ﻗﺼﺔ ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺎﺕ... بقلم الكاتب المغربي مصطفي بلقائد- مجلة نجوم الأدب والشعر

ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻋﺸﺮﺓ
ــــــــــ
ﻟﻢ ﺗﻤﺾِ ﺇﻻ ﻓﺘﺮﺓ ﻭﺟﻴﺰﺓ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻭﺻﻠﺖُ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ .ﺃﻋﻠﻤﻨﻲ ﺍﻟﺸﺮﻃﻲ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﺎﻹﺳﺘﻌﻼﻣﺎﺕ
ﺃﻥ ﺭﺭﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻳﻨﺘﻈﺮﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﻪ . ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﺇﻻ
ﻫﻮ؛ﺇﻧﻪ ﻳﻮﻡ ﺍﻷﺣﺪ،ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻷﻧﻈﺎﺭ .
ﻃﺮﻗﺖُ ﺑﺎﺏ ﻣﻜﺘﺒﻪ،ﺛﻢ ﺩﺧﻠﺖ . ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺭﺁﻧﻲ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻡ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﻭﺻﺎﻓﺤﻨﻲ ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻲَّ
ﺑﺎﻟﺠﻠﻮﺱ . ﻓﻘﻠﺖُ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺧﺬﺕ ﻛﺮﺳﻴﺎ :
ـ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ ﻳﺎﺭﺋﻴﺲ،ﻟﻮ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺪﺧﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﺃﻏﺎﺩﺭ .ﻓﺄﻧﺎ ﻟﺪﻱَّ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮﻩ .
ﻓﺎﺑﺘﺴﻢ ﻭﺃﻟﻘﻰ ﺑﺎﻟﺴﻴﺠﺎﺭﺓ ﻭﺳﺤﻘﻬﺎ ﺑﺤﺬﺍﺋﻪ .ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺷﺮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﺎﺋﻼ :
ـ ﺃﻇﻦُّ ﻳﺎ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻟﻦ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺠﺮﻳﻤﺘﻴﻦ ...ﻓﺒﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻳُﺪﺭﻙُ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪﻭﺭﻫﺎ ﺃﻥ
ﺗﺘﻮﺻﻞ ﻟﻤﻌﺮﻓﺘﻪ،ﻓﺴﻮﻑ ﻟﻦ ﻳﺘﻮﻗَّﻒ .
ﻓﻘﻠﺖُ ﺑﻌﺪ ﺑﺮﻫﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ :
ـ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﺍﻟﺪﺍﻓﻊ ... ﺇﺫ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﺷﺨﺺ ﺩﻭﻥ ﺃﻱِّ ﺩﺍﻓﻊ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ
ﻣﺠﻨﻮﻧﺎ ... ﻭﻓﻲ ﻛﻠﺘﺎ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺘﻴﻦ،ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻟﻴﻞ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺪﺍﻓﻊ .
ﻓﺮﺩَّ ﻋﻠﻲَّ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻭﺃﺳﺎﺭﻳﺮﻩ ﻣﺘﻮﺗﺮﺓ :
ـ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻀﺤﻴﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ...ﻓﻠﻘﺪ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﻛﻠﺘﺎ ﺍﻟﺸﻘﺘﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺎﻧﻲ ﻟﻢ
ﻳﺴﺮﻕ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ...ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﺤﻴّﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻫﻮ ﻛﻴﻒ ﻳﺪﺧﻞ ﻗﺎﺗﻞ ﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻩ
ﺃﺣﺪ ...ﻫﺬﺍ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻦ ... ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﻟﺤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻐﺎﺩﺭُ ﺑﺼﺮﻩ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺃﻭ ﻛﺒﻴﺮﺓ ... ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﻲ
ﻓﻜﺮﺕُ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﻞُّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ... ﻟﻜﻨﻲ ﺗﺮﺍﺟﻌﺖُ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ
ﻷﻥ ﻋﻠﻮ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ ... ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﺳﻠَّﻤﺎً ... ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ،ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻛﺪ
ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻩ ﺃﺣﺪ ﻣﺘﻠﺒﺴﺎ ﺑﻔﻌﻠﺘﻪ . ﻓﺎﻟﺠﺎﻧﻲ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻮﻫﻤﻨﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻹﺧﺘﻨﺎﻕ ﻧﺎﺗﺞٌ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯ،ﺛﺎﻧﻴﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ
ﻳﻮﻫﻤﻨﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻐﺎﺩﺭ ﺍﻟﺸﻘﺔ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ؛ﻭﻓﻲ ﻛﻠﺘﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ ﻓﺘﻤﻮﻳﻬﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻣﺤﻠﻪ . ﺃﻣّﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ
ﺗﺮﻛﻪ ﻵﺛﺎﺭ ﺃﻗﺪﺍﻡ،ﻓﻬﺬﺍ ﺷﻲﺀ ﻣﺬﻫﻞ ...
ﻓﻘﻠﺖُ :
ـ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ،ﻓﻬﻮ ﻳﻀﻊ ﺃﻛﻴﺎﺳﺎً ﺑﻼﺳﺘﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺪﻣﻴﻪ ... ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻲﺀ ﻟﻢ ﺗﻨﺘﺒﻪ ﺇﻟﻴﻪ
ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ... ﻓﺎﻟﺠﺮﻱﻣﺘﺎﻥ ﻣﻌﺎً ﻭﻗﻌﺘﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﺧﺬ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺟﺒﺔ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ؛ﻟﻜﻦ ﺭﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻘﻢ
ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ﻟﺘﺘﺄﻛَّﺪ ﻫﻞ ﺍﻟﻀﺤﻴﺘﻴﻦ ﺃُﻋﻄﻲَ ﻟﻬﻤﺎ ﻣﺨﺪِّﺭٌ ﻣﺎ ...ﻷﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ،ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺫﻭﺑﻨﻴﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ،ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻭﺍﺟﻬﺘﻪ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﻻ
ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺘﻐﻠُّﺐَ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺨﺪﺭﺓ،ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺨﻨﻘﻬﺎ .
ﻓﺄﺟﺎﺑﻨﻲ :
ـ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ،ﻫﺬﻩ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻭﻧﺤﻦ ﻟﻢ ﻧﻨﺘﺒﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ... ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻱ،ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺨﺪﻳﺮ ﻓﺴﻴﻜﻮﻥ
ﻗﺪ ﺗﻼﺷﻰ ﻣﻔﻌﻮﻟﻪ ﻭﻟﻦ ﻧﺠﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻱ ﺩﻟﻴﻞ ...
ﻓﻘﻠﺖُ ﻭﻗﺪ ﺗﺬﻛﺮﺕُ ﺷﻴﺌﺎ ﻏﺎﺏ ﻋﻨﻲ :
ـ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺸﺮﻃﺔ ﻋﻨﺪ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ .
ﻓﺄﺟﺎﺑﻨﻲ ﺑﺎﻧﺪﻫﺎﺵ :
ـ ﻧﻌﻢ،ﻧﻌﻢ،ﻟﻘﺪ ﺗﻐﺎﻓﻠﺖُ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﻛﺬﻟﻚ ... ﻛﺎﻥ ﺍﻷﺣﺮﻯ ﺃﻥ ﻧﺘﺘﺒﻊ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀﻧﺎ ﻣﻨﻪ
ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ...ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ،ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ،ﻳﻐﻔﻞ ﺍﻟﻤﺤﻘﻘﻮﻥ ﺃﺷﻴﺎﺀً ﻛﺜﻴﺮﺓ ...ﻭﺑﻌﻀﻬﺎ ﺭﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ
ﻳﺤﻞ ﻟﻐﺰ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ...
ﻓﻘﻠﺖُ :
ـ ﻓﻲ ﺭﺃﻳﻲ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺗﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻜﻢ ...ﻫﻞ ﺗﻌﺮﻑ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﺗﻴﺖ ...ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻜﺮﺓ ﺧﻄﺮﺕْ ﺑﺒﺎﻟﻲ ...ﻓﻲ
ﻛﻠﺘﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ،ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻣﺘﺄﻛﺪ ﺃﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺸﺘﺒﻪ ﻓﻴﻪ ﺃﺣﺪ،ﺳﻮﺍﺀ ﺣﺎﺭﺱ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ... ﻓﻬﻮ ﻳﺪﺧﻞ
ﻟﻠﻌﻤﺎﺭﺓ ...
ﻓﻘﺎﻃﻌﻨﻲ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻮﻫﻮ ﻳﺼﻴﺢ :
ـ ﻧﻌﻢ،ﻧﻌﻢ ... ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺗﻞ ﻳﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ،ﺃﻟﻴﺲ
ﻛﺬﻟﻚ؟
ﻓﺄﺟﺒﺖ :
ـ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ... ﻭﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺭﺁﻩ ﺍﻟﺤﺎﺭﺱ ﺃﻭ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ،ﻓﻠﻦ ﻳﺸﺘﺒﻬﻮﺍ ﻓﻴﻪ ...
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﺮِّﻙ ﺭﺃﺳﻪ :
ـ ﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ؟
ﻓﺄﺟﺒﺖ :
ـ ﺑﺴﻴﻂ ... ﻓﻬﻮ ﻳﻜﺘﺮﻱ ﺷﻘﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﻭﺷﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ... ﻭﺍﻟﻤﻬﻢ ﻫﻮ ﺃﻧﻪ ﻳﻌﺮﻑ
ﺍﻟﻀﺤﻴﺘﻴﻦ ...ﻓﺤﻴﻦ ﻳﻄﺮﻕ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ،ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻻ ﺗﺸﻚُّ ﻓﻲ ﻧﻮﺍﻳﺎﻩ ... ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﺮﺣِّﺐُ ﺑﻪ ﻭﺗﻘﺪﻡ
ﻟﻪ ﺍﻟﺸﺎﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ،ﻓﻴﺴﺘﻐﻞُّ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻓﻴﻀﻊ ﻟﻬﺎ ﻣﺨﺪِّﺭﺍ ﻓﻲ ﻛﺄﺳﻬﺎ ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻐﻴﺐ ﻋﻦ ﻭﻋﻴﻬﺎ
ﻳﺨﻨﻘﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺳﻬﻮﻟﺔ ... ﺛﻢ ﻳﻐﺎﺩﺭ ﺍﻟﺸﻘﺔ ﻭﻳﻌﻮﺩ ﻟﻰ ﺷﻘﺘﻪ،ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺸﺮﻃﺔ ﻭﻳﻌﻠﻤﻬﻢ ﺑﺄﻥ
ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﻼﻧﻴﺔ ﻭﻳﺬﻛﺮُ ﻟﻬﻢ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ ...ﺍﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻯ ﺑﺴﻴﻂ ...
ﺳﻜﺖ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻭﻫﻮ ﻳﻔﻜﺪ ﻭﻗﺪ ﺍﻧﻘﺒﻀﺖ ﺃﺳﺎﺭﻳﺮ ﺟﺒﻬﺘﻪ،ﺛﻢ ﻗﺎﻝ :
ـ ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﺒﺼﻤﺎﺕ؟ﺃﻭ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻷﻗﺪﺍﻡ؟
ﻓﻘﻠﺖُ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻧﻬﺾ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻲ :
ـ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﻘﺔ ﻫﻨﺎ ﻭﺷﻘﺔ ﻫﻨﺎﻙ،ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺳﺄﺷﺮﺡ ﻟﻚ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﺑﺼﻤﺎﺕ ﺃﻭ ﺁﺛﺎﺭ ...ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺗﺨﻤﻴﻨﻲ ﺻﺤﻴﺤﺎ ... ﻭﺍﻵﻥ،ﺃﻧﺎ
ﺳﺄﻗﻮﻡ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﻟﻠﻤﺪﻳﺮ ... ﻭﺳﻴﺪﻝّﻲﻧُ ﺣﺘﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ... ﻭﺃﻧﺖ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻚ،ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺎﻛﺘﺸﺎﻑ ﻣﻦ
ﻫﻮ ... ﻷﻧﻪ ﺍﻵﻥ ﻻ ﻳﺸﻚ ﻓﻲ ﺃﻧﻨﺎ ﺍﻗﺘﺮﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ...
ﻓﻘﺎﻝ :
ـ ﺳﺄﻃﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺗﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ .
ﻓﺼﺎﻓﺤﺘﻪ ﻭﻏﺎﺩﺭﺕُ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ . ﺛﻢ ﺻﻌﺪﺕُ ﺳﻴﺎﺭﺗﻲ ﻭﻗﺪْﺕُ ﻣﺘﺠﻬﺎ ﺣﻴﺚُ ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ .ﻭﺑﻌﺪ ﻭﻗﺖٍ
ﻳﺴﻴﺮ،ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻗﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﻣﺤﻞ ﺳﻜﻨﺎﻩ،ﺭﺃﻳﺘﻪ ﻭﺍﻗﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﻭﻫﻮ ﻳﻮﺩِّﻉُ ﺇﻣﺮﺃﺓ ﺑﻌﺪ
ﺃﻥ ﺃﺩﺧﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺃﺟﺮﺓ . ﻓﺮﻛﻨﺖُ ﺳﻴﺎﺭﺗﻲ،ﻭﻧﺎﺩﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﻧﺎﻓﺬﺗﻲ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻲ . ﺑﺼﺮﺍﺣﺔ،ﻛﻨﺖ ﺃﺭﻳﺪ
ﺃﻥ ﺃﺭﻯ ﻭﺟﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ،ﻟﻜﻦ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺍﻷﺟﺮﺓ ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﺴﺮﻋﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﻧﺰﻝ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺭﺗﻲ .
***********************