ﻛﻨﺖُ ﺃﻗﻮﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭﺃﻧﺎ ﺃُﺣﺲُّ ﻛﺄﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢٍ ﻣﻼﺋِﻜﻲ . ﻭﺑﺠﺎﻧﺒﻲ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﻠﺲُ ﺳَﻠﻮﻯ . ﻟﻘﺪ ﺍﻧﺪﻫﺸﺖُ
ﺣﻴﻦ ﺗﻮﻗَّﻔﺖُ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏِ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺩﻋﻮﺗﻬﺎ ﻟﻠﺼﻌﻮﺩ .ﻓﺼﻌﺪﺕْ ﻣﻦ ﻏﻴﺮِ ﺃﻥ ﺗُﺒﺪﻱ ﺃﻱ ﺍﻋْﺘِﺮﺍﺽ .
ﺍِﺳْﺘﺪﺭﺕُ ﻧﺤﻮﻫﺎ ﻭﻗﻠﺖُ ﻟﻬﺎ ﺑِﻠﻄﻒٍ ﻭﻗﺪ ﺃﺣﺴﺴﺖُ ﺑﺎﻟﻌﺮﻕ ﻳﺘﺼﺒَّﺐُ ﻣﻦ ﺟﺒﻴﻨﻲ :
ـ ﻫﻞ ﺗﺬﻛُﺮﻳﻨﻨﻲ؟
ﻓﻨﻈﺮﺕْ ﺇﻟﻲَّ ﺑﺈﻣﻌﺎﻥ،ﻭﻗﺎﻟﺖْ ﻓﻲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺩﺩ :
ـ ﻻ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻲ ﺃﺗﺬﻛﺮﻙ .
ﻓﻘﻠﺖُ ﺑﺤﻤﺎﺱ :
ـ ﺃﻧﺎ ...ﺃﻧﺎ ﺍﺑﻦُ ﺍﻟﺘﻴﺠﺎﻧﻲ ...ﺑﺎﺋﻊُ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ...ﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻨﺖِ ﺗﺴﻜﻨﻴﻦ ﻓﻴﻪ ...
ﻓﻘﺎﻟﺖ :
ـ ﻻ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺗﺬﻛَﺮ ...
ﺍِﺑﺘﻠﻌﺖُ ﺭﻳﻘﻲ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ،ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺭﺕُ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺔ . ﻭﻓﺠﺄﺓ،ﻕﺍﻟﺖْ ﺑﺼﻮﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻧﻴﺔ :
ـ ﻫﻞ ﺗﻌﺮﻑ؟ ...ﻓﻲ ﺻﻐﺮﻱ،ﻛﻨﺖُ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺃﺣﻠﻢ ...ﻓﺄﺭﻯ ﻧﻔﺴﻲ ﻭﺍﻗﻔﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺣﺪﻳﻘﺔ ﺧﻼﺑﺔ ﻭﻣﺰﺭﻛﺸﺔ
ﺑﺸﺘﻰ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻷﺯﻫﺎﺭ ... ﻭﻓﺠﺄﺓ،ﻳﻈﻬﺮ ﻓﺎﺭﺱ ﺃﺣﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻓﺎﺭﻫﺔ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﻭﻳﻘﻠﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ
ﺑﻌﻴﺪ ...
ﻓﻘﺎﻃﻌﺘﻬﺎ :
ـ ﻫﻞ ﺗﻌﺮﻓﻴﻦ؟ ... ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖُ ﺃﺣﺒﻚ ...ﻭﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﺑﻮﺡ ﻟﻚِ ﺑﺤﺒﻲ ... ﻭﻟﻤﺎ ﺭﺣﻠﺖِ ﻣﻦ
ﺍﻟﺤﻲ،ﻋﺰﻣﺖُ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻋﻤﻞ ﻭﺃﺟﻌﻞ ﻣﻨﻚ ﺯﻭﺟﺘﻲ ...
ﻓﺄﻃﻠﻘﺖ ﺿﺤﻜﺔ ﻫﻴﺴﺘﻴﺮﻳﺔ،ﻭﺿﺤﻜﺖُ ﺃﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ . ﺛﻢ ﺃﺭﺩﻓﺖُ ﻗﺎﺋﻼ :
ـ ﻓﺄﻧﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻋﻤﻞ ... ﻭﺑﺤﺜﺖ ﻋﻨﻚ ﻃﻴﻠﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﻭﺟﺪﺗﻚ ...
ﻓﻨﻈﺮﺕْ ﺇﻟﻲ ﻭﻗﺎﻟﺖ :
ـ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻤﻠﻚ؟
ﻓﻘﻠﺖُ :
ـ ﺃﻧﺎ ﺳﺎﺋﻖٌ ﻣﺄﺟﻮﺭ ﻋﻨﺪ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ...
ﻓﺼﺎﺣﺖ ﺣﺘﻰ ﻛﺪﺕ ﺃﻥ ﺃﻓﻘﺪ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﻭﻫﻲ ﺗﺮﺩﺩ :
ـ ﺗﻮﻗﻒ !ﺗﻮﻗﻒ ...! ﻟﻖﺩ ﺭﺃﻳﺖُ ﺃﻣﻲ ...
ﻓﺮﻛﻨﺖُ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻧﻈﺮ ﻳُﻤﻨﺔ ﻭﻳُﺴﺮﺓ ﻷﺣﺪﺩ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﻣﻬﺎ . ﻓﻬﺮﻭﻟﺖْ ﺳﻠﻮﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﺃﻧﺎ ﺃُﺗﺎﺑﻌﻬﺎ
ﺑﻨﻈﺮﻱ . ﻭﻟﺪﻫﺸﺘﻲ ﺭﺃﻳﺘﻬﺎ ﺗﺴﺘﻘﻞُّ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺃﺟﺮﺓ ﻭﺗﺨﺘﻔﻲ .
ﻭﻣﻨﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ،ﻭﺃﻧﺎ،ﻛﻠﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪﺗﻬﺎ،ﺃﺗﻌﻘﺒﻬﺎ،ﻓﺄﺭﺍﻫﺎ ﺗﺼﻌﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺎﺭﻫﺔ . ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻴَّﺮﻧﻲ ﻫﻮ
ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻘﻢ ﻭﻟﻮ ﻣﺮﺓ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﻣﻌﻲ . ﻓﻌﻮﺽ ﺃﻥ ﺗﻐﺎﺩﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖْ ﻭﺗﺨﺘﻔﻲ،ﻓﺈﻧﻬﺎ
ﻛﺎﻧﺖْ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﻣﻊ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺷﻘﻘﻬﻢ ﺍﻟﻔﺨﻤﺔ