ﺃﻧّﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﺤﺰﻳﻦ ... بقلم الكاتب المصوي إيهاب بديوي - مجلة نجوم الأدب والشعر

ﺍﻧﺘﺰﻋﺘﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻧﻈﺮﺗﻬﺎ. ﻣﺴﺤﺖ ﺩﻣﻌﺔ ﻛﺎﺩﺕ ﺃﻥ ﺗﺠﺪ ﻟﻬﺎ ﺣﻈﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﺃﺭﻏﻤﺘﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﺩﻋﻬﺎ ﻏﺎﺿﺒﺔ ﺭﺑﻤﺎ. ﻇﻞ ﻣﻌﻠﻘﺎ ﻓﻲ ﺣﺒﺎﺋﻠﻬﺎ ﻣﺘﺎﺑﻌﺎ ﻟﻨﻈﺮﺗﻬﺎ ﺣﺘﻰ
ﻃﻮﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﺧﻄﻮﺗﻬﺎ ﻭﺫﻫﺒﺖ. ﻋﺎﺩﺕ ﺩﻣﻌﺘﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﻗﻮﻳﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻓﺎﻗﺘﺤﻤﺖ ﻋﺎﻟﻢ
ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺘﺬﻭﻕ ﻃﻌﻢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﺃﻏﻤﺾ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺣﺮﺍﻛﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﻳﻘﻈﺘﻪ ﻣﻦ
ﻏﻔﻮﺗﻪ ﻧﺴﻤﺔ ﺭﻗﻴﻘﺔ ﺭﺑﻤﺎ ﺃﺭﺳﻠﺘﻬﺎ ﻟﺘﺮﺣﻤﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ. ﻭﺿﻊ ﻛﻞ ﻫﻤﻪ ﻓﻲ ﻋﻠﺒﺔ ﻓﺎﺭﻏﺔ
ﻭﺟﺪﻫﺎ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻓﻘﺬﻓﻬﺎ ﺑﻘﺪﻣﻪ ﻟﺘﺬﻫﺐ ﺑﻌﻴﺪﺍ. ﻟﻮ ﺃﺭﺍﺩ ﻟﻬﺎ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ . ﻟﻜﻨﻪ
ﺇﻧﺴﺎﻧﻪ ﺍﻟﺨﻔﻲ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﻤﺨﺘﺒﺊ ﺧﻠﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻮﻁ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﻋﺎﻭﺩ ﺑﻨﻈﺮﻩ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺚ
ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻠﻜﺘﻪ. ﻻ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻀﻄﺮﺍ ﻟﻠﺮﺣﻴﻞ .
ﻣﺮﻏﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ. ﻟﻢ ﻳﺤﺰﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﺊ ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺎ ﻳﺮﺑﻄﻪ
ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﺳﻮﻯ ﻧﻈﺮﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﻌﺸﻖ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﻳﺤﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻨﻲ ﻧﻔﺴﻪ
ﺑﺎﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﻟﻴﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻳﻤﻠﻜﻬﺎ ﻧﻮﺭﺍ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ. ﻭﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﺻﺪﻫﺎ
ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺓ ﺣﻴﻦ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻥ ﺗﺤﺪﺛﻪ. ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ﺷﻮﻗﺎ ﻭﻟﻬﻔﻪ. ﻭﺣﺪﻳﺜﻪ ﺻﺪ ﻭﺟﻔﻮﺓ. ﻟﻢ
ﺗﻔﻬﻢ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ! ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﻐﺘﺎﻝ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻫﺒﺘﻬﺎ ﻟﻪ ﻟﻴﺒﺪﺁ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺨﻠﻮﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ.
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻭﺭ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ. ﻳﺤﻴﻞ ﻧﻮﻣﻪ ﻛﻮﺍﺑﻴﺴﺎ ﻭﻳﺴﺘﺒﻴﺢ ﻟﻴﻠﻪ
ﺳﻬﺮﺍ ﻭﺃﻟﻤﺎ. ﻛﺎﻥ ﻳﺨﺸﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﺮﺑﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ. ﺛﻢ ﺗﺄﺗﻲ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ
ﻟﺘﻨﺘﺰﻋﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﻠﻤﻬﻤﺎ ﻓﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﺮﺿﺎ ﻋﻼﺟﻪ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﺕ .ﻳﺨﺸﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ
ﺗﺘﺄﻟﻢ ﺃﻥ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ ﻓﻮﻕ ﺇﺭﺗﺒﺎﻃﻬﺎ . ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺭﺅﻳﺔ ﺩﻣﻌﺔ ﺣﺰﻥ ﺃﻭ ﻣﻼﻣﺢ ﻫﻢ ﺗﻐﻴﺮ ﻣﻦ
ﺗﻘﺎﺳﻴﻤﻬﺎ ﺍﻟﺮﻗﻴﻘﺔ ﻭﺗﺒﻌﺪ ﺇﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﺎ ﺍﻵﺳﺮﺓ . ﺣﺪﺙ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺨﺸﺎﻩ ﺣﻴﻦ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺳﻴﺮﺗﻬﻤﺎ
ﺗﻠﻮﻛﻬﺎ ﺍﻷﻟﺴﻨﺔ ﻭﺗﺮﺩﺩﻫﺎ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﺷﻤﺎﺗﻪ. ﻻﺑﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﻠﻤﺖ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻟﻢ
ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺗﻘﺘﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻧﻈﺮﺗﻬﺎ ﺃﺧﺬﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﺃﺑﻌﺪﺗﻪ ﻋﻦ ﻧﻴﺮﺍﻥ ﻧﻔﺴﻪ
ﺍﻟﻤﺸﺘﻌﻠﺔ ﻟﻠﺤﻈﺎﺕ. ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻﺑﺪ ﺧﺸﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺮﺗﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﻗﺘﺮﺑﺖ ﻣﻨﻪ ﻭﺗﺤﺪﺛﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺳﺮﺕ
ﻋﻨﻪ. ﺭﺑﻤﺎ ﺧﺸﻴﺖ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﻫﺎ. ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺣﺪﻳﺜﻬﺎ ﻟﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺳﻴﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻪ. ﻛﺎﻥ
ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻳﺒﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺠﻒ ﻣﻘﻠﺘﻴﻪ ﻭﻟﻮ ﻣﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ
ﺭﺟﻌﺔ. ﻟﻢ ﺗﻌﻄﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻭﺗﺤﻘﻖ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻷﻣﻞ. ﺗﺮﻛﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﻪ ﻇﺎﻟﻤﺔ ﻣﻊ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ. ﺇﻥ ﺃﺳﺮﺗﻪ ﺭﺍﺣﻠﺔ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻮﺩ ﻣﺴﺮﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻟﻴﺸﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﺣﻤﻞ ﺍﻷﻣﺘﻌﺔ
ﻣﺘﺤﻤﻼ ﻧﻈﺮﺍﺕ ﺍﻟﺸﻤﺎﺗﺔ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺍﻷﺳﻰ ﻭﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ. ﻫﻢ ﺑﺎﻟﺴﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻮﺩ
ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﻗﺮﺏ ﻣﻨﺰﻟﻬﺎ . ﻟﻜﻨﻪ ﺳﻤﻊ ﺻﻮﺗﺎ ﺭﻗﻴﻘﺎ ﻳﻨﺎﺩﻳﻪ. ﺇﻟﺘﻔﺖ. ﻟﻢ ﻳﺼﺪﻕ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﻋﺎﺩﺕ.
ﺇﺑﺘﺴﻢ. ﻫﻞ ﺭﻕ ﻟﻪ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻓﺠﺎﺀ ﻳﺴﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻳﻬﺮﺏ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻟﻤﻪ. ﺍﻧﺘﻈﺮ
ﻓﻲ ﻟﻬﻔﺔ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ. ﻟﻜﻦ ﺻﺪﻣﺘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﺿﻴﺔ ﺣﻴﻦ ﻧﻈﺮﺕ ﻟﻪ ﻣﺘﺄﻟﻤﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻨﻄﻖ. ﻣﺪﺕ
ﻳﺪﻫﺎ ﺑﺎﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺭﺳﻠﻪ ﻟﻬﺎ ﻣﺤﻤﻼ ﺍﻳﺎﻩ ﻛﻞ ﺣﺒﻪ. ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﻣﺤﺘﻔﻈﻪ ﺑﻪ . ﻧﻈﺮ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﻟﻤﻌﺖ ﺩﻣﻌﺔ ﻣﺤﺘﺮﻗﺔ ﻓﻮﻕ ﺇﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﻜﺴﺮﺓ. ﺍﺑﺘﺴﻢ. ﻟﻢ
ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﺩﻣﻌﺔ ﻫﺎﺭﺑﺔ ﻣﻦ ﺟﺤﻴﻢ ﻳﻐﺘﺎﻝ ﻗﻠﺒﻪ ﺗﺤﻤﻞ ﺁﻩ ﺍﻟﻢ ﻭﺻﺮﺧﺔ
ﺍﺳﺘﻐﺎﺛﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻟﻌﻠﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺪﺭﻛﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻔﻘﺪ ﺍﻟﻨﺒﺾ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﻛﻠﻤﺔ
ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻧﻄﻘﺖ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺭﺃﺗﻪ ﻳﻨﻬﺎﺭ: ﺳﺎﻣﺤﻨﻲ. ﺛﻢ ﺫﻫﺒﺖ ﻭﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻻﻳﺰﺍﻝ ﻓﻲ ﻳﺪﻫﺎ
ﺗﻌﻠﻖ ﻧﺎﻇﺮﻩ ﺑﻬﺎ. ﻟﻘﺪ ﻭﺩﻋﺘﻪ ﺃﺧﺬ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻘﺪﻣﻴﻪ ﻭﻻ ﻳﺮﻯ ﺃﺣﺪﺍ.
ﻋﺎﻟﻢ ﺧﻴﺎﻟﻲ ﺧﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻳﻐﺸﺎﻩ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻈﻼﻡ
ﻳﺨﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﺊ