﻑ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﺳﻴﺎﺭﺗﻲ .
ﻟﻘﺪ ﻣﻀﺖ ﻟﺤﺪ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﻳﻮﻣﺎ ﻭﺃﻧﺎ ﻣﺴﺠﻮﻥ ﺑﺄﺣﺪ ﺍﻟﻤﺼﺤﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺨﺘﻠﻴﻦ . ﻭﻓﻲ ﻛﻞ
ﻣﺴﺎﺀ ﻳﺠﺒﺮﻭﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺮﻉ ﺃﺩﻭﻳﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ،ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺯﻟﺖُ ﻗﺎﺩﺭﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ . ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﻟﻦ ﺗﻄﻮﻝ