قصة قصيرة ...بقلم الكاتب المغربي مصطفي بلقائد _ مجلة نجوم الأدب والشعر

ﺃﻭﻗﻔﺖُ ﺳﻴﺎﺭﺗﻲ ﻏﻴﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﺷﺎﺭﻉ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ . ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻗﺪ ﺗﺠﺎﻭﺯﺕِ
ﺍﻟﺤﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﻟﻴﻼ.
ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻲ،ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺿﻮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﻣُﻄْﻔَﺄَﺓً ﺇﻻ ﻣﻨﺰﻻ ﻭﺍﺣﺪﺍ. ﻭﺑﻌﺪ ﺑﺮﻫﺔ
ﺃُﻃﻔِﺌَﺖْ ﻣﺼﺎﺑﻴﺤﻪ .
ﻣﺮَّﺕْ ﺃﺭﺑﻊ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺣﻴﻦ ﻓُﺘِﺢَ ﺑﺎﺏ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻭﺧﺮﺝَ ﻣﻨﻪ ﺷﺨﺺٌ ﻣﺠﻬﻮﻝ ﻻ ﺗﻜﺎﺩُ
ﺗُﻤﻴِّﺰُﻩُ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﺟُﻨﺢ ﺍﻟﻈﻼﻡ . ﺃﺧﺬ ﻳُﺴﺮﻉُ ﺍﻟﺨُﻄﻰ ﺣﺘﻰ ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻦ
ﺳﻴﺎﺭﺗﻲ ﺛﻢ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻷﻳﻤﻦ ﻭﺻﻌﺪَ ﻭﺃﺧﺬ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺑﺠﺎﻧﺒﻲ.
ﺿﻐﻄﺖُ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﺖِ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻛﺎﻟﺴﻬﻢ.
...................................................................................
ﺭﻥَّ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ،ﻓﺎﺳﺘﻴﻘﻈﺖُ ﻏﺎﺿﺒﺎً. ﻣﺪﺩﺕُ ﻳﺪﻱ ﻭﺗﻨﺎﻭﻟﺖُ ﻫﺎﺗﻔﻲ ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ
ﻳﻜﻦ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﺮِﻥُّ.ﺛﻢ ﺍﻧﺘﺒﻬﺖُ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻟﺮﻧﻴﻦ .ﻟﻘﺪ ﻧﺴﻴﺖْ ﻋﺸﻴﻘﺘﻲ ﻫﺎﺗﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻔﺮﺍﺵ ﻭﻏﺎﺩﺭﺕْ ﻛﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﺳﺘﻴﻘﻆ. ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ،ﻇﻨﻨﺖُ ﺃﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺗﺘﺼﻞ
ﻟﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﻫﺎﺗﻔﻬﺎ،ﻓﻀﻐﻄﺖُ ﻋﻠﻰ ﺯﺭ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ .
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﺼﻞ ﺫﻛﺮ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﻴﺢُ ﺑﻐﻀﺐ:
ـ ﺃﻟﻮ؟ﺃﻟﻮ؟ ... ﻫﻞ ﺃﻧﺖِ ﺻﻤَّﺎﺀ؟
ﺍِﺳﺘﺠﻤﻌﺖُ ﻗِﻮﺍﻱَ ﻭﺃﺟﺒﺖُ ﺑﻠﻄﻒ:
ـ ﺍﻟﻤﻌﺬﺭﺓ ...! ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻥ ... ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻫﻲ ﺃﻧﻨﻲ ﻋﺜﺮﺕُ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ
ﺍﻟﺒﺎﺭﺣﺔ ﻣُﻠﻘﻰً ﺑﺎﻟﺸﺎﺭﻉ ...
ﻓﻘﺎﻃﻌﻨﻲ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻭﻗﺪ ﺳﻜﻦَ ﻏﻀﺒﻪ:
ـ ﺃﻧﺎ ﺯﻭﺝُ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ...
ﻓﻘﻠﺖُ ﺑﺠﺪﻳﺔ:
ـ ﺃﻳﻦ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺃﺟﺪﻙ ﻷُﻋﻴﺪﻩ ﻟﻚ؟
ﻓﺮﺩَّ:
ـ ﺳﺘﺠﺪﻧﻲ ﺑﻌﺪ ﻧﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﻬﻰ ‏( ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ‏) ... ﺍِﺗﺼﻞ ﺑﺮﻗﻤﻲ ﻋﻨﺪ ﻭﺻﻮﻟﻚ
ﻭﺳﺄﺗﻌﺮﻑ ﻋﻠﻴﻚ ...ﻭﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ،ﺷﻜﺮﺍ ﻟﻚ .
....................................................................................
ﺧﺮﺟﺖُ ﻣﺴﺮﻋﺎً ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﻲ ﻭﺻﻌﺪﺕُ ﻟﺴﻴﺎﺭﺗﻲ ﺛﻢ ﻗﺪﺕُ ﻓﻲ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺷﺎﺭﻉ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ
ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ. ﻭﻋﻨﺪ ﻭﺻﻮﻟﻲ،ﺭﻛﻨﺖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭﻫﺮﻋﺖُ ﻧﺤﻮ ﻣﻨﺰﻝ ﻋﺸﻴﻘﺘﻲ . ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻔﺼﻠﻨﻲ
ﻋﻨﻪ ﺇﻻ ﺧﻄﻮﺍﺕٍ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺣﻴﻦ ﺧﺮﺟﺖ ﻋﺸﻴﻘﺘﻲ. ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺭﺃﺗﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﻛﺎﺩ ﺃﻥ ﻳُﻐﻤﻰ
ﻋﻠﻴﻬﺎ.
ﻓﺎﺑﺘﻌﺪﺕْ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺒﻌﻬﺎ. ﻭﻟﻤﺎ ﺻﺮﻧﺎ ﺑﻤﻜﺎﻥ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻧﺎ ﺑﻪ
ﺃﺣﺪ،ﺻﺎﺣﺖ :
ـ ﻫﻞ ﺃﻧﺖَ ﻣﺠﻨﻮﻥ ﻟﺘﺄﺗﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ؟ ...
ﻓﻘﻠﺖُ:
ـ ﻟﻘﺪ ﻧﺴﻴﺖِ ﻫﺎﺗﻔﻚ ﻭﺍﺗﺼﻞَ ﺯﻭﺟﻚ ... ﻗﻠﺖُ ﻟﻪ ﺑﺄﻧﻲ ﻋﺜﺮﺕُ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺸﺎﺭﻉ ... ﻓﺠﺌﺖ
ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﻋﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﺳﻮﻑ ﺗﺠﻴﺒﻴﻨﻪ ﺇﻥ ﺳﺄﻟﻚ ﻋﻦ ﻫﺎﺗﻔﻚ.
ﺛﻢ ﺗﺮﻛﺘﻬﺎ ﻭﻋﺪﺕُ ﻟﺴﻴﺎﺭﺗﻲ.
....................................................................................
ﺑﻌﺪ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺭﺑﻊ ﺳﺎﻋﺔ،ﻭﺻﻠﺖُ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﻬﻰ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ. ﻭﻟﺠﺖُ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ
ﻭﺿﻐﻄﺖُ ﻋﻠﻰ ﺭﻗﻢ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﻭﺍﻧﺘﻈﺮﺕُ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺑﺤﺚ ﺑﻨﻈﺮﻱ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺰﺑﺎﺋﻦ ﺣﺘﻰ ﺃﺣﺪﺩ
ﻣﻜﺎﻧﻪ. ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺛﻨﺎﺀ ﺭﺃﻳﺖُ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻗﺼﻲ ﺷﺨﺼﺎً ﻳُﻠﻮِّﺡُ ﺑﻴﺪﻩ ﻧﺤﻮﻱ،ﻓﺎﺗﺠﻬﺖُ
ﻧﺤﻮﻩ. ﻭﺣﻴﻦ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺇﻻ ﺑﻀﻊُ ﺧﻄﻮﺍﺕ،ﻛﺪﺕُ ﺃﻥْ ﻳُﻐﻤﻰ ﻋﻠﻲَّ .ﻓﺼﺎﺡ ﺍﻟﺸﺨﺺ:
ـ ﻳﺎ ﻟﻠﻬﻮﻝ ...! ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ؟... ﺃﻧﺖَ ﻣﻦ ﻋﺜﺮَ ﻋﻠﻰ ﻫﺎﺗﻒ ﺯﻭﺟﺘﻲ!
ﺟﻒَّ ﺣﻠﻘﻲ ﻭﺍﺧﺘﻨﻖ ﺻﺪﺭﻱ ﺇﺫْ ﻟﻢ ﻳﻜﻦِ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺇﻻ ﺃﺧﻲ ﻣﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﺃﺭﻩُ ﻣﻨﺬُ
ﺳﻨﻮﺍﺕٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ