ﻗﺼﺔ ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺎﺕ... بقلم الكاتب المغربي مصطفي بلقائد - مجلة نجوم الأدب والشعر

ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ
ـــــــ
ﻭﺻﻠﺖُ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻝ ﻣﻮﻛِّﻠﻲ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ .ﻛﻨﺖ ﺳﺄﻟﻐﻲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻟﻜﻨﻲ ﻗﺮَّﺭﺕُ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻡ ﺑﻬﺎ،ﻭﻓﻜَّﺮﺕُ ﺃﻥ
ﺳﺆﺍﻟﻴﻦ ﻛﺎﻓﻴﻴﻦ ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺃﻫﺮﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ.
ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭﺃﺳﺮﻋﺖُ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﻃﺮﻗﺘﻪ . ﻭﺑﻌﺪ ﻫﻨﻴﻬﺔ ﻓﺘﺤﺘﻪ ﺃﻡ ﻣﻮﻛِّﻠﻲ،ﻭﻟﻤﺎ
ﺭﺃﺗﻨﻲ ﺭﺣَّﺒﺖ ﺑﻲ ﻭﺩﻋﺘﻨﻲ ﻟﻠﺪﺧﻮﻝ؛ﻓﻬﻲ ﺣﻀﺮﺕْ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺘﺒﻲ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﺇﺑﻨﻬﺎ ﺣﻴﻦ ﻃﻠﺐ
ﻣﻨﻲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻨﻪ ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. ﻟﻢ ﺃُﻋﺮْ ﺃﻱَّ ﺍﻧﺘﺒﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎﺗﺎﻟﻤﻨﺰﻝ ﻷﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖُ
ﻓﻲ ﻋﺠﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻱ. ﻟﻜﻨﻲ ﻻﺣﻈﺖ ﺃﻥ ﺃﻡَ ﻣﻮﻛِّﻠﻲ ﻗﺪ ﺗﻐﻴَّﺮَ ﺷﻜﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﺭﺅﻳﺘﻲ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ. ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﻖﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺪﻭ ﺇﻧﺴﺎﻧﺔ ﺫﺍﺕ ﻭﻗﺎﺭ ﻭﺣﻴﺎﺀ ﻭﻟﻢ ﻳﻦ ﻳﻈﻬﺮ
ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻴّﺎﻫﺎ ﺃﻱ ﺯﻳﻨﺔ.ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻘﺪ ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﻴﻖ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﺍﺗﻬﺎ ﻭﺍﺛﻘﺔ
ﻭﺛﺎﺑﺘﺔ ﻭﻻ ﺗﻨﺒﺊ ﺑﺄﻱ ﺣﻴﺎﺀ ﺃﻭ ﻭﻗﺎﺭ. ﻓﻔﻜّﺮﺕ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﺔ ﻗﺪ ﺗﻌﺮّﻓﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ
ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺯﻭﺟﻬﺎ .
ﻋﺮَﺕْ ﻋﻠﻲَّ ﺃﻥ ﺗﻬﻲِّﺀ ﻱ ﺍﻟﺸﺎﻱ ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺭﻓﻀﺖُ. ﻓﺠﻠﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻐﺮﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﺩﺗﻨﻲ
ﺇﻟﻴﻬﺎ .ﻓﻠﻢ ﺃﻧﺘﻈﺮ ﻭﻗﻠﺖُ ﻟﻬﺎ :
ـ ﻟﻘﺪ ﺃﺗﻴﺖُ ﻷﻋﺮﻑ ﺭﺃﻳﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻣﺔ ﺳﻠﻤﻰ ...
ﻓﻀﺤﻜﺖ ﺑﺪﻻﻝ ﻭﻗﺎﻟﺖ :
ـ ﻳﺎ ﺃﺳﺘﺎﺫ ... ﺷﺒﺎﺏُ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ ﺃﺩﻧﻰ ﺧﺒﺮﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ...ﻓﺈﺑﻨﻲ ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﻛﻴﻒ
ﺍﻧﺠﺬﺏ ﺇﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﻉ ...ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺗﺪﺧﻞ ﻳﻮﻣﺎ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻧﻪ ... ﻭﻱ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﻨﺖُ
ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻥ ﻋﺎﻗﺘﻬﻤﺎ ﻟﻦ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺴﻼﻡ ...
ﻓﻘﺎﻃﻌﺘﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻐﺮﺍﺏ :
ـ ﻛﻴﻒ؟
ﻓﺄﺟﺎﺑﺖ ﺑﺼﺪﻕ:
ـ ﺗﻠﻚ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﺔ ﺃﺣﺴﺴﺖ ﻣﻦ ﻟﻘﺎﺋﻲ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻟﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ... ﻓﻤﻦ
ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻬﺎ ﻭﻃﻼﺗﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻈﻬﺮُ ﺃﻧّﻬﺎ ﺗﺠﺮﻱ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻓﻘﻂ.
ﻓﺼﻤﺘﺖْ،ﻓﺘﺪﺧﻠﺖُ ﻭﻗﻠﺖُ:
ـ ﻓﻲ ﺭﺃﻳﻚ ... ﻫﻞ ﺇﺑﻨﻚ ﺭﺷﻴﺪ ﺍﻥ ﻫﻮ ﺃﺏ ﺍﻟﺠﻨﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﻣﻼ ﺑﻬﺎ ... ﻓﻬﻮ ﺍﻥ
ﻳﻘﻀﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺷﻘﺘﻬﺎ ...
ﻓﺘﺮﺩﺩﺕ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺛﻢ ﻗﺎﻟﺖ:
ـ ﺃﻧﺎ ﺭﺑﻴﺖُ ﺇﺑﻨﻲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﻴﺪﺓ ﻭﺍﻣﺘﻨﻌﺖُ ﻋﻦ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ... ﻻ ﺃﻇﻦ ﺃﻥ ﺭﺷﻴﺪ
ﻫﻮ ﺃﺏ ﺍﻟﺠﻨﻴﻦ ...
ﻓﺴﺄﻟﺘﻬﺎ:
ـ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ؟ ... ﻓﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻤﻜﻦ ...
ﻓﺤﺮﻛﺖ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ ﻭﻗﺎﻟﺖ:
ـ ﺇﺑﻨﻲ ﻟﻦ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ... ﻓﻬﻮ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺫﻭ ﺃﺧﻼﻕ ﻭﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺤﺐ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ
ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ ... ﻓﻘﻂ ﻛﺎﻥ ﻳﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﻟﻴﺆﻧﺴﻬﺎ ...
ﻓﻘﻠﺖ ﺑﻨﺒﺮﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ:
ـ ﺭﺑﻤﺎ ﺃﻧﺖِ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻴﻦ ﺷﺒﺎﺏ ﺍﻟﻴﻮﻡ ... ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺱﺑﺔ ﻫﻞ ﻛﺎﻥ ﺇﺑﻨﻚ ﻳﺮﺳﻞ ﺭﺳﺎﺋﻼ
ﻟﺴﻠﻤﻰ؟
ﻓﻨﻈﺮﺕ ﺇﻟﻲَّ ﺑﺎﻧﺪﻫﺎﺵ ﻭﺃﺟﺎﺑﺖ :
ـ ﺇﺑﻨﻲ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ... ﻓﻬﻮ ﻳﺤﻔﻆ ﺍﻟﺴﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺁﻟﺔ
ﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ...
ﻓﺎﻧﺘﻬﺖُ ﻓﺠﺄﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻲ ﺳﺄﺗﺄﺧّﺮ ﻋﻦ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ،ﻓﻘﻤﺖُ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻲ ﻭﻗﻠﺖُ:
ـ ﺃﺷﻜﺮﻙ ﻋﻠﻰ ﺻﺮﺍﺣﺘﻚ ...ﻭﺳﺄﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻭﺳﻌﻲ ﻷﺧﻔﻒ ﻋﻦ ﺇﺑﻨﻚ ﻣﺪﺓ ﺳﺠﻨﻪ ...
ﻓﻘﺎﻣﺖ ﻭﻗﺎﻟﺖ:
ـ ﺃﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﺼﻴﺺ ﻣﻦ ﺃﻣﻞ ﻟﺘﺒﺮﺋﺘﻪ؟
ﻓﻘﻠﺖ ﺑﺤﺴﺮﺓ:
ـ ﺍﻷﻣﻞ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺃﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺏ ﺍﻟﺠﻨﻴﻦ ... ﻭﻫﺬﺍ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺤﻨﺎ ...
ﺛﻢ ﻭﺩَّﻋﺘﻬﺎ ﻭﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﻌﺪﺕُ ﺳﻴﺎﺭﺗﻲ ﺍﻧﺘﻈﺮﺕُ ﺑﺮﻫﺔ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻴﻤﺎ
ﺳﺄﻗﻮﻡ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ؛ﻓﺒﺪﺍ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺍﻷﻫﻢ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺃﻋﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﺍﻟﺒﻨﻜﻴﺔ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﻭﺃﺻﺎﺭﺣﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﻟﻤﺸﺘﺒﻪ ﻓﻴﻪ ﻓﻲ ﻗﺘﻞ ﺳﻠﻤﻰ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﺣﺘﻰ ﻳﺒﻮﺡ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
ﻋﻤﺎ ﻳﺴﺮﻩ . ﻭﺃﻧﺎ ﻟﺪﻱ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﺠﻌﻠﻪ ﻳﻌﺘﺮﻑ،ﻭﻣﻦ ﻟﻞ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﺳﺘﺒﻴَّﻦُ ﻟﻲ
ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺃﺏ ﺍﻟﺠﻨﻴﻦ . ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻬﺬﺍ ﺳﻴﻠﻘﻲ ﺿﻮﺃ ﺟﺪﻳﺪﺍ ﻋﻰ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ.
ﺷﻐَّﻠﺖُ ﺍﻟﻤﺤﺮِّﻙ ﻭﺍﻧﻄﻠﻘﺖُ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺮﺏ ﻣﺴﺠﺪ. ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻗﺘﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺳﻤﻌﻲ
ﺍﻟﺨﻄﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻣﺴﺘﻤﺮﺍ ﻓﻲ ﺧﻄﺒﺘﻪ. ﻓﺮﻛﻨﺖُ ﺳﻴﺎﺭﺗﻲ ﻭﺍﻧﻀﻤﻤﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺼﻠﻴﻦ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ﻳُﺘﺒﻊ
ــــــــــــــــــــــــــــ